المعارضة التركية: إعادة انتخابات إسطنبول دكتاتورية صريحة

عدن لنج / متابعات

أثار قرار اللجنة العليا للانتخابات في تركيا بإعادة التصويت في إسطنبول ردود فعل دولية سلبية، حيث يلغي القرار نتائج هزيمة نادرة لحقت بالرئيس أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، كما أدت إلى انهيار جديد لليرة التركية، مع تزايد المخاوف من مغبة ما وصفته قوى دولية بـ"أحدث هجمة على سيادة القانون" في تركيا.

وطالب حزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه أردوغان، بإعادة التصويت، وأقر المجلس الأعلى للانتخابات في وقت متأخر من يوم الاثنين مزاعمه بأن عمليات الاقتراع، الذي جرى في 31 مارس، شابتها مخالفات في فرز الأصوات وتعيين أشخاص غير مؤهلين كمسؤولين عن صناديق الاقتراع.

ووجهت عدة قوى غربية انتقادات لقرار السلطات في تركيا إعادة الانتخابات البلدية في مدينة إسطنبول التي خسرها الحزب الحاكم بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.

وطالب الاتحاد الأوروبي لجنة الانتخابات التركية بتوضيح أسباب قرارها "بدون تأجيل".

ومن جهته، وصف وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، قرار إعادة الانتخابات بأنه "غير مفهوم".

كما واجه أردوغان انتقادات من الحكومة الفرنسية، وعضو البرلمان الأوروبي البلجيكي غاي فرهوفستات الذي قال إن تركيا "تنجرف نحو الديكتاتورية".

وخسر حزب أردوغان الانتخابات الأولية في أكبر مدينة ومركز تجاري في تركيا بهامش ضئيل لصالح حزب المعارضة الرئيسية في تركيا، فيما يعد أسوأ نكسة له في صناديق الاقتراع على مدار 16 عامًا في السلطة.

وأدى قرار إعادة الانتخابات، يوم 23 يونيو/ حزيران، إلى اندلاع احتجاجات في إسطنبول أمس. وتجمع المئات في أحياء متفرقة من المدينة، حيث رددوا شعارات مناهضة للحكومة.

والثلاثاء، قالت فيدريكا موغريني كبيرة الدبلوماسيين بالاتحاد الأوروبي، في بيان إن "ضمان عملية انتخابية حرة وعادلة وشفافة أمر ضروري لأي ديمقراطية وفي صميم علاقات الاتحاد الأوروبي مع تركيا".

ومن جهتها، حثت الحكومة الفرنسية السلطات التركية على "احترام مبادئ الديمقراطية والتعددية والعدالة والنزاهة".

أما السياسي البلجيكي غاي فرهوفستات، فقال عبر موقع تويتر إن إعادة الانتخابات في إسطنبول تهدد بجعل محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي "مستحيلة".

وانتقد مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو، الذي فاز في الانتخابات بمنصب رئيس بلدية إسطنبول، بوصفه قرار إعادة الانتخابات "خيانة". واتهم حزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي إليه أوغلو لجنة الانتخابات بأنها رضخت للضغط من أردوغان.

وستعقد جولة إعادة التصويت في 23 يونيو، بعدما قبل مجلس اللجنة العليا للانتخابات طلب حزب العدالة والتنمية بموافقة 7 أعضاء مقابل رفض 4.

وقالت وكالة "بلومبيرغ" الامريكية، إن القرار يثير القلق بالنسبة للمستثمرين في اقتصاد تركيا، الذي يبلغ 750 مليار دولار، والذين سبق أن قاموا بالفعل بسحب الأموال العام الماضي عندما تراجعت الأحوال الاقتصادية واستفحلت حالة الركود، ومن المرجح حاليا أنهم سيشهدون فترة ممتدة من الاضطرابات السياسية.

وبحسب بلومبيرغ، تعرض المجلس لضغوط علنية شديدة من أردوغان، الذي تعرض بدوره لانتقادات من قبل الحلفاء الغربيين لتركيا وخصومه المحليين استنكارا لقيامه بتقويض الديمقراطية عن طريق التغول على المؤسسات المستقلة في الوقت الذي استحوذ فيه وأحكم قبضته على سلطات غير مسبوقة.

وأشارت الوكالة أن القرار يلغي نتائج هزيمة نادرة لحقت بالرئيس أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، كما أدت إلى انهيار جديد لليرة التركية، مع تزايد المخاوف من مغبة "أحدث هجمة على سيادة القانون" في تركيا.

لعبة قذرة

وصرح فايق أوزتراك، نائب رئيس حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري: "أن رفض أولئك الذين يتم انتخابهم للسلطة عدم المغادرة بعد خسارة الانتخابات هي لعبة قذرة"، واصفا المستجدات بأنها "انقلاب على آخر معقل لشرعية الديمقراطية، وهو صندوق الاقتراع".

وقال وولفانغو بيكولي، الرئيس المشارك بشركة الخدمات الاستشارية Teneo Intelligence في لندن لوكالة "بلومبيرغ": "إن القرار المثير للجدل للغاية بإلغاء نتائج الانتخابات يؤكد أنه لا توجد مؤسسة واحدة في تركيا لا يهيمن عليها ويتحكم فيها الرئيس رجب طيب أردوغان". وأضاف بيكولي: "يقدم أردوغان على مخاطرة كبيرة من خلال فرض إعادة التصويت، حيث كانت الانتخابات مفتاحًا لحزب العدالة والتنمية، لاستحقاق الشعور بالشرعية الديمقراطية، منذ توليه السلطة عام 2002".

وقال رجب أوزيل، أحد مندوبي حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات البلدية، إن قرار إعادة الانتخابات جاء نتيجة لوجود عدد من المسؤولين غير المدنيين أثناء العملية الانتخابية، كما كانت بعض أوراق الاقتراع غير موقعة.

لكن أونورسال أديغوزيل، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، قال إن القرار يظهر أنه "من غير القانوني أن يفوز أحد على حزب العدالة والتنمية".

وكتب أديغوزيل على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، واصفا القرار بأنه "دكتاتورية واضحة".

وأضاف "النظام الذي يرفض إرادة الشعب ولا يحترم القانون لا يمكن أن يكون ديمقراطيا أو شرعيا".

وفي خطاب بُث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أدان إمام أوغلو قرار لجنة الانتخابات، قائلا إنها خاضعة لتأثير الحزب الحاكم.

وأضاف "لن نقبل المساومة على مبادئنا، فهذه البلاد بها 82 مليون وطني سوف يقاتلون حتى اللحظة الأخيرة من أجل الديمقراطية".

كما طالبت جماعة من أنصار إمام أوغلو بضبط النفس، قائلة "دعونا نكون صفا واحدا وأن نلتزم بالهدوء، وسوف ننتصر، سوف ننتصر ثانية".

وأدلى أكثر من 8 ملايين شخص بأصواتهم في إسطنبول. وفي نهاية المطاف أُعلن فوز إمام أوغلو بفارق يقل عن 14 ألف صوت.