الوطن فوق الجميع

 
بات من الواضح أن الجميع يتكلم باسم الوطن والجميع يتحدث عن الثورة والمقاومة والكل يدعي باليد الطولى له في ذلك ، والحقيقة أننا جميعاً مواطنون في هذا الوطن الذي أثخنته الجراح ولنا حق كل الحق أيضاً أن نتألم جميعاً ، وهذا دليلٌ على حرصنا ووطنيتنا وحبنا لوطننا ، ولكن أليس هذا الحب والوطنية والحرص الزائد يمنحنا مساحة وفرصة طيّبة أن نتخلص من المناكفات والمماحكات السياسية التي أنهكتنا وأضعفت موقفنا ونتنازل عن احتكار الوطنية والنضال والوصايا على الآخرين وذمهم ومصادرة الآراء وحب الذات وأن نضع مصلحة الوطن فوق جميع المصالح ونلتقي على كلمة سواء مضمونها وهدفها الأساسي واحد إلّا وهو تحرير واستقلال أرض وشعب  الجنوب من ربق المحتل اليمني وبناء دولة جنوبية فيدرالية مدنية حديثة تستوعب الجميع بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم الجنوبية إلّا من أبى وشد وغرّد وحيداً خارج سرب الإرادة الشعبية الجنوبية التي حددت هدفها الذي ضحى في سبيله شعب الجنوب وقدّم قوافل من الشهداء والمعتقلين والمشردين ولم يزل يقدم بينما نجد هناك من لم يزل تستهواه المصالح والإغراءات وحب التسلّط وتغويه القيادة ويرى نفسه فوق الجميع وإلّا فما بال أولئك كلما تقارب الجنوبيون فيما بينهم نفروا وتمترسوا خلف مكوناتهم وسلطوا أقلامهم وألسنتهم وزبانيتهم فذموا وبالغوا حتى خيّل إلينا أننا حطينا الرحال وسط باب  اليمن بل في الطريق إلى طهران ، ما هذا أظن أن قضيتكم التي تناضلوا من أجلها أصبحت قضية أشخاص ولا علاقة لها بالقضية الوطنية الجنوبية طالما أنكم تسعون إلى إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء وتتهمون الناس ببيع القضية والاستسلام والارتماء في أحضان الغير وهلمجرا من الإدعاءات التي لأول لها ولا آخر ، نعم أنتم تريدون  بنا العودة إلى المربع الأول وإنتاج صراع المكونات من جديد ؟ إلى متى سنظل حبيسي فكر تلك المكونات ؟ التي باتت  طوال السنوات الماضية تتصارع فيما بينها فكلما خطونا خطوة إلى الأمام أعادونا خطوات إلى الخلف حتى أننا تفوقنا على أنفسنا في إنتاج صراع المكونات ، والآن بتم توزعون الاتهامات يمنة ويسرة ووضعتم على صدركم قلادة الإخلاص للوطن والحفاظ على مبادئ الثورة وهدفها الأسمى والبقية لا عهد لهم ولا ذمة وتابعون . 
يا أخوان دعوا عنكم هذا الشطط وهذه المغالاة ، فالوطن بحاجة ماسة لنا جميعاً دون استثناء خاصة في مثل هذا الظرف العصيب والأعداء يحيطون بنا من كل الاتجاهات ويسعون إلى تشتيت الجهود وتمزيق الصف الجنوبي ويستغلون الفرص ، وأنتم لا زلتم تعيشون خارج نطاق الواقع وتتكلمون عن وهم وتسوّقون بشغف كتابات المواقع والصحف الصفراء فمنكم من يبحث طوال ليله في مواقع التواصل وصفحات الصحف عله يجد ما يذم الانتقالي وآخر يشكك في دعوة الأخ الزبيدي ويؤولها بحسب المزاج وثالث عاشق متيم بعملية النسخ واللصق حتى وأن كشفت سوءته وجعلت منه مطية يمتطيها الأعداء ، آه الأعداء كلمة لم نعد ندرك حقيقتها ونميّز مكنونها في زمن تغيرت فيه المفاهيم وانقلبت القيم حتى أنهم باتوا يتلاعبون بنا كيفما شاءوا يشككوننا في أنفسنا وينسجون خيوطاً من الشك والريبة حول هاماتنا وأبطالنا حين وجدوا أكثرنا للأسف أوعية فارغة نتقبّل تفاهاتهم وتخرصاتهم دون تمحيص على أننا ماهرون ومبدعون في ممارسة السياسة نجيد العوم في دهاليزها لا تغيب عنا لا شارة ولا واردة عن ذم الانتقالي وتشويه صورته وكله يدخل في إطار السياسة ، أي سياسة هذه وأي حرص يمضي بنا إلى تفتيت اللحمة الجنوبية ويدخل قضية شعب الجنوب في حساب المجهول ، نعم ثمة هفوات رافقت عمل المجلس سواء كان في الطريقة التي تم من خلالها تشكيل المجلس أو حتى التعامل مع بعض القضايا ولكنها لا تؤدي بنا إلى الوقوف ضد المجلس وتشويه صورته ومشاركة الأعداء في حملتهم الشعواء ضد المجلس الانتقالي وكيل التهم لأعضائه ومناصريه 
هذا عمل لا يخدم القضية البتة ولا يليق بنا كجنوبيين نلتقي في هدف واحد ويجمعنا سقف واحد أن نسير في هذا الاتجاه ، ولا يحق لنا أن نحوّل معالجة الأخطاء والنقد إلى طريقة هدم وعرقلة ولنا عبرة في أناسٍ استثنوا من عضوية المجلس ولهم باع وذراع في ميادين الشرف والنضال ولكنهم يناصرون المجلس ويباركون خطواته وينتقدون هفواته بقصد التصحيح لا التجريح فهل لنا أن نقتدي بمثل أولئك المخلصين بالفعل للوطن والقضية ؟ !
 
بقلم - حسن عميران

مقالات الكاتب