قراءة تحليلية في المشهد السياسي العراقي (2-3).. قواعد العملية السياسية في بلاد الرافدين

عدن لنج /محمد عقابي
 
يقول المحلل السياسي نشأت عبد المحسن : بنيت العملية السياسية في العراق بعد عام 2003م على مجموعة من القواعد والأسس المستحكمة التي لا تتغير ما لم يسقط النظام ويعاد كتابة الدستور على أسس وقواعد جديدة وأهم هذه القواعد قاعدة الدكتاتورية البرلمانية حيث نرى سيطرت الأحزاب الحاكمة منذ 2003م على جميع السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية فشرعت لنفسها مميزات هائلة وتركت الشعب يعاني الفقر والحرمان لأبسط الضروريات من الماء والكهرباء والتعليم والصحة والخدمات التحتية وعطلت القضاء وملاحقة المفسدين السياسيين، فلا رقابة تحاسب اختلاساتهم وفشلهم، فهذه تعتبر صورة جديدة للدكتاتورية ولكنها جماعية وممنهجة بتشكيل من الأحزاب.
 
 
واضاف : كان لدينا صدام واحد واليوم لدينا ألف صدام وهذه الدكتاتورية لا تهدم الا بتغيير الدستور من برلماني الى رئاسي يفصل بين السلطات الثلاثة  ويوجد الرقابة على السلطة التنفيذية، اما لو تحدثنا عن قاعدة المحاصصة الحزبية فسنجد تقسيم السلطة التنفيذية (الوزارات السيادية والخدمية) على شكل حصص بين الأحزاب الفائزة في السلطة التشريعية وفق الأستحقاق الإنتخابي كما يدعون فهذا الأمر تسبب بكوارث عديدة للعراق مثل الفساد والفشل الاداري وإنعدام الرقابة البرلمانية وتعطيل الخدمات والطائفية والتبعية الخارجية، وعليه فالمحاصصة هي رأس الأفعى لكل هذه الكوارث ولا يسلم العراق الا بقتل رأسها بتغيير الدستور الى الرئاسي وحصر السلطة التنفيذية بشخص واحد وباقي الأحزاب يكون دورها تشريعي ورقابي في البرلمان.
 
 
اما قاسم محمود البصري فيقول : هناك العديد من الأزمات التي مر ويمر بها العراق منها قاعدة التقاسم الطائفي، فهذه المحاصصة التي ذهبت اليها الأحزاب اتجهت نحو الطائفية وتشكيل تكتلات فوق الحزبية (شيعية، سنية، كردية، تركمانية) وتقاسم السلطة على أسس طائفية وحشد الناخبين بشعارات طائفية بعيدة عن المصلحة الوطنية والكفاءة في إنتخاب المسؤولين، فهذه الطائفية تسببت بالارهاب وإراقة الدماء والحروب الداخلية وخلقت الهجرة الداخلية والخارجية في اوساط الشعب ودمرت العديد من البنى الخدمية للمدن العراقية، وآخرها الاستفتاء على انفصال كردستان بينما المفروض أن يكون النظام رئاسي وترشح للمناصب الحكومية على أسس المؤهل والكفاءة لا على أساس الطائفية، كما ان قاعدة التبعية الخارجية لعبت دوراً في العبث بمقدرات البلد وأمنه واستقراره فبعد ان أوجد النظام البرلماني تقاسم السلطة على أسس المحاصصة والطائفية فمن الطبيعي أن تستعين الأحزاب الطائفية بدول خارجية من نفس طائفتها للضغط على خصومها لنيل حصص أكبر في السلطة فأصبحت جميع أحزابنا السياسية تتلقى الدعم المالي والسياسي من دول خارجية ولا نجاة للعراق الا بتغيير الدستور الى النظام الرئاسي حيث لا يضطر فيه الرئيس للتبعية الخارجية لأن السلطة تأتيه مباشرة من إنتخاب الشعب.
 
 
اما عبد الحق عزت السامرائي فيقول : تسبب نظام المحاصصة بتستر الأحزاب الحاكمة على بعضهم البعض في الأختلاسات والصفقات الوهمية مع إنعدام الرقابة البرلمانية وتعطيل هيئة النزاهة والمحاسبة القضائية بينما لا نرى هذا المشهد في النظام الرئاسي لوجود الأحزاب المعارضة للرئيس في البرلمان التي تبحث عن كل صغيرة وكبيرة لإسقاطه، وعندما يكون النظام فاسد والأحزاب الحاكمة قد عطلت الرقابة والقضاء وتقاسمت السلطة فيما بينها وتسابقت في النهب والأختلاس وحولت الوزارات الى مقرات حزبية لرعاية مصالحها فقط وشرعت قوانين تشرعن مميزات هائلة للسياسيين قد أفرغت ميزانية الدولة في جيوبهم فمن الطبيعي أن تكون الخدمات فاشلة وشبه معدومة والمشاريع وهمية للنهب والسطو والسرقة ويبقى الشعب محروم من ابسط حقوقه ويعاني الفقر وإنعدام الخدمات الضرورية للحياة.
 
 
واختتم : يكمن الحل الوحيد لإنقاذ بلاد الرافدين هو القيام بثورة شعبية سلمية تطيح بهذه الاحزاب والتكتلات الفاسدة وتقدمهم للمحاكمة العادلة وتقيم نظام سياسي رئاسي تحت سيادة الشعب.