مقال لـ عبدالقادر جرادي | الأجنة المشوهة.

رسالة عيد الفطر أبعثها إلى كل من ينشد الأفضل ، ويسعى إلى بناء دولة مدنية حديثة ، حضارية ، تنعم بالأمن والسلام والرقي والأزدهار . على أرض ( أرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ). اسمع بادئ ذا بدء لقول الذي أذا أراد لشيئ أن يكون فأنما أمره ( كن ) فيكون في الآية ( 11) من سورة العنكبوت ( .. أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. ) هذا شرط  من رب العزة تعالى في علاه . لقد  غرست ثقافة من سنوات طوال شوهت عقول الأجنة التي أحسن الله صورها  وأبدع في صنعها فتبارك الله أحسن الخالقين . ثقافة زال مبتدعوها وزالت دول احتضنتها ورعتها ونشرتها . وتبدلت أحوال الشعوب والأمم ، ولكن هنا لم تزل بين أنفاسنا أرواح  شريرة لم تزل تدير هذه الثقافة وتحلم بإحياء عيدان أغصانها اليابسة لتخضر ، تظهر على خشبات المسارح بصورة يوسف ، وتقف خلف المكرفونات ببلاغة خطيب الأنبياء شعيب ، وحلم الأحنف . ولكنهم يظمرون في ظمائرهم مكيدة أخوة يوسف ، ويتبعون عاقر الناقة . مرتمين في أحضان أبالسة العصر ذوات الألوان الحرباوية . ينفثون سمومهم في عقول أبت أن تتغير وتتطور وترى ألوان الطيف الحقيقية ، أبت أن تفكر بذات نفسها بل رضخت أن تظل مستقبلة لأفكار غيرها ، تحرك ألسنتها بما يقولون لا تزيد حرفا ولا تغير تنوينا مكسور أو مضموم بل تظل أقوالهم مرفوعة  للمبني المجهول منصوبة للناصب الذي نصب المبتدئ وكسر الخبر . فلايضيفون للحياة شيئ الا ما لقن أليهم . يرفعون شعارات جميلة جذابة كأنها ذيل الطاووس ولكنهم لا يطبقون منها ريش عصفور صغير . كل هدفهم أن يجعلونا نعيش في حالة جدل عقيم ، وحلقات نقاش عاقرة ، لكي يحيدونا عن تحقيق أهدافنا السامية ، وتنفيذ غاياتنا النبيلة ، أن اسطوانتهم المشروخة وصوتها  المجعجع النشاز ، لم تزل تعزف على اوتار التفرقة والتشرذم  والطغمة والزمرة والتطرف والمناطقية والقبلية . ولم تزل تنظر إلى نفسها بأنها الطبقة الواعية المثقفة المتحضرة ، وأن لا أحد يصلح للقيادة ولا يستطيع أن يقود الا هم أو ورثتهم بينما الأخرين ولدوا وخلقوا فقط رعاة للشاة والأبل وحلابة البان البقر . يجب أن ندرك بأن تلك الثقافة التي لاتريد أن تسمع الا صوتها ولا تقبل الرأي الأخر بل تعتبر أن نقدها ومعارضتها من أكبر الكبائر ، وأن عهد التنظير وسياسة النظرية الوضعية الأوحد قد باتت في خبر كان ، وأن مناصب الدولة والقيادة تقلد حسب الاستحقاق  النضالي  غابت عليه الشمس واصبح من مآسي الزمان الغابر الذي لا بد من تغيير هذه المفاهيم . مفاهيم خاطئة  كانت ترافق البدلة السفاري ، الذي غيرها البعض بالزي الذي يتناسب وذوق من يملي  عليهم ، بصفته مالك  بيده بوصلتهم محرك السلاحف ، الذي لا يؤذونه بشيئ ولا يجرحونه بكلمة ولا يسمعونه الا سلاما قولا من رب رحيم ، وكيف لا وهو يغدغهم بالسالحف المتللة ، ليشغلوا الناس بسفاسف الأمور ، ويفتحون كل يوم جبهة أعلامية ، تتهم فلان ، وتقذف فلان ، وتسلط السنتهم على مكاسب شعب ضحى وقدم ، فينسبون النجاح إليهم ، ويدنسون بالفشل ثياب غيرهم . أنها ثقافة مشوهة تحملها أجنة شيطانية زرعت في رحم العفيفة الطاهرة عدن وأخواتها . فلابد من اقتلاع ، جذور هذه الثقافة والبدء في ثورة تغيير ثقافية . نبدءها بأنفسنا القادرة على تغيير ذاتها فلدينا الموروثات الناصعة ، والعقول النيرة لا بد ما تظهر تحت ضوء شمس الصباح . فالصباح يولد كل يوم بجديد .هذه رسالتي فأن أجدت فبتوفيق من الله عز وجل ، وأن اخفقت فما أنا الا بشر اخطئ واصيب . حفظ الله كل عين قرءات احرف كلماتي بتمعن ، وكل أذن استمعت لكلماتي بإنصات ، وكل عقل تدبرها ،وكل لسان نطقت بها ونصحتني ، وكل قلب وعاها ، وكل يدا صححتها أن وجدت فيها خطاء لغوي ونشرتها ، وكل جوارح طبقتها . وعيدكم مبارك وايامكم سعيدة وكل عام وانتم من الله بخير . 
والحليم تكفيه الإشارة.

مقالات الكاتب