جديد الأخبار

علوم وتقنية

هارفارد تبحث عن مصدر الوعي البشري

عدن لنج - مرصد المستقبل

كشفت دراسة أجريت على 36 مريضاً يعانون من آفات جذع الدماغ بأن غالبية المصابين بالغيبوبة لديهم تلف في إحدى المناطق الخاصة في جذع الدماغ، بينما لا يوجد ذلك لدى معظم المرضى الواعين.

يمكن لتحديد مناطق الدماغ المسؤولة عن الوعي أن يؤدي إلى خيارات جديدة لعلاج المرضى المصابين بالغيبوبة أو الحالة الإنباتية.

الوعي البشري

يعرّف الوعي البشري بأنه الإدراك والإحساس وقدرة الشخص على الشعور، وبالرغم من الدور المهم الذي يمثّله في حياتنا وفي جعلنا على ما نحن عليه، إلا أننا في الواقع لا نعرف سوى القليل جداً عن آلية عمل الوعي.

ويعتقد العلماء حالياً أن الوعي يتكون من عنصرين وهما: الإثارة والإدراك. حيث يتم تنظيم الإثارة في جذع الدماغ، ولكن المنشأ الفيزيائي للإدراك ظلّ لغزاً على الدوام. والآن، يعتقد فريق من الباحثين في جامعة هارفارد بأنهم قد اكتشفوا مناطق الدماغ التي تعمل مع جذعه للحفاظ على الوعي.

ويقول الدكتور مايكل د. فوكس، الحائز على شهادة الدكتوراه ومدير مختبر تصوير وتعديل شبكات الدماغ والمدير المشارك في مركز برنسن ألن للتحفيز غير الجائر للدماغ : "وجدنا وللمرة الأولى علاقة بين منطقة جذع الدماغ المعنية بالإثارة والمناطق المعنية بالإدراك، وهما اثنان من المتطلبات الأساسية للوعي. وقد اجتمعت الكثير من الأدلة معاً للإشارة إلى هذه الشبكة التي تلعب دوراً في الوعي البشري."

 

حقوق الصورة: صورة طبق الأصل من الشكل 1.1 في كتاب حقوق الصورة: صورة طبق الأصل من الشكل 1.1 في كتاب " The Quest for Consciousness: A Neurobiological Approach" لكريستوف كوخ (عام 2004) "الشكل 1.1: الارتباطات العصبية للوعي" إنجلوود، كولورادو: روبرتس أند كومباني للنشر

 

وللتوصل إلى فهم سبب قدرة بعض المرضى على الحفاظ على الوعي بالرغم من الإصابات في حين يُصاب آخرون بالغيبوبة، فقد قام الباحثون بتحليل 36 مريضاً يعانون من آفات جذع الدماغ. وكان 12 مريضاً من بينهم مصابين بالغيبوبة (فاقدين للوعي)، بينما تمّ تعريف 24 مريضاً على أنهم واعون.

واكتشف الباحثون بأن 10 من أصل 12 شخصاً فاقداً للوعي كان لديهم تلف في منطقة صغيرة من الدماغ تلعب دوراً مهماً في الإحساس والحركة، وكان شخص واحد فقط من أصل 24 شخصاً واعياً لديه تلف في نفس المنطقة. فمن الواضح إذاً أن هذا الجزء الصغير من جذع الدماغ له علاقة كبيرة بالحفاظ على الوعي.

وللنظر إلى أبعد من ذلك، فقد قام الباحثون بدراسة خريطة الدماغ السليم، حيث تمكنوا من تحديد منطقتين مرتبطتين بهذه المنطقة الصغيرة التي تلعب دوراً مهماً في الإحساس والحركة، وقد أدى ذلك إلى الاستنتاج بأن الارتباطات بين تلك المناطق والمنطقة التي تم تحديدها في جذع الدماغ ربما تلعب دوراً في تنظيم الوعي.

 

ما هي الحلقة المفقودة؟

انطلاقاً من عدم معرفة أي شيء تقريباً باستثناء احتمال وجود ذلك في قشرة الدماغ، فقد قام العلماء الآن بتحديد اثنتين من المناطق الخاصة في القشرة والتي يعتقدون بأنها قد تكون ضرورية لوعي الإنسان. ومع ذلك فإن هذا الاكتشاف ليس سوى الخطوة الأولى. حيث لا بد من تأكيد النتائج التي توصل إليها الباحثون من خلال جماعات مستقلة كما يجب إجراء المزيد من الدراسات التي تضم مجموعات كبيرة من الأشخاص.

وفي حال كان الباحثون على حقّ ونجحوا في تحديد مناطق الدماغ المسؤولة عن الوعي البشري، فإن ذلك لا يقدر بثمن بالنسبة للمرضى المصابين بالغيبوبة والحالة الإنباتية وعائلاتهم لأنها يمكن أن تؤدي إلى خيارات علاجية جديدة. ويعدّ ذلك أحد الأمثلة فقط حول كيف أن التكنولوجيا تسمح لنا بمعرفة المزيد عن البيولوجيا المعقّدة للإنسان.

 
 

مواضيع مشابهه