هؤلاء هم من قتلوا نهال!

إن صح ما تداولته بعض المواقع الاخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي، أن المغدورة نهال، قتلت في عملية شعوذة، فإن الأمر ينم عن خطورة لا تقل عن خطورة الاغتصابات التي تعرض لها أطفال آخرون قبلها.


وهذا يعني أن ثقافة بلحمر التي روجت لها السلطة عبر بعض وسائل الإعلام قد فعلت فعلتها في ضرب المجتمع، ليس في قيمه فسحب، بل في السقوط به في مستنقع الجهل والظلامية. ويعني أن كل ما بنته جزائر الاستقلال في محاربة الدروشة قد عاد من بابه الواسع عبر تيار إسلاموي أعاد الجزائر إلى العصر الحجري.


ليس غريبا أن تنتشر الشعوذة ويستغل أبرياء فيها، ما دام بلحمر ينشط جهارا نهارا، وتحت حراسة الدرك الوطني، ويصطف المئات، بل الآلاف في معارض الكتاب يقتنون كتابه، كيف يعالج المرضى "بترقية السيروم"، أو يساعد الفريق الوطني على الفوز ويرافقه في السفر، ولا ينتبه المخدوعين أن الفريق الوطني لم يتجاوز الدور الثاني في كأس العالم رغم رقية بلحمر، ولم يثنهم أن مريضة ماتت في "عيادته" ومع ذلك ما زالوا يساقون كالحيوانات يتبعون عصابة لا هم لها إلا الربح والثراء.


فعندما تمنع السياسة التربوية النشأ من التفكير، وعندما يستبدل المنطق العلمي بالدروشة وبدروس دينية تروج لعذاب القبر وغسل الميت، وعندما تستبدل كتب الفلسفة في رفوف المكتبات بالكتب الصفراء التي لا علاقة لها بالدين ولا بالعلم، وعندما تحّرم دروس الفلسفة في الثانويات ويمنع تدريس علم التشريح في كلية الطب، فاعرف أن المجتمع مقبل على خراب، وقد بدأ الخراب بالعقول حتى صار بلحمر المفكر الذي تتسابق عليه الفضائيات، وشمسو رجل الدين الذي يفتي في كل شيء. صحيح أن المتفرج كثيرا ما يضحك على هؤلاء، لكن كلامهم وفتواهم والتفاهات التي يروجون لها قد نسفت عقول أجيال وما زالت.


فلا نستغرب إذا، قتل طفلة في براءة نهال في عملية "سحر أسود"، ولا نستغرب كيف انتشرت الجريمة بهذه البشاعة، وننسى أننا جعلنا من المجرمين الذين ذبحوا الفتيات أمام أبواب المدارس، وأستاذات سيدي بلعباس وهن راجعات من مدارسهن، ومن ذبحوا قرى بأكلمها وقتلوا الجنود وفجروا البيوت والمصانع وحرقوا وأفسدوا، صاروا شخصيات وطنية تتربع على الصفحات الأولى من الجرائد، تروي كيف اقترفت جرائمها بوحشية وببرودة.


نحن من أسسنا للجريمة بكل أنواعها لما سكتنا عن كل هذه المصائب وهذا ما فتح الباب أمام الذئاب البشرية لتنهش لحمنا؟!

مقالات الكاتب