علماء يحلّون لغز ناقلية الكهرباء للماء بعد نحو قرنين من الغموض

الماء كناقل كهربائي

من الدروس الأساسية العلمية التي تلقاها الجميع، وذلك من باب السلامة لا أكثر، أن الماء ينقل التيار الكهربائي. وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة بسيطة نسبياً، لم يتمكن أحد من تفسير قدرة جزيئات الماء على نقل بروتونات إضافية فيما بينها خلال عملية نقل التيار الكهربائي. وذلك حتى الآن.

تمكن فريق بحثي، بقيادة مارك جونسون - بروفسور الكيمياء في جامعة يال - وللمرة الأولى، من تصوير لقطات طيفية لعملية النقل الإلكترونية بين جزيئات الماء. حيث إنّ هذه الظاهرة - والمسماة بآلية جروثوس - حيّرت العلماء لفترة تزيد عن 200 عام.تقول الباحثة آن ماكوي من جامعة واشنطن: "لم  يتوفر تفسير واضح لهذه العملية الأساسية في الكيمياء والبيولوجيا".

اكتسب فريق جونسون خبرة ثمينة نتيجة سنوات من دراسة كيمياء المياه على المستوى الجزيئي. وعلى وجه الخصوص، فقد تمكنوا من "تجميد" العملية الكيميائية بحيث تم تصوير الجزيئات في حالتها الانتقالية، ما كشف عن تغيرات بنيوية نتيجة آلية جراثوس. ولتوضيح الصور، عمل الفريق مع بضعة جزيئات من الماء الثقيل فقط، وقاموا بتجميدها عند درجة الصفر المطلق.

حقوق الصورة: مارك ك. بيترسن

فهم أفضل لموضوع شائك

تعتبر هذه الدراسة - والتي نُشرت في مجلة ساينس - فائقة الأهمية. يقول جونسون: "يمكن أن نشبّه ما حدث باكتشاف مخطط إرشادي، يكشف لنا عن المعلومات البنيوية المرمزة بالألوان. وقد تمكنا من رصد تتابع من التشوهات المتناغمة والمتسقة، كما في الصور المتتابعة في الأفلام".

يقدم لنا هذا العمل معلومات جديدة عن الماء وخواصه الناقلة، وهي ظاهرة تعتبر جزءاً من الكثير من التفاعلات الكيميائية على وجه الأرض. تقول ماكوي: "الآن، حصلنا على القطعة المفقودة من الأحجية التي تشكل الصورة الكبيرة: أي كيفية تحرك البروتونات عبر الماء".

إضافة إلى ذلك، فإن التقنية التي استخدمها الفريق تعتبر ثورية بحد ذاتها. ويمكن أن تسمح لنا بتفحص خصائص أخرى للماء – مثل الشكل السائل الثانيالغامض، وقدرته على التحول للحالة الصلبة عند درجة الغليان عندما يتواجد في الأنابيب النانوية الكربونية -  والبحث في ألغاز متعلقة بمواد أخرى.

قد يبدو كل ذلك من الأمور الأساسية، هذا صحيح، ولكن في أغلب الأحيان، فإننا نكتشف أكثر عن كيفية عمل عالمنا من حولنا بدراسة العمليات الأساسية، مستغلين وفرة التكنولوجيا بين أيدينا. ويمكن للتعمق في الأبحاث حول شيء أساسي كالماء وخصائص ناقليته أن يكشف لنا أشياء كانت مخفية أو مفهومة بشكل خاطئ.