صورة من معاناة الناس..

رأيته جالساً على احدى (الدكك) في سوق مودية وكانت الساعة تشير الى الثامنة والنصف صباحاً...

 

اقتربت منه وسلمت عليه فرد التحية ...

نظرت لوجه فإذا به شاحباً ويظهر من خلال ملامحه بإنه متضايق من شيء ما....!

 

سألته عن حاله وعن صحته وعن وضعه ككل...؟!!

وقبل ان يجيب على استفساراتي وتساؤلاتي تنهد وطأطأ براسه الى الارض واخذ يحفر في ترابها بعصاء كانت بيده...

ثم رفع رأسه ونظر الي نظرة يأس وتذمر فقال:

 

عن أي حال تسألني؟

و أي صحة تود الاطلاع عليها...؟!

 

ان كنت تسأل عن حالتي المادية فمظهري الخارجي وملامح وجهي تغني عن الإجابة...!

فوضعنا المادي لا يسر عدواً ولا صديقاً...!

 

كما تراني جالس فوق هذه الدكة منذ السابعة صباحاً والسبب انني خرجت من منزلي الذي لايبعد كثيراً عن المدينة وام العيال واقفة على باب البيت وهي توصيني وتلح علي وتترجاني  بالا اعود من السوق الا ومعي بضعة ارطال من الارز والدقيق والسكر والزيت وقليل من الطماط والبطاط..

-اما بالنسبة للحم والسمك فلا نعرف لهما طعماً إلا فيما ندر-..!!

 

وترجتني ان لا يمر اليوم كسابقه...

وينام اطفالنا على وجبة واحدة طوال اليوم...!!

 

وكما تعلم بانه ليس لدي مرتب من الحكومة بل انفق على اولادي من خلال العمل في البناء واحياناً في الحمالة....!

 

هذا ايام ما كانت صحتي تساعدني على العمل العضلي ..

اما اليوم كما ترى فحالتي الصحية لا تساعدني على العمل الشاق...!!

 

وعاد بنظره للأرض لينكث بعصاه في ترابها مرة اخرى وسكت برهة ليعاود الحديث بصوت يخالطه الحزن والاسى ليحدثني عن وضعه المادي الصعب ، وكيف يعاني ويكابد ليحصل على مايسد به جوع اطفاله وام اولاده...!

 

بقيت صامتاً ولم استطع التفوه بكلمة بعد كل ما سمعته من حديثه الذي يجعل القلب يقطر دماً والماً وحسرة على هذه الحال التي اوصلتنا اليها الصراعات والنزاعات...!

 

ليقطع بعدها الصمت الذي خيم علي ليجيب على تساؤلي الذي لم استطع البوح به ولكنه فهمه من خلال نظراتي اليه وقال:

 

بالتأكيد تريد ان تعرف سبب جلوسي هنا على هذه الدكة منذ الصباح؟؟

 

فتبسمت بمرارة واومأت له برأسي ان نعم....!!

 

فقال:

انتظر احدهم لاستدين منه مبلغ مالي لأشتري به طلبات الاسرة المتواضعة  واعود لبيتي وانا احمل ماطلبته مني ام العيال

لأدخل الفرحة والسرور على قلوبهم...!

 

هذه صورة من  صور المعاناة التي يعانيها الكثير من المواطنين الذين لايجدون لقمة العيش في ظل تجاهل وإهمال الحكومة...!!

 

ولا نعفي المنظمات الدولية والجمعيات العاملة في المناطق المحررة فهي تتحمل جزء من المسؤولية بسبب اتباع سياسة غير عادلة في توزيع المعونات وعدم ايصالها لمستحقيها من الفقراء والاشد فقراً وحاجة...!!

 

ودعته ولسان حاله يقول:

متهيباً في خطوتي امشي على اهدابي....والناس تنظر شقوتي في اوبتي وذهابي.

امشي على كنف الشقى متأبطاً آهاتي....هذا يرق لحالتي او ذا يزيد عذابي.

مقالات الكاتب