من فكرة الإحتجاج الى فتنة الانقلاب

المقدمة:

يتداول الناس هذه الأيام عبر برامج التواصل الاجتماعي فيديو به بعض الأشخاص يتحدثون عن وثيقة هدنة يطلبونها من الشرعية اليمنية في اليمن، و يطالب الفيديو بوقف الحرب و فرض هدنة لمدة ثلاثة اشهر، و تروج قناة الجزيرة لهذا الفيديو و هذه الهدنة.

و يقول احد المتحدثين في هذا الفيديو: "انصر أخاك ظالما او مظلوماً"، و آخر يقول "لا غالب و لا مغلوب"، و كأنهم لا يعرفون ان سبب الحرب إنقلاب قامت به مجموعة بسيطة من أهل اليمن الذي يعتنقون المذهب الإمامي (الإثنى عشري)، و نسبتهم في اليمن لا يتعدى 2% ضد الحكومة الشرعية.

فمن هو أخاك الذي تريد ان تنصره؟ الانقلابي ام الحاكم الشرعي؟ و كيف تعطي للمنقلب على الشرعية و على 98% من سكان البلاد صفة لا غالب و لا مغلوب. النوايا الطيبة نحترمها، و لكن إغفال الحقائق تثير شجوننا.

 

الموضوع:

على اهل وثيقة الهدنة أن يعرف ان أطراف الحرب في اليمن ثلاثة فقط و هم:

1) أنصار الله: هم من قاموا بإنقلاب على السلطة الشرعية، و أحتلوا صنعاء و مقدرات الجيش بمساعدة الرئيس الهالك علي عبدالله صالح، و أحتجزوا الرئيس الشرعي للبلاد و ارادوا قتله، و هرب الى عدن، و وصلوا الى عدن، و عاثوا في البلاد فسادا، ، و كادوا ان يقتلوا الرئيس الشرعي في قصر الرئاسة بعدن، لولا فزعة التحالف العربي.

2) الشرعية: الرئيس عبدربه منصور هادي، و حكومته الشرعية على الأرض، التي بالتعاون مع التحالف استطاعت استعادة أكثر من 80% من الاراضي اليمنية، و هي على وشك تحرير كل الحديدة من الانقلابيين.

3) التحالف العربي: بدعوة من الرئيس هادي للقادة العرب لإنقاذ بلاده من الهجوم الايراني الصفوي مستخدمين ميليشيات يمنية عميلة اسمها انصار الله، تم تشكيل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، و انطلقت عاصفة الحزم لنجدة اليمن في الفترة من 25 مارس عام 2015.

 

هؤلاء هم أطراف الحرب في اليمن فقط ، فلا اعلم لماذا يقحمون ايران في العملية السلمية؟ و كيف اعتبروا ايران طرفا في الحرب، و هي ترفض ذلك ..!! هل إذا حدث صراعا بين الهند و باكستان مثلا ستتدخل دولة عربية كطرف من اطراف النزاع لحل المشكلة؟ انني اطلب من السادة أهل وثيقة الهدنة في اليمن ان يعودوا الى التاريخ القريب، كم مرة قَبِل التحالف وقف الحرب و ينقضها الانقلابيون، منذ مباحثات جنيف الاولى و الى الكويت، اطلب من السادة انفسهم ان يقرأوا من أفشل تلك المباحثات، و بعد ذلك يعيدون التفكير بوثيقتهم الجديدة.

إن انقلاب الحوثيون المدعوم من ايران تم التخطيط له بفكرة تنظيم الشباب المؤمن و احتجاجات حول ارتفاع الأسعار، ثم حولوه الى فتنة الانقلاب، و هذا الاسلوب يذكرني ما حدث في تركيا في سنة 1908؛ و الانقلاب العسكري الذي قامت به فرق من الجيش العثماني على سلطة السلطات عبد الحميد الثاني في استانبول.

لقد سارت القوات إلى العاصمة اسطانبول، و كانوا يهتفون بحياة السلطان عبد الحميد، و ما ان دخل القادة إلى السلطان حتى أملوا عليه شروطهم و أجبروه على قبولها، ثم عزلوه نهائيا في سنة ١٩٠٨، هي نفس الخديعة الذي عملها الاتراك في سلطانهم اراد الحوثيون و من ورائهم سيدهم الفارسي من الانقلاب على الحكم.

نصيحتي لأهل وثيقة الهدنة ، ان يلغوا هذه الوثيقة التي لا تساوي قيمة المداد التي كتبت بها، و يعودوا لمخرجات الحوار نفسه التي وقعها الحوثي، و يجب ان يثقوا ان الحل لن يكون الا على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي و آليات تنفيذه و نتائج الحوار الوطني اليمني و قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي سيقود إلى حل سياسي يكفل أمن اليمن و سلامة أراضيه.

و اتذكر هنا مبادرة الرئيس الاسبق للجنوب علي ناصر محمد التي اعتبرها حل وسط و معقول و يمكن ان يقتنع به الجميع و هي: من أجل وقف إطلاق النار بشكل نهائي لتوفير مناخ سياسي مناسب.

أ‌) البدء باجراءات بناء الثقة بعد وقف الحرب من خلال تشكيل مجلس رئاسي و حكومة توافق تشارك فيها جميع الأطراف اليمنية في الشمال و الجنوب.

ب‌) تشكيل لجان عسكرية محلية و دولية تباشر جمع السلاح من مختلف الجماعات و الفصائل المسلحة و وضعها في إطار سلطة وزارة الدفاع ضمن الحكومة الجديدة.

ج) البدء في حوار شامل على شكل الدولة الفيدرالية أو الاتحادية.

د) تشكيل لجنة دستورية لتنقيح المشاريع الدستورية المطروحة.

هـ) تشكيل لجنة انتخابية لوضع اسس اجراء الانتخابات الرئاسية و البرلمانية و الاحتكام لصندوق الاقتراع.

و) عقد مؤتمر دولي لتمويل و إعادة اعمار ما دمرته الحرب.

ز) يعلن مجلس الأمن دعمه للخطة لتكون ملزمة لجميع الأطراف.



الخلاصة:

مع كل الاحترام للسادة أهل وثيقة الهدنة، و هم ساسة نحترمهم، و نحترم تاريخهم، و لهذا ندعوهم الى النظر الى المشكلة بالمنطق العقلاني، فما جرى في اليمن هو انقلاب دموي بكل المفاهيم القانونية المتعارف عليها، و انتم هنا بوثيقتكم تمنحون الانقلابيين فرصة لالتقاط الانفاس و مكافأتهم على إنقلابهم.

هل هذا يعني من وجهة نظركم انكم تشجعون الانقلابات في أوطانكم؟ الشرعية في اليمن برئاسة عبدربه منصور هادي اعطت للإنقلابيين فرصة عظيمة لن تتكرر لهم و هي ان يسلموا اسلحتهم و يعلنون انفسهم حزب سياسي حر في معترك السياسة في اليمن، و ان يعقلوا ان التعبير بالكلمة هي اقصى حدودهم كما هي لكل يمني كان حزبيا او مستقلا، و ليس البندقية و الدبابة. اللهم فأشهد

مقالات الكاتب