تداعيات أزمة تأرجح الأسعار تلقي بظلال تأثيرها على أكبر منتجي النفط بالعالم

عدن لنج /محمد عقابي
 
 
شهدت أسعار النفط اليومين الماضيين تراجعاً طفيفاً وسط مخاوف من ان يخرج تعافي الطلب على الوقود عن مساره من جراء الإرتفاع في وتيرة إصابات فيروس كورونا بأنحاء العالم، حيث انخفض خام برنت 36 سنتاً بما يعادل 0.8% الى 42.78 دولار للبرميل بعد ان انخفض قليلاً الأسبوع الماضي، ونزل معه سعر الخام الأميركي 34 سنتاً او 0.8% إلى 40.25 دولار للبرميل بعد ان زاد أربعة سنتات الأسبوع الماضي ايضاً.
 
 
 
ورصد موقع "Oil Price" الأميركي في تقرير مطول وجهات النظر المختلفة بين "الرياض وموسكو" بشأن أسعار النفط وما يمكن ان ينتج عن ذلك التباين، وجاء التقرير بعنوان (هل يمكن أن تمد السعودية فترة سريان اتفاق أوبك حتى 2022م؟) مستعرضاً موقف الطرفين وتداعيات الخلاف بينهما على صناعة النفط في العالم.
 
 
 
واعتبرت الآراء الرسمية التي طرحتها مجموعة "أوبك " خلال اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة العشرين منذ أيام أنها إشارة إيجابية مع تخفيف القيود على إنتاج النفط في أغسطس نتيجة للإرتفاع المتوقع على الطلب، لكن وزير الطاقة السعودي ووسيط الدولة الأقوى في أوبك قال في تصريح لقناة "العربية" إنه قد يرى تطوراً من خلال اتفاق مجموعة "أوبك " التي تضم 23 دولة مصدرة للنفط منها 13 دولة عضواً في منظمة البلدان المصدرة للبترول على تمديد فترة اتفاقية إنتاج النفط حتى نهاية عام 2021م او حتى بداية 2022م.
 
 
 
ولم تستوعب حتى اللحظة الأسواق هذه الأنباء، بل إنها تظهر انقساماً محتملاً في وجهات النظر داخل "أوبك "، حيث جدد الوزير السعودي التأكيد على انه ما زال أمامنا إجراءات ستستمر خلال الفترة المقبلة، وكجزء من منظومة التعافي حتى يزول الوباء قررنا ان يكون هناك اجتماع شهري من قبل هيئة مراقبة سوق النفط للتأكد من تنفيذ الإلتزامات وتقديم التوصيات إلى مؤتمر "أوبك ".
 
 
 
وتختلف تصريحات الأمير "عبدالعزيز" عن وجهة نظر وزير الطاقة الروسي "ألكسندر نوفاك" عن السوق والذي اكد بأن قرار مجموعة أوبك بتقليص التخفيضات رسمياً إلى 7.7 مليون برميل يومياً اعتباراً من أغسطس إلى 7.7 مليون برميل يومياً له مبرراته ويتماشى مع اتجاهات السوق.
 
 
 
وأدلى "نوفاك" بتصريحاته في افتتاح اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة، وتبدو وجهات نظر روسيا أكثر تفاؤلاً بشأن الزيادة المحتملة في الطلب على النفط والمنتجات البترولية على مستوى العالم.
 
 
 
وبحسب موقع "عربي بوست" فقد أوضحت المملكة العربية السعودية أنها لا تريد أن تواجه انتعاشاً اقتصادياً محتملاً على شكل حرف W (وهو نموذج من التعافي الإقتصادي يشهد تعافياً سريعاً من الركود، لكن لا يستمر طويلاً وتنتكس المؤشرات الإقتصادية مرة أخرى وتدخل في حالة تراجع كبير)، وكذلك موجة ثانية محتملة من فيروس كورونا المستجد، مرجحاً بان تتوقف المملكة العربية السعودية عن تحمل اعباء تخفيضات إنتاج النفط، إذ تتعرض استراتيجية النفط السعودية الكبرى لإنتقادات داخلية مع استمرار انخفاض عائدات التصدير.
 
 
 
وسجلت الصادرات النفطية في يونيو "حزيران" ويوليو "تموز" معدلاً أقل مقارنة بالفترات السابقة، وينطبق الشيء نفسه على النفط الروسي، لكن الأجندات السياسية والاقتصادية تسير الآن بوضوح في اتجاه مختلف بالنظر إلى تصريحات الوزير 'نوفاك والأمير عبدالعزيز"، ومن أجل عدم المخاطرة باندلاع أزمة داخلية أخرى أو حرب أسعار نفطية وحرب سوق مباشرة بين البلدين اللذان يمثلان أكبر منتجي نفط في العالم، طرح حل وسط بينهما يقوم على أسس هشة إذ اقل ما يمكن ان يقال عنه بانه يتماشى مع الطلب الضعيف على الواردات النفطية.
 
 
 
وتفيد التوقعات الحالية بان أسواق النفط تعاني من عجز وهو ما سيؤدي إلى سحب النفط الخام من المخازن، وتتطلع أوبك في العام 2021م الى زيادة إنتاجها الإجمالي بمقدار 6 ملايين برميل في اليوم، ويتمثل الدافع وراء ذلك في الحاجة إلى عائدات أعلى وليس استقرار السوق، وما غذى شعور التفاؤل داخل مجموعة أوبك هي التوقعات بشأن انتعاش على شكل حرف V (الذي يعني حدوث ارتفاع وتحسن سريع بعد بلوغ ذروة الركود الإقتصادي)، وتتوارد أنباء إيجابية عن صعود المؤشرات الإقتصادية في الصين وإنهاء عمليات الإغلاق الرئيسية في أوروبا.
 
 
 
ويرى بعض الخبراء الإقتصاديين بان نجاح أوبك يمكن بسهولة ان يمهد الطريق امام تحول محتمل في معادلة التوازن الهش بين العرض والطلب الذي يعاني حالياً من التضخم، وبعد أشهر من تصدر أزمة تخزين النفط العناوين الإخبارية يبدو ان الدول تتخلى عن التفكير المنطقي الآن، إذ لا تزال المخزونات العالمية من النفط التي جمعتها خلال الفترة الماضية مكدسة ومتراكمة بالفعل وتحتاج إلى الإنخفاض لتحقيق مزيد من الإستقرار في السوق.
 
 
 
وتشير المصادر الخبيرة بهذا الشأن الى وجود خطر واضح يهدد عملية تسويق المشتقات النفطية في الأسواق العالمية ويتمثل ذلك في حدوث نموذج تعاف اقتصادي على شكل W، فنهج أوبك الحالي ليس مستداماً وليس هناك مجال للمرونة طالما بقيت مخزونات النفط مرتفعة والطلب ضعيفاً، ولن تشهد الأسواق انتعاشاً كاملاً، لذا يجب أن تجد "موسكو والرياض" حلاً طويل الأمد إذا أرادتا رؤية انتعاش حقيقي في أسواق النفط العالمية وفي حال لم يحدث ذلك فإن علامات انفصال البلدان العملاقان في إنتاج البتروكيماويات عن بعضهما قد تلوح بوادره في الأفق القريب.