مختصون يمنيون يحذرون من مخاطر مشروع طمس التأريخ والهوية الذي تنفذه مليشيا #الحوثي

عدن لنج /محمد عقابي
 
أتهم مختصون ومهتمون في مجال التحف والمخطوطات والأثار والمعالم التأريخيه، مليشيا الحوثي المدعومة من إيران بالعمل على تدمير الشواهد الحضارية والتراثيه في محافظة إب اليمنية، محذرين من أستمرار محاولة التدمير والطمس والسرقة والتهريب الممنهج التي تقوم بها بعض العصابات وتجار الحروب بتواطئ وإيعاز من قبل جماعة الحوثي الإيرانية، وتشمل الآثار والقطع التي تعود إلى تاريخ اليمن القديم أو تلك التي تعود إلى التاريخ الإسلامي.
 
ووجهت مصادر في العربية اليمنية أصابع الإتهام الى الجماعة الإنقلابية المدعومة من إيران، مشيرة الى انها تسعى لترسيخ موروث عنصري وإرث سلالي بدلاً من الإرث التأريخي للجمهورية العربية اليمنية، وهو ما جعلها تفرغ متحف محافظة إب من محتوياته وتمنحه لإحدى الأسر كمسكن وتحول بعض الأماكن والمواقع والمعالم التأريخيه الى ثكنات عسكرية، فضلاً عن إهمالها لحراسة المواقع الأثرية في المحافظة، وسماحها بالعبث بعملية ترميم الجامع الكبير المعروف باسم الجامع العمري والذي بني في عهد الخليفة "عمر بن الخطاب".
 
وأشار مسؤولون محليون لوسائل الإعلام إن القطع الأثرية التي كانت في متحف المدينة وتعكس حضارة آلاف السنين تحولت اليوم إلى بقايا ركام وإطلال من الماضي وأصبح الكثير منها أثراً بعد عين، على خلفية قيام سلطات الحوثيين بمصادرة مبنى المتحف ومنحه لإمرأة قيل إنها نازحة من الحرب التي سببها إنقلابهم على نظام البلد الجمهوري، لأفتين الى ان السلطة المحلية المعينة من الحوثيين أخرجت القطع الأثرية النادرة التي كانت معروضة في المتحف ووضعتها في أكياس وكراتين وأودعتها أحد المخازن التابعة لمكتب الثقافة في المحافظة منذ عام 2015م ما تسبب في إتلاف المصوغات البرونزية والمخطوطات وأدوات صيد قديمة كما تحطمت بفعل ذلك معظم الأوان الفخارية والحجرية التي نقش عليها عبارات بخط المسند القديم ما أفقدها قيمتها التأريخية إذ كساها الصدأ وجعلها مجرد قطع متفحمة لا قيمة لها، فيما البعض منها يظهر وكأن ناراً التهمتها وحولتها إلى رماد.
 
على ذات السياق، ذكرت العديد من المصادر بأن العشرات من الأساور والسيوف والخناجر البرونزية القديمة والتي كانت ضمن مقتنيات متحف محافظة إب اليمنية أتلفت كما أن قطعاً أثرية مختلفة أخرى من الأحجام وتماثيل على شكل حيوانات جرى العبث بها وتحولت إلى حطام.
 
ووصف سكان في مدينة إب أفعال الجماعة الحوثية ضد الآثار في المحافظة بأنها عبث ممنهج لا ينم عن أي احترام او تقدير لتأريخ العربية اليمنية وحضارتها الموغلة في القدم، كما أتهم سكان إب عناصر مليشيا الحوثي بأنهم من سمحوا بامتداد هذا العبث الكبير ليطال واحد من أقدم وأعرق دور العبادة في اليمن وهو "الجامع العمري" أو "الجامع الكبير" والذي بني في النصف الثاني من القرن الهجري الأول، ويبلغ عمر مئذنته نحو 900 عام وفق ما أكده مكتب الآثار في المحافظة.
 
وأناطت الجماعة الحوثية بحسب المصادر لأحد المقاولين التابعين لها القيام بمهام ترميم الجامع بطريقة أفقدته قيمته التأريخية ومكانته الحضارية كمنارة علم في المدينة على مر العصور.
 
وكان فريق من خبراء الآثار زار مدينة إب حديثاً، وأعد تقريرا أكد فيه أن مواد البناء التي استخدمت في ترميم الجامع لا تتماشى والطابع الأثري والمعماري الذي يتميز به على مر التأريخ، وأن المقاول المنفذ سبب في طمس هوية هذا المعبد، إضافة إلى فساد المديرين السابقين وطاقم مهندسي الآثار في المحافظة.
 
ولفت التقرير إلى أن بقاء الوضع على حاله يهدد بإنهيارات في أجزاء متعددة من الجامع وبخاصة أن مكتب الأوقاف قد أنفق مبالغ طائلة للترميم تكفي لبناء جامع أكبر منه، وأن الأعمال المنجزة من الترميم مخالفة للمواصفات ولا تساوي المبالغ المالية الخيالية التي أهدرت على ذلك وأنها لن تصمد أمام الأمطار وعوامل التعرية وطول فترة البناء.
 
وتعد "إب" او اللواء الأخضر من أهم المدن واجملها على مستوى الجمهورية العربية اليمنية، ومع انها كانت عاصمة لأهم دولة يمنية ظهرت قبل الميلاد وهي الدولة "الحميرية" والتي اتخذت فيما بعد من مدينة "ظفار" عاصمة لها، إلا أن الحوثيين سحبوا القوات التي كانت حكومة العربية اليمنية قد وضعتها لحماية تلك المواقع الأثرية التي لم تستكشف بعد بحسب ما أكدته الكثير من المصادر المحلية لوسائل الإعلام المختلفة.
 
وأوكلت الحكومات اليمنية المتعاقبة قبل الإنقلاب الحوثي لهذه القوات مهام حماية هذه المواقع الأثرية ومنع محاولات العبث بمكوناتها سيما بعد تنامي حوادث التنقيب العشوائي الجائر وأعمال حفر القبور التأريخية للبحث عن المجوهرات الذهبية والعملات وأيضا التماثيل البرونزية لتهريبها وبيعها.
 
وذكرت مصادر مطلعة أن خطوة الحوثيين هذه فتحت الباب أمام عودة العبث بهذه المواقع بما فيها من كنوز أثرية غير مكتشفة، إذ نشط المهربون وتجار الآثار في ظل حماية كاملة من مليشيا الحوثي لتنفيذ مهامهم سلب ونهب وتخريب هذه المكتنزات الحضارية والمكنونات العريقة، حيث تنتشر القطع الحجرية الضخمة المزينة برسوم الوعل الذي كان رمزا للقوة عند أبناء العربية اليمنية القدماء.
 
أوضحت المصادر نفسها أن موظفين استطاعوا إحصاء 45 نوعاً من هذه الأحجار مختلفة الألوان والرسوم فيما استولى السكان على أحجار أحد القصور والمعالم التأريخية ولم يتبق منه سوى صفين من الأحجار، حيث يسعى العاملين في قطاع الآثار إلى حصر ما تبقى من تلك القطع الأثرية في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ووضعه داخل حقائب خاصة مزودة بأغطية تمنع الرطوبة إلى حين تجهيز متحف لعرضها كونها تعد إرثاً وموروثاً يدل على عراقة التأريخ وعظمة صنيع الإنسان الذي لا يقدر بثمن.