عدن لنج /خاص
دلف إلى كشك تصوير يحمل مجموعة أوراق يرغب في نسخها، فأشار له صاحب الكشك بأن الكهرباء مقطوعة، لكن يمكنه الانتظار قليلا إذا رغب، فساعات الانقطاع على وشك الانقضاء.
امتعض قليلا ولكنه قرر الانتظار، الشمس حارقة، تشوي الرؤوس، شده ظل جدار في الجهة المقابلة للكشك، هرع إليه يتفيأ ظله.
راح يطوف بعينيه في الشارع بملل. أمام باب مدرسة وقف طفل يمسح زجاج سيارة بعناية فائقة، وفي الجهة الأخرى حشد من الناس يتدافعون أمام بوابة تصرف إعانة غذائية، عربة يجرها حمار محملة بقِرب ماء مختلفة الأحجام، تمر متعثرة.
راودته رغبة في الكتابة، أخرج من جيبه قلما وأخذ يكتب على ورقة لديه:
"كان الشارع خاويا تماما، عندما استظل بجدار آيل للسقوط، كُتبت عليه شعارات بعضها فوق بعض، بالأزرق الباهت كُتبت عبارة سقطت منها نقطة عنوة فأصبحت (لا صوت يعلو فوق صوت الحرب)، وبالأحمر كُتبت جملة ذهبت كلمتها الأولى ولم يبقَ غير تعبير (... أو الموت)، وبالأسود كُتب (الربيع قادم). كانت قدماه حافيتين وثيابه رثة، عيناه تذرعان الشارع جيئة وذهابا، أخذ يفتش في جيبه عن شيء ما، لكن سرعان ما انتبه لصرخة غريبة فزته من مكانه ، انتفض واقفا ولم يسعفه الوقت حتى يتبين مصدرها، فقد كان وابل الرصاص يخترق جسده ليكتب بدمه قصة على الجدار، سقط على الأرض، وأفلتت كسرة الخبز التي كانت في يده. وعندما اختفت جثته من مكانها، ظهرت عبارة جديدة لم يتسع الجدار لتكتمل، تقول: (هنا مقبرة...) ..،"
وقبل أن يُكمل قصته، أشار إليه صاحب الكشك بأن الكهرباء قد عادت، انتفض مسرعا، فأوقع قلمه، وعندما عاد ليلتقطه، وقعت عيناه على عبارة خُطت على الجدار : إذا الشعب يوما أراد ...
صوفيا الهدار