هل تضع أحزاب المعارضة التركية حداً نهائياً لمسرحيات "أردوغان" المثيرة؟

عدن لنج /محمد عقابي
 
 
أوعز الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" زعيم حزب العدالة والتنمية مؤخراً خلال مؤتمراً بالفيديو كونفرانس مع جميع رؤساء حزبه في كافة المقاطعات بالقيام بالتحضيرات اللازمة لإجراء انتخابات ضمن جميع المحافظات، وبحسب محللين فان هذا الإيعاز يوحي بان تشهد تركيا إنتخابات مبكرة في المستقبل القريب، مراقبون للمشهد التركي يتسائلون عن الأهداف الكامنة وراء هذا التوجه لأردوغان ولماذا أصدر مثل هذا الأمر.
 
 
 
وفسر بعض المحللين هذه التحركات بانها تاتي وفق منهجية واستعداد حزب العدالة والتنمية (AKP) لإجراء انتخابات برلمانية جديدة في وضع وقعت فيه العديد من الحوادث في الأشهر الأخيرة والتي كانت جميعها تنصب ضد رغبات وتطلعات "أردوغان" وأهمها فصل الأشخاص المقربين له من حزب العدالة والتنمية الذي يمثل السلطة العليا في البرلمان والحكومة التركية منذ عام 2002م ولكن الآن على عكس الماضي بحسب رأي المحللين فقد تغير الوضع بشكل كبير الأمر الذي يحتاج إلى التحقيق والتمحيص حيث ينوي أردوغان استخدام الوقت الذي يرى فيه زمن الإنتصارات والنجاحات في التطورات التي تشهدها عدة ساحات مثل سوريا وليبيا بالإضافة الى مكافحة إنتشار فيروس كورونا كأداة للفوز بالإنتخابات الجديدة.
 
 
من جانب آخر يرى مهتمون بالشؤون التركية ان السنوات التي تلت عام 2002م لم يكن فيها وضع "أردوغان" معقداً كما هو حاصل الآن من حيث إمكانية فوز حزبه في الإنتخابات مرة أخرى، ففي جميع الإنتخابات السابقة إما أن حزب العدالة والتنمية وحده من يصل إلى حد النصاب القانوني 50 واحد أو في الإنتخابات الأخيرة حيث نجح في تشكيل الحكومة إلى جانب حزب الحركة الوطنية (MHP)، وعلى عكس الماضي يبدو أن الأحزاب الآن معارضة لأردوغان ولحزب الحركة الوطنية وتكن لهم نوايا جادة لإنهاء سلطة "أردوغان" وحزبه ومن المحتمل أن يشكل تحالفهم حكومة تركية جديدة.
 
 
 
وتؤكد جميع التحليلات بان الأحزاب التركية البارزة بصرف النظر عن حزب "الحركة الوطنية" بقيادة حكومة "الباغشيلي" ينتموا جمعياً الى بوتقة المعارضة لحزب العدالة والتنمية الذي يصفونه بـ"المتطرف"  وهذه يجعل الأرضية المشتركة كافية لرؤية الرئيس التركي ينهار ويسقط ويهوي من العرش الى وآد سحيق.
 
 
 
من جهة مقابلة يشير العديد من النقاد الى انه يمكن اعتبار حزب الشعب الجمهوري التركي (CHP) أهم منافس لحزب العدالة والتنمية، فهو الحزب الذي يمكنه بالتأكيد الحصول على حوالي من 20 إلى 30 بالمائة من الأصوات لكن النقطة المفصلية هي في وحدة المعارضة التركية أي حلفاء أردوغان القدامى، حيث أدى إنشاء حزبين مستقبليين من قبل "أحمد داؤود أوغلو" والتقدم والديمقراطية (DEVA) من قبل "علي باباجان" وانفصالهما عن الهيئة الرئيسية لحزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP) إلى خلق ديناميكية كبيرة في أداء أحزاب المعارضة ونتيجة للتطورات الأخيرة في السياسة الداخلية التركية أصبح من الممكن تغيير تكوين ائتلاف المعارضة التركية.
 
 
 
وبحسب مراقبين للمشهد التركي تبدو إمكانية وحدة وتحالف أحزاب المستقبل والتقدم والديمقراطية مع حزب الشعب الجمهوري لهزيمة "أردوغان" أمراً محتملاً للغاية، فبالإضافة إلى هذه الأحزاب فإن حزب الشعب الديمقراطي الكردستاني (HDP) هو حركة سياسية أخرى قادرة على كسب ما لا يقل عن 10 أصوات ممكن أن تلعب خلالها النسبة المئوية دوراً محورياً مهماً في إنهاء سلطة "أردوغان"، لذا يجب أن تؤخذ أصوات الحزب الجيد بقيادة "ميرال أكسنر" بعين الإعتبار سيما وهذا الحزب قد انفصل عن حزب الحركة الوطنية ولديه توجهات وطنية تركية كبيرة وهناك خطوات تثبت نوايا الحزب للإنضمام إلى باقي الأحزاب المعارضة الأخرى لدفع "أردوغان" لأسفل الهاوية والى منحدر قد لا يتعافى بعده ابداً.
 
 
 
المتابعون للمشهد التركي يترقبون ظهور مزيج من التطورات على الساحة المحلية منها ما ستتمخض عنه تصريحات المسؤولون السياسيون لهذه الأحزاب المعروفة باسم معارضة الحزب الحاكم، إذ أن هناك احتمالًا لتواجد معارضة موحدة وتأريخية لحزب العدالة والتنمية في الإنتخابات البرلمانية المقبلة لذلك يبدو أن "أردوغان" اصبح قاب قوسين او ادنى من التلاشي سياسياً ويسمع طنين ناقوس الخطر الآن يرن في أذنيه طالما وهناك مؤشرات تؤكد عدم قدرة حزبه على رئاسة الحكومة بعد حوالي عقدين من تولي زمام الحكم، ويعتقد الكثيرين بان احد الممرات والإستراتيجيات التي اتخذها أردوغان على مر السنين الماضية للحفاظ على سلطته كان "تغيير النظام السياسي" من (برلماني إلى رئاسي) وهو ما يعطي دلالة بانه كان ينوي أن يبقى هو الرجل السياسي الأول في تركيا حتى لو خسر الأغلبية البرلمانية في إنتخابات مباشرة بالإعتماد على أصوات الشعب، ولكن خانه ظنه حيث لا تسير الأمور حالياً على ما يشتهيه أردوغان الشيء الذي يعطي احتمالية كبيرة لتغيير بوصلة الإتجاه السياسي وبالتحديد في العام 2023م اي في انتخاباته الرئاسية الجديدة التي سيتم فيها عزله بشكل دائم ونهائي عن السلطة في تركيا.
 
 
 
ويرجح الكثير من المتابعين لسباق الرئاسة في تركيا فوز عمدة اسطنبول "أكرم إمام أوغلو" العضو البارز في حزب الشعب الجمهوري الذي يعتبر المرشح الأكثر احتمالاً لإنهاء حكم "أردوغان" في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، وتجدر الإشارة إلى أن الإنتخابات البرلمانية القادمة في تركيا مهمة للغاية أيضاً لأنه إذا استطاع أي من "أحمد داوود أغلو" أو "علي باباجان" اللذان كانا حليفين مقربين من أردوغان في الماضي أن يحققان نجاحاً كبيراً في الفوز بالأصوات فقد يكونان منافساً خطيراً لأردوغان ويتسببا بإسقاطه من سدة الحكم.