أما آن الأوان أن نضع مصلحة قضية شعب الجنوب فوق كل المصالح ؟

 

مما لا شك فيه إن قضيتنا الوطنية السيادية وثورتنا الشعبية النضالية تمران بمرحلة مصيرية ومنعطف جداً خطير حتى بات البعض يرى أننا أضعنا قضيتنا ووأدنا ثورتنا وأصبحنا توابع لا حول لنا ولا قوة ، من هذا المفهوم أنقسم مناضلو الأمس ممن كان يتقدمون الصفوف ويعتلون المنصات إلى أقسام عدة ربما كان للمتغيرات التي طرأت على الساحة الجنوبية دورٌ كبيرٌ في ذلك الانقسام الذي استغله أعداء الجنوب وذهبوا في تأجيجه إلى حدٍ تجاوز التهكم على القضية والثورة ومناضليها فأوغروا به صدور البعض من أولئك المناضلين ممن فاتهم إدراك تلك المتغيرات فمنهم من أختزل النضال والوطنية والثورة والقضية برمتها في مكونه أو جماعته وتمترس عنده وجعل منه قضية وراح يكيل الاتهامات لإخوانه على أنهم باعوا أو خانوا وهلمجرا من المفردات التي كثرت في الآونة الأخيرة وتراشق بها أخوة النضال على مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات والصحف ، نعم لربما تداخلت المفاهيم بخصوص قضية شعبنا وثورتنا في ظل الصراع المحتدم في المنطقة بين القوى الكبرى وتصادم المصالح الدولية حتى أنها فرضت واقعاً ألقى بظلاله على مسار قضيتنا الوطنية فساورت الظنون البعض وطغى اللون الرمادي في أعينهم فرأوا أي تقارب بين الجنوبيين يوحّد كلمتهم ويجمعهم على كلمة سواء ويقوّي موقفهم في أي استحقاقات قادمة ويوفر غطاءً سياسياً لنضال شعبنا الأبي خيانة أو خروج عن الثوابت الوطنية وبيع للقضية وتنازل عن دماء الشهداء ، والحقيقة إن قضيتنا الوطنية ليست بمنأى عن تلك المتغيرات فلا بد لها أن تتأثر بها ، فقواعد اللعبة التي فرضها الواقع تتطلب منا كجنوبيين إدراك ذلك واستيعابه والسير وفق آلية تتناسب وتلك المعطيات على أن الحفاظ على الثابت الوطني يلزمنا مواكبة الأحداث والانتقال من مربع العمل الشعبي الجماهيري الذي كان له بالفعل وقتئذ تأثيره على مسار قضيتنا ولا ينكر ذلك إلّا جاحدٌ إلى منظومة عمل وآلية ترتقي بنا إلى مستوى العمل السياسي والدبلوماسي الذي يرفد مسيرتنا الثورية ويعزز من مكانة قضيتنا ويضعها حيث ينبغي أن تكون ، وهذا لن يتأتى إلّا كما ذكرنا بالخروج من ذلك النفق الذي أرادوا لنا البقاء فيه ومحاصرتنا بالماضي أو أن نجعل للأسف الشديد من مكوناتنا قضية بديلة فنظل لا سمح الله حبيسي فكر تلك المكونات . أنه لشطط ومغالاة في فكر أفضى بأصحابه إلى سلوكٍ وضعهم على قمة هرم احتكار الوطنية لمجرد أن الواقع والوقائع تجاوزا محدودية فكرهم ونمطية سلوكهم ، فآن الأوان واستدعت الضرورة أن يتغير ذلك السلوك بما يتلاءم ومصلحة قضيتنا طالما أن المكونات نفسها وكل التجمعات أتت لخدمة القضية وصالحها العام .

أننا حين نتحدث عن المصلحة العامة لقضية شعب الجنوب على اعتبار أنها أولوية قصوى تأتي على قمة الهرم في سلم الأولويات لا يعني بالضرورة أن نهرول باسم المصلحة إلى نحو يجعلنا الحلقة الأضعف في الصراع الدائر بل نتوخى الحيطة والحذر ونعمل بكل جدية وإخلاص على اتساع رقعة المشاركة لجميع القوى الجنوبية الحية المؤمنة بمطلب قضيتنا وهدف ثورتنا لنضمن لقضية شعب الجنوب الوطنية السيادية مكانتها ورفعتها وصونها من الانزلاق إلى المجهول لا سمح الله سيما وأن ثمة من يتربص بقضيتنا وثورتنا ويتحيّن الفرص ، فآن لنا الأوان أن نشمر السواعد ونتجاوز هفواتنا ونضع مصلحة قضية شعبنا فوق كل المصالح !

مقالات الكاتب