خبراء: النمو #الإقتصادي لا يتحقق إلا بالإستفادة من حجم الموادر ورفع قدرة الإنتاج وإدارتها بالطرق الصحيحة

عدن لنج/ محمد مرشد عقابي
يؤكد عدد من الخبراء بان الكثير من الدول تعتمد في بناء اقتصاداتها على التحصيص "الريع" وهذه الدول تكون فيها نسبة عالية من الدخل متأتية من الريع الى جانب نسبة عالية من الإنفاق مصدرها الدولة، وعند النظر في هذه المبادئ الإقتصادية نجد أن دولاً عديدة خاصة النامية تبدو مهددة بالإنقراض أو الزوال لانها ليست دولاً ريعية لذا نجدها لا تتقدم في معدلات النمو ومؤشرات الرفاه الإجتماعي مقارنة بدول العالم الأخرى، ونضرب مثلاً بدولة النرويج فهذه الدولة غنية بالمصادر لكنها لا تتصف بخصائص الدولة الريعية ولا تعاني أعراضها مع أن 65 في المئة من صادرات النرويج من السلع هي من النفط تنفق الحكومة النرويجية كما تنفق دول النفط العربية بل وتنفق أكثر من نسبة الناتج المحلي الإجمالي 35.9 في المئة النرويج 21.9 % الكويت 19.3% قطر لذا فان تاريخ النرويج الحديث مختلف جذرياً عن تاريخ بلدان العالم لأن النرويج أصبحت بلداً ديمقراطياً وطورت مجتمعاً مدنياً قوياً قبل أن تكتشف النفط في حقبة السبعينيات، فهذا البلد الأوروبي ليس الوحيد لدول أدارت مصادرها بطريقة حكيمة بل هناك دولاً اخرى عديدة تستحق الإحترام رغم انها من الدول النامية مثل بوتسوانا (الماس) وتشيلي (النحاس) وماليزيا (المطاط) وإندونيسيا.
 
واكد الخبراء في دراسة إقتصادية خصصت للمقارنة بين عشرين دولة بين عامي 1972م و 2000م تمكنت دول نامية مثل بوتسوانا وتشيلي وماليزيا وتايلاند من تحقيق نمو في معدل الوفر المتحقق سنوياً باعتباره نسبة من الدخل القومي فينما أخفقت دول مثل الكونغو ونيجيريا وعمان في الحفاظ على الثروة بل إن حجم الإنكماش بإعتباره نسبة من الدخل القومي تجاوز الـ20%، وفيما يتعلق بمنظومة مؤسسات الدولة بمعنى قوانينها وأنظمتها وأعرافها التي تحكم العلاقة بين الحاكم والمحكوم في ما يتعلق بهذه المصادر فكلما حررت هذه المنظومة أنظمة الحكم من ضرورة العودة إلى المواطنين في معظم دول العالم المتخلف من خلال ممثليهم لتحديد مصادر الدخل وحجمه وأوجه الإنفاق وحجمه كلما مالت إلى الريعية، وكلما جعلت هذه المنظومة المحكوم بحاجة إلى نيل رضى الحاكم لينال قسطاً من الإنفاق العام على شكل امتيازات لا حقوق كلما مالت الى الريعية أيضاً لذا فالمنظومة المؤسسية التي تحكم مرجعيات الدخل والإنفاق هي التي تحدد مدى ريعية الدول وهذا البعد المؤسسي يذكرنا بالإسهامات الحديثة التي تعيد النظر في ما تسمى "نقمة الموارد" فتصر على أن ليس هنالك نقمة موارد إنما "نقمة مؤسسات" أي إنه بوجود الإرادة السياسية وبناء المؤسسات التي توجه الحوافز بالاتجاه الصحيح من الممكن أن تتحول نقمة الموارد إلى "نعمة الموارد" في غالبية دول العالم النامي، وعند السؤال عن كيف تمارس الدولة هذه الخيارات، وكيف تفاضل بين الكلف والمنافع المختلفة للمصادر وأوجه الإنفاق فإذا كان لديها خيارات إقتصادية واضحه في تحديد مصادر دخلها كما لديها خيارات في طرق إنفاق هذا الدخل فالدولة التي لديها رؤية اقتصادية للنهوض والتنمية عليها أن تحصل على شكل ضرائب من الشعب ولهذه الضرائب أشكال متعددة مثل ضريبة الدخل والمبيعات والجمارك وغيرها وإما تحصل من مصادر الريع المختلفة المصادر الطبيعية وبيع الأصول والخصخصة المساعدات الخارجية وعند تصنيف الدولة إذا ما كانت ريعية أم لا لا يقتصر النظر إلى النسبة التي تشكلها مصادر الريع من الدخل الكلي للبلد كما تركز أدبيات الريع إنما في الأسس التي تبنى عليها المفاضلة وبالتالي الخيارات إذ إن وجود مصادر الريع المختلفة شرط ضروري لكنه ليس كافياً لقيام دولة الريع، حيث بالإضافة إلى توافر الريع وإمكانية استخدامة تحدد منظومة الدولة المؤسسية مدى وكيفية استخدامه.
 
