تحذيرات جديدة.. #داعش ومحاولات مستميتة لتصدر الواجهة

عدن لنج/خاص

"داعش لم ينته بعد"، تحذير قوي مدعوم بعديد من الدلائل المؤكدة على مدى ما يشكله نشاط متصاعد لعناصر التنظيم من خطورة شمال شرقي سوريا، أدلى به أخيراً قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، مظلوم عبدي.

 

تصريحات عبدي، التي شملت التأكيد بشكل واضح على أن التنظيم يسعى إلى إعادة بناء وإحياء نفسه من جديد في المنطقة ويكثف هجماته فيها، جاءت بمثابة دق ناقوس الخطر بشأن استغلال التنظيم ثغرات مختلفة لإعادة تصدر الواجهة من جديد.

 

وهي التحذيرات المُتجددة التي جاءت متزامنة في الوقت نفسه مع تحذيرات مماثلة، يوم الأربعاء الماضي، أطلقهاالرئيس العراقي برهم صالح، عندما قال إن التنظيم يسعى لاستغلال المناطق الصحراوية القريبة من الموصل والأنبار وكركوك؛ من أجل العودة إلى الواجهة من جديد.

 

الخلايا النائمة

 

بموازة ذلك، يرى محللون أن "تنظيم داعش لم يسقط حتى نتحدث عن عودته"، وهو ما يلفت إليه للباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، الذي يقول في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "التنظيم ربما سقط مكانياً أو جغرافياً وخسر جزءاً من الأرض، لكنه مازال موجوداً بخلاياه المنفردة، ومازال موجوداً من خلال تنفيذ عمليات نوعية، وهذا ما لاحظناه في العراق على سبيل المثال وفي سوريا أيضاً، وقد تكون القيادات قد غابت بشكل كبير وتم استهدافها وسقطت هذه المملكة المزعومة مكانياً جغرافياً، لكن التنظيم كتنظيم مازال موجوداً ويشكل خطورة".

 

ويلفت أديب في السياق ذاته إلى أن "دلالات وجود التنظيم تبدو أكثر وضوحاً في قدرته على تنفيذ هذه العمليات، مدعوماً بسيطرته على عديد من الثروات الخاصة بالمناطق التي سبق وسيطر عليها، وحجم الأموال التