قراءة في الموقف العربي بمؤتمر #ميونيخ للأمن العالمي

عدن لنج/ محمد مرشد عقابي
اسدل الستار على مؤتمر ميونيخ للأمن في نسخته الـ 56 والذي اختتم اعماله هذا الأسبوع، وناقش المؤتمر الذي عقد في ألمانيا بمشاركة 30 رئيس دولة وحكومة و 70 من وزراء الداخلية والخارجية إضافة إلى العديد من الأكاديميين وممثلي منظمات المجتمع المدني والشركات الدولية العديد من القضايا على رأسها الأمن السيبراني والمنافسة الاقتصادية والتكنولوجية بين الدول الكبرى وتغير المناخ وكذلك الملفات التي تخص روسيا وليبيا وإيران والصين ومستقبل إفريقيا وغيرها من المواضيع، وحضر لبنان بقوة في مؤتمر ميونيخ للأمن الذي بحث في التحديات الأمنية في العالم عبر المشاركة الفاعلة لنائبة رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع زينة عكر على رأس وفد رسمي رفيع المستوى، وقد شهد جدول أعمال عكر ازدحاماً في اللقاءات التي عقدتها في المؤتمر وعلى هامشه مع رؤساء حكومات ووزراء دفاع وخارجية ومسؤولين أمنيين عالميين.
 
وتصدرت المواضيع التي تهم اللبنانيين المباحثات التي أجرتها عكر مع كل من رئيس الوزراء الكويتي صباح الخالد الحمد الصباح ووزيرة الدفاع الألمانية انغريت كرامب كارينباور ووزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي اضافة إلى وزراء دفاع ايطاليا واليونان وسويسرا واستراليا ووزراء خارجية قطر والأردن ومصر وقبرص، وركزت المباحثات على الهم اللبناني والخطة الإنقاذية التي تعتزم حكومة الرئيس حسان دياب تنفيذها لإخراج البلاد من الأزمة الإقتصادية التي تعصف بها، وتناول البحث في لقاءات عكر المتنوعة إلى المساعدات للجيش والقوى الأمنية اللبنانية وملف النازحين السوريين والأعباء التي تترتب عليه.
 
ولعل الحدث الأبرز الذي لفت انتباه عدد كبير من المحللين هو ظهور الشرخ الفرنسي - الألماني إلى الواجهة على مستوى ملفين هما روسيا والاتحاد الأوروبي بينما دعا الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى التقارب بين الاتحاد الأوروبي وروسيا اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موسكو بـ"العدوانية" وقال شتاينماير : "نحتاج إلى علاقة مختلفة، علاقة أفضل بين الاتحاد الأوروبي وروسيا وبين روسيا والاتحاد الأوروبي".
 
وأوضح أنه لا يصح أن تتعايش أوروبا مع مزيد من العزلة بين بلدانها، في المقابل حذر ماكرون من أن روسيا ستواصل زعزعة استقرار الديمقراطيات الغربية "إما عبر أطراف فاعلة خاصة وإما عبر خدمات مباشرة وإما عبر (وكلاء)"، وقال بأنها "ستكون طرفاً فاعلاً عدوانياً للغاية في هذا المجال خلال الأشهر والأعوام القادمة وفي جميع الانتخابات ستبحث عن وضع استراتيجيات تمكنها من الحصول على وكلاء لها".
 
من ناحية أخرى عبر ماكرون عن نفاد صبره من نقص تفاعل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع مشاريعه الإصلاحية بشأن أوروبا، ولدى سؤاله حول قلة الحماسة التي تلاقي بها برلين مقترحاته في السنوات الأخيرة أجاب : "لست محبطاً ولكن صبري ينفد".
 
بومبيو يتخذ المؤتمر منبراً للهجوم على الدولة الفارسية حيث اكد بومبيو أن إيران تنتهك سيادة لبنان والعراق وتستغل الشباب اللبناني والعراقي لمصلحتها، وعدد بومبيو إنجازات الولايات المتحدة الأميركية الأمنية والعسكرية بمواجهة الإرهاب والأطماع الإيرانية، مشيراً إلى بلاده تدين التدخلات الإيرانية في العراق ولبنان وسوريا واليمن، مجدداً التأكيد في ذات السياق بان الولايات المتحدة تحمي مضيق هرمز وتضمن أمن الخليج، وذكر بأن بلاده حاربت تنظيم "داعش" وأفكاره التطرفية ونجحت في التخلص من زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي.
 
بومبيو لم يكتف بالحديث عن عدو بلاده اللدود إيران بل هاجم النظام الصيني فرأى أن الحزب الشيوعي الصيني يشكل خطراً هائلاً على الغرب وقال : "ليس من المقبول إتاحة الفرصة للشبكات الصينية بممارسة القرصنة"، وتقاطع كلام بومبيو مع موقف وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر الذي أكد أن واشنطن لا تسعى للمواجهة مع الصين لكن عليها التوقف عن ممارساتها السلبية، متحدثاً في الوقت ذاته عن التحديات التي تواجهها بلاده على مستوى الجبهات الخارجية، معرباً عن قلق بلاده العميق من تطوير الصين الذكاء الاصطناعي، معتبراً أن التحدي الأمني الرئيسي للولايات المتحدة قد تغير ولم يعد روسيا وإنما أصبح الصين.
 
ورداً على تصريحات الوزيرين الأميركيين قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي إن الاتهامات الأميركية للصين مجرد أكاذيب وافتراءات، مشيراً الى ان بلاده تريد بناء علاقات ودية مع الولايات المتحدة تقوم على اساس الاحترام المتبادل.
 
وأستحوذ أمن منطقة الخليج على جانب كبير من نقاشات المؤتمر، وفي كلمة له قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن "رسالة المملكة العربية السعودية لإيران هي أن تقوم بتغيير سلوكها أولا قبل مناقشة أي شيء آخر".
 
اما وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني فقد اكد في كلمته أن قطر تؤمن بقوة الحوار والالتزام به، داعياً المجتمع الدولي إلى تعزيز تطبيق القانون، وقال : "نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى اتفاقية أمنية لمنطقة الشرق الأوسط، مضيفاً : هناك أكثر من 42 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة في منطقتنا وكثيرون آخرون يعانون مشكلات متعددة.