ويرى خبراء اقتصاد آخرون بان تصنف الدولة باعتبارها دولة ريعية وفقاً للمعايير اهمها إن لم يكن هناك آلية لتوفيق وإعادة توفيق أولويات السلطة وأولويات المجتمع من خلال المؤسسات الديمقراطية وكذا إذا دأبت السلطة على الإنحياز لتعظيم دخلها المحصل من الريع مقابل الدخل الضريبي بغض النظر عن الكلف الحقيقية لذلك وأثرها في الأجيال القادمة على شكل إستنزاف للثروة في الدول النفطية أو التزامات الدول المانحة في الدول غير النفطية ضف الى ذلك إذا كانت الحرية المتاحة للسلطة في إنفاق الإيراد الريعي لأنه غير خاضع للرقابة أوسع من الحرية المتاحة في إنفاق الإيراد الضريبي لأنه ضمن الموازنة أو خاضع لرقابة ديوان المحاسبة، والعكس صحيح فالدولة التي يتوافر لها الريع وإمكانية استخدامه ليست دولة ريعية إذا استخدمته ضمن المنظومة المؤسسية فإذا كان لديها آليات ديمقراطية تساعد في الوصول إلى توافق حول الأولويات العامة بين السلطة والمجتمع وكذا إذا أخضعت الكلف للمصادر المختلفة بما فيها الكلفة السياسية نحو الخارج للمساعدات والقروض والكلفة السياسية لإستنزاف الموارد نحو أجيال المستقبل لأسس وآليات واضحة للمقارنة والمفاضلة بين مصدر وآخر الى جانب إذا توافرت أدوات الرقابة والمساءلة والشفافية نفسها على الإنفاق بغض النظر أريعياً كان مصدره أم ضريبياً فهذه المقاربة للدولة الريعية تخرجنا من حتمية الموارد إذ يصبح أساس تصنيف الدولة باعتبارها ريعية أم غير ذلك معتمداً بشكل أساسي على مدى فاعلية عملية تحصيل الموارد الريعية وتنظيم استخداماتها وفقاً لأولويات المجتمع حيث تشكل الموارد الطبيعية ومصادر الريع الأخرى تحديات مشتركة للدول الغنية بها إلا أنها تمنح أيضاً فرصاً لهذه الدول للإستفادة من هذه المصادر بشكل مستدام، ويجابه الدولة الريعية خياران استراتيجيان في التعامل مع الريع والتنمية المستدامة الأول تطويع الإنتاج في خدمة الريع والثاني تطويع الريع في خدمة الإنتاج والدول تمتلك خبراء وعلماء اقتصاد لديهم الفكر القويم والرؤى الإستراتيجية في البناء والتنمية هي من تستطيع الوقوف على اقدامها والنهوض بواقعها في جميع الجوانب والمستويات الخدمية والحيوية.