معالم حضارة #الحواشب التاريخية والأثرية هل تصبح أثراً بعد عين؟

عدن لنج/ محمد مرشد عقابي
تعتبر الآثار والمعالم في اي وطن هي الدلائل على رقي وتحضر هذا الشعب او ذاك، وهي الشواهد الحية والبراهين الدامغة على عظمة ومجد وعراقة الشعوب، ومن هذا المنطلق فإننا نجد اليوم المعالم التي تدل على حضارة ابناء الحواشب قد بدت عليها علامات الإندثار وبوادر الطمس والمحو، والواقع اليوم يكشف الحالة المزرية التي آلت اليها معالم وآثار هذه السلطنة العريقة في ظل صمت تبديه الجهات ذات العلاقة التي يتوجب عليها حماية وصيانة وحفظ هذه المعالم، ومن اهم معالم الحواشب التي طالها نصيب كبير من الطمس والمحو وظهرت عليها علامات الإندثار هي قصور السلطنة التاريخية، فهذه الشوامخ التي تدل على حضارة ومجد وعظمة وعراقة تاريخ الإنسان الحوشبي في هذه البقعة من الأرض المترامية والممتدة من منطقة مثلث العند حتى جبال قرين تنتظر إصدار بيان النعي الإخير لكي تصبح عن حق وحقيقة أثراً بعد عين.
 
 
 
-ابرز معالم الحواشب المهددة بالإندثار
 
من معالم سلطنة الحواشب الباقية والتي ما تزال مهددة بالمحو والإندثار قصر السيدة شمس بنت علي زوجة سلطان الحواشب الأول وكذلك قصر السلطان فيصل أبن سرور الفجاري الحوشبي بالإضافة الى قصر نائب سلطان الحواشب السيد فضل محسن، وعن هذه الآثار والمعالم وقيمتها عند الانسان الحوشبي تداخل معنا الاخ علي احمد محمد قائد قائلاً : في الحقيقة يؤلمنا ما آلت اليه وضعية هذه القصور التي تعتبر بالنسبة للمواطن في مديرية المسيمير العلامة الفارقة التي تميزه عن سائر أهالي المناطق الاخرى، فضلاً عن انها تعد شاهد العيان الإول لمجد وحضارة هذه الأمة من بين باقي شعوب الأمم الاخرى، فللأسف ان هذه المعالم تتعرض يوماً بعد آخر لعوامل الهدم والمحو والطمس من قبل جهات لا تعي او تدرك اهميتها التأريخية والحضارية، في ظل صمت مطبق من قبل المعنيين.
 
واضاف : الإستمرار في إهمال هذه المعالم وعدم الإهتمام بها او حمايتها وإعادة ترميمها قد اوجد  الظروف الملائمة امام العابثين كي يعبثوا فيها كيفما يشاؤون، وعدم صيانة قصور السلطنة قد ساهم في إندثار وطمس هوية الكثير من معالمها وتحول معظمها الى أثر بعد عين، وقد يكون ذلك بداية لمسلسل طمس الهوية الذي يطال كل الآثار والإرث التاريخي الذي صنعه واوجده الجيل الذهبي من ابناء الحواشب ورعيلهم الأول ليكون شعاراً ورمزاً لهذا الموطن الذي يعد مهد الحضارات ومربض الأقوام العريقة.
 
محمد علي ناصر يقول : في هذا الوضع الخطير والمزري الذي يداهم معالمنا وتاريخهم العظيم وما بقي من هوية تربطنا بهذه الأرض فانني بأسم كافة ابناء الحواشب الشرفاء والغيورين على التاريخ والحضارة والمجد والعراقة اتعشم خيراً في سلطاتنا المحلية بإن تلبي نداءنا وتتدخل لوقف اعمال المحو والهدم والتغيير والطمس الذي يطال معالم هذه الموطن العظيم، وعشمنا في الجميع بإن يعملوا على حفظ وصيانة وترميم ماتبقى منها تقديراً لقيمتها التي لا تقدر بثمن بإعتبارها الهوية الحضارة التاريخية الأزلية لكل من سكن ويسكن وسوف يسكن على ظهر هذه الارض من وطننا العزيز.
 
واستدرك : اي تغيير يطال آثار السلطنة هو اعتداء سافر على حضارة شعب الحواشب برمته، فهذا الشعب المجاهد ذو الإرادة الصلبة والعزيمة الفولاذية التي لا تنكسر او تقهر قد بنى حضارته وشيد مجده العظيم بسواعد ابنائه لبنة لبنة ولم يكثرت يوماً لعوامل التثبيط او التحطيم، فانا اعتبر بإن أي تغيير يطال هذه المقتنيات والمواقع والمكتسبات الحضارية يعد تغيير وتشويه لوجه وتاريخ ابناء الحواشب، مطالباً بضرورة حصر كل الاماكن الأثرية واعداد خارطة بالمواقع التاريخية في كل القرى والمناطق ووضعها ضمن وحدات الجوار وتحرير محارم لها وإستثمارها جيداً وتفعيل هيكل مؤسساتي مؤهل لإدارة شؤونها، والحفاظ على كل الآثار وإعادة تاهيلها وصيانتها ومنع إي إعتداء مستقبلي قد يطالها، داعيا ًبهذا الصدد الجمعية العامة للتاريخ والتراث والآثار بضرورة العمل الفاعل للحفاظ على هذا الأرث والموروث الحضاري الذي تتمتع به بلاد الحواشب الغنية بالمآثر والتركات التي تعد  جزء لايتجزء من حضارة وتاريخ الجنوب العربي على مر العصور والأزمان.
 
 
 
-معالم وآثار تئن تحت وطأة الاهمال.
 
 
قصر السيدة صالحة بنت  صالح احد القصور التاريخية العريقة الممتد عمره لأكثر من قرن من الزمن، هذا القصر نال نصيباً وافراً من رياح المحو والطمس التي هبت عليه لتجرفه بالكامل وتقتلعه من اساسه ليصبح بعدها أثراً بعد عين كما هو الحال بكثير من المعالم الأخرى التي لاقت نفس المصير، لم يعد من هذا القصر سوى كومة ركام وأجزاء بسيطة وأشلاء متناثرة ومتفرقة على انقاضه تحكي قصة تاريخ لم يجد من يحفظه ويرعاه ويصونه ويخلده، هذا القصر يعتبر الى جانب قصر السلطان الأب سرور الفجاري الحوشبي أبرز قصور سلطنة الحواشب التي أندثرت وتلأشت ملامحها وأمتحت من على وجه الأرض بفعل الأهمال الممنهج وعدم الأهتمام بمكانتها واهميتها، حول ذلك وغيره يقول الشيخ عبدالفتاح صالح مثنى : من الأهمية بمكان في اي بلد ان تحظى الآثار والمكونات التأريخية الأخرى بالنصيب الأوفر من الرعاية الإهتمام سيما وهي تعكس حياة الإنسان وصنائعه المتمثله بتحدي وقهر المحال، ولكونها ايضاً ترتبط ارتباطاً وثيقاً بما يملكه البلد من سجل حضاري وتاريخي يحاكي به سجل الحضارات الاخرى.
 
واضاف : الآثار هي وجه حضارة أي شعب وأي امة بشرية اينما كانت في مختلف انحاء هذه المعمورة وعلى اساس هذه المعايير يقاس تقدم او تأخر هدا البلد او ذاك، والآثار هي من الناطق الرسمي لحضارة الشعوب وهي من تحكم على وعي وثقافة وتواجد ذلك الشعب الذي يظل مدى تقدمه مربوط بما يملك من عراقة وتاريخ وبما لديه من إرث ومخزون حضاري وآثار تدل على حيازته لمكان مرموق عبر العصور والأزمان، فالآثار هي التاريخ لأنها تدل على عظيم صنع الانسان وزمن وجودة في ذلك المكان وهي الشاهد للحقب الزمنية والعهود التي عاشها او عاصرها، بل هي تعتبر القيمة الفعلية للأمم وسلعتها الرابحة التي لاتقدر بثمن، وبأختصار فان هوية اي بلد تبقى متعلقة بما يملكه من تاريخ وآثار يستطيع من خلالها ان يظهر ويبرز وجودة بين باقي بلدان العالم، وبالنسبة لملامح تاريخنا نحن الحواشب فنحن اغنياء عن التعريف والكل يعي ويدرك ويعرف تاريخ الحواشب على شتى الصعد والمستويات وعبر محطات التاريخ المختلفة ماضياً وحاضراًً، لكن من دون شك ان تاريخنا يظل مربوط ومتصل بتلك المعالم والآثار والقصور الشامخة التي تدل دلالة واضحة على الكبرياء والإباء والشموخ الذي يميزنا عن غيرنا، بل يعتبر من سمات وصفات الإنسان الحوشبي التي فطر عليها من خالقه عز وجل، وجميعنا يفخر ويعتز بتلك الصور الحضارية التي تثبت سمو ورقي وعراقة حضارة هذه البلاد الضارب في اعماق قديم الزمن وهنا يمكنني القول بان للحواشب تاريخ يسطر باحرف من نور وبحبر من الذهب على مر مراحل التأريخ الإنساني، واقول ان ما يحدث لمعالم الحواشب في وقتنا الحاضر من طمس وتشويه وعبث قبل بعض العابثين الذين لا يعون قيمة هذه المعالم التي تربط حاضرنا بماضينا وتذكرنا فيه فهؤلاء نستطيع القول بإنهم قد استغلوا إهمال هذه التركة من قبل جهات الاختصاص لينقضوا على مابقي منها ويعمدوا على تدميرها وتخريبها والعبث فيها عنوة وبطرق ووسائل تحز في النفس الماً وحسرة فنحن نجدها فرصة للمطالبة بوقف مسلسل العبث بالمخزون الأثري المتواجد في معظم مناطق المديرية والتي تثبت وجود حضارة إنسانية عظيم اكدتها كتب المؤرخين والباحثين في هذا المجال، كما ندعوا جميع المعنيين بضرورة التحرك العاجل لوضع حد للإنتهاكات الصارخه والمتكررة التي تطال معالمنا الأثرية لكونها تعتبر جزء من تاريخنا ومن حياتنا ووجودنا وهويتنا وموروثنا الشعبي والثقافي والإجتماعي.
 
ناصر عبد الهادي سعيد يقول  : يجب على كافة الجهات المعنية تحمل مسؤوليتها تجاه مايحصل وان تعمل جاهدة على صون وحفظ ماتبقى من معالم وآثار الحواشب، وان تعمل على حصرها وتوثيقها وحمايتها من عبث العابثين بوضع خارطة عمل تقوم على اساس حصر دقيق لهذه المواقع والقصور والمعالم وأشهارها وإدخالها في طوابع وإستمارات تعريفيه وتدوينها ونشرها وتعميمها في كل المعاملات التي تجري في إطار المديرية والعمل بكل الطرق والوسائل المتاحة للترويج لها سياحياً وأشهارها لإعادة جزء من الإعتبار الذي تستحقه، وكذلك للتعريف بالمخزون الآثري وبالمعالم التاريخية التي تزخر بها المسيمير والتي تحتضنها غالبية مناطق الحواشب، كما ادعوا السلطات ان تقوم بتحديد هذه المعالم والقصور والآثار في مخططات حتى لايتم الإعتداء عليها من خلال وضع حرم وحدود واضحة الى جانب تشكيل لجان للبحث عن الآثار المطمورة كمسجد  أهل السنة الأثري التاريخي وغيره من المواقع والحصون مثل حصن مناعة وأثار مناطق نعمان وقرين وقلاع محمية مريب وضاحية جول عطاء وغيرها من المواقع المهجورة والمدفونة والأسوار والطرقات والمطارات القديمة.
 
ومضى قائلاً : اطالب بضرورة العمل على توفير حراسة أمنية مشددة لكل المواقع الأثرية وبقايا التاريخ الحوشبي المدفون والمتمثل بالمعالم والآثار والقلاع والحصون والمغارات والقصور والمعابد للحفاظ عليها من ظاهرة النبش والتنقيب غير المشروع التي برزت في الآونة الأخيرة والتي لم تسلم منها حتى القبور، وادعوا كافة الجهات ذات العلاقة بضرورة تمكين حراسات أمنية مؤتمنه تقوم بحماية الأرث الذي تركه الأجداد منذ فجر التاريخ القديم كما هو معمول به في معظم مرافق ومقار وبنوك العالم لكونها تعد الواجهة الحضارية لبلادنا وهي اغلى سلعة نملكها والتي تمثل حقيقة عظمة وأنفت وعنفوان الإنسان الحوشبي وذلك لحمايتها حتى لاتطالها الأيادي العابثة التي لاتعير هذه المكنونات الخالدة ادنى اهتمام.