الإندبندنت عربية تحاول تقديم تجربة مختلفة عبر تجنب أخطاء الشراكات العربية

عدن لنج_لندن

أطلقت المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق النسخة العربية من صحيفة الإندبندنت البريطانية لتقدّم خدمة إخبارية وتحليلية للقارئ العربي، تعتمد في أغلبها على ترجمة نصوص من النسخة الإنكليزية.

ويتضمن موقع "إندبنديت عربية" أقساما متعددة في الشؤون السياسية والثقافية والتحقيقات، إضافة إلى الصفحات المنوّعة التي تهتم بالفنون والترفيه والرياضة والصحة والعلوم.

ويتميّز الموقع بترجمة حرفية لمقالات الرأي المنشورة في الصحيفة الأمّ، الأمر الذي يمنح القارئ العربي فرصة الاطلاع على آراء وأفكار مختلفة.

ويولي الموقع إضافة إلى المادة المترجمة اهتماما بقضايا الشرق الأوسط والمنطقة وتداعيات الأحداث فيها، استنادا لتحليلات كتّاب مختصين بالشأن السياسي العربي، فضلا عن مادة ثقافية ومنوعة.

وأبدى مراقب إعلامي عربي إعجابه بالموقع واصفا إياه بـ”الموقع الضخم” الذي سيغطي على العشرات من المواقع الإخبارية العربية. لكن المراقب لم يتردد في التساؤل عن مستقبل الموقع والإضافة التي سيقدمها للقارئ العربي بعد أشهر من تعوده على مادته، متسائلا “هل سيكتفي بمادته المترجمة من الصحيفة الأمّ أم يقدّم محتوى خاصّ ومتميّز يجعله قبلة المستخدمين والقراء العرب”.

وأضاف المراقب الإعلامي في إجابة عن تساؤله “دعنا نراقب وننتظر، عله يفاجئنا بما لم تستطع أن تقدّمه مواقع أخرى اعتمدت صيغة الترجمة من الإنكليزية، مذكرا بالفشل الذي لقيه موقع هافنغتون بوست بالعربي”.

ونجح الموقع في يوم الأول من انطلاقه بأجراء حوار مع الأمير بندر بن سلطان السفير السعودي الأسبق في الولايات المتحدة، باعتباره المسؤول الأكثر طلبا في الصحافة في الوقت الحاضر.

 

وتحيل تصريحات المراقب إلى التجارب السابقة المشابهة، إذ أثبتت أنه غالبا ما يكون سقف الطموح العربي تقديم محتوى يقترب إلى مستوى المحتوى الصحافي الغربي. وفي أغلب الأحيان تستقرّ عند حدود “المغامرة” الإعلامية، دون أن تقدّم تجربة تثري الحراك الإعلامي العربي.

وتتحوّل أغلب المنصّات العربية التي تحمل أسماء عالمية إلى “مواقع ترجمة”، إذ تعتمد بشكل أساسي على التقارير الأصلية الصادرة عن تلك المؤسسة لترجمتها إلى العربية، ونشرها دون إضافات أو تعديلات أو إجراء تحويل في الزاوية يناسب الواقع في منطقة الشرق الأوسط، ويزيل النظرة الاستشراقية التي كثيرا ما تتضمنها التغطيات الغربية للأحداث في المنطقة.

ويثير موقع إندبنديت عربية تساؤلات بشأن المادة التي سيقدّمها وينافس بها مئات المواقع والصحف العربية، إذا أنها ستكون اختبار النجاح والاستحواذ على القراء العرب. وأكد رئيس التحرير الموقع عضوان الأحمري على عدم استهداف الباحثين عن الأخبار العاجلة، بل أولئك الباحثين عما وراء الخبر.

وقال الأحمري في تصريح لـ”العرب”، “بكل تأكيد الفضاء الإلكتروني يعج بالآلاف من المواقع الإخبارية، وكذلك الصحف الورقية، لكن البقاء للأفضل”. وأضاف “سنستفيد من المحتوى الثريّ والرصين الذي تنتجه الإندبندنت البريطانية، وستكون سياستنا التحريرية متطابقة معها، وفي الوقت ذاته سيكون هناك إنتاجنا الخاص من حوارات وتحقيقات وتقارير وأخبار خاصة”.

وتحاول “الإندبندنت عربية” تقديم تجربة مختلفة عبر تجنّب أخطاء الشراكات العربية – الغربية القديمة، بعدما تعاقدت أيضا مع “المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق”. وأعلنت الصحيفة البريطانية، في وقت سابق، أن الموظفين في “الإندبندنت” العربية، سيتبعون حصريا إدارة تحرير الصحيفة العربية المرتبطة بـ “المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق”، وسيعملون ضمن فريق صالة التحرير الرئيسية في مقر الصحيفة في منطقة تشيزك بلندن.

ويقول متخصصون في شؤون الإعلام، إن وسائل الإعلام العالمية بدأت تقتنع أن أيّ شراكة مع صحف أو قنوات إخبارية عربية يجب أن تكون مرتبطة بشكل وثيق بالمؤسسة الأم، إذا ما أرادت إعادة تأهيل الصحافيين العرب العاملين فيها على النمط الغربي.

يذكر أن رجل الأعمال سلطان محمد أبوالجدايل استحوذ العام الماضي، على حصة كبيرة من صحيفة “الإندبندنت”، التي يملكها رجل الأعمال الروسي إفغيني ليبيديف.

ووفقا لصحيفة فاينينشيال تايمز البريطانيةِ، حصل أبوالجدايل البالغ من العمر 42 عاما على نسبة تبلغ 30 بالمئة في شركة “ديجيتال نيوز آند ميديا”، وهي الشركة الأمّ المسيطرة على الصحيفة البريطانية بشكل رسمي.

وتشتمل حصة أبوالجدايل، على أسهم من مساهمين أصغر حجما من الشركة الأمّ، وذلك في إطار الخطة الشاملة التي وضعتها لتوسيع نطاق انتشار الصحيفة البريطانية بمنطقة الشرق الأوسط، وإصدار نسخ باللغة العربية.

وقال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين للفريق الذي يعمل مع رجل الأعمال الروسي المالك للصحيفة، إنه بينما كان ليبيديف لا يزال أكبر مساهم، غير أنه لم يعد يتمتع بالسيطرة على كامل نفوذ صحيفة الإندبندنت.

وكشف أيضا أن أحد الأسباب التي جعلت ليبيديف يقدم على هذه الصفقة مع أبوالجدايل، هو تقديم الدعم والاستثمار للدفع إلى الشرق الأوسط، لاسيما وأن الصحيفة البريطانية كانت لديها خطط لفتح النسخة الأردية والعربية لموقعها الإلكتروني.

وقال المتحدث الرسمي باسم صحيفة الإندبندنت إن استثمار سلطان محمد أبوالجدايل “يضمن المزيد من النموّ الاستراتيجي” لمنصة الأخبار، التي تعتبر أول صحيفة وطنية تتحول إلى منصة رقمية.

وجاء في بيان من المتحدث الرسمي “في الوقت نفسه، تمت حماية استقلال الخط التحريري لصحيفة الإندبندنت رسميا بموجب اتفاق جديد بين المساهمين. إن الاستثمار الجديد وضمان الاستقلالية للخط التحريري سيسمحان للإندبندنت بالازدهار”.

وكتب المحرر كريستيان بروتون في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الموظفين، “ستظل الصحيفة مستقلة عن أي مساهم أو مصالح تجارية”.

يشار إلى أن “المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق” قد أبرمت أيضا شراكة مع شركة “بلومبيرغ أل.بي” العالمية للخدمات الإخبارية والإعلامية والمعلومات المالية، لإطلاق قناة “بلومبيرغ العربية”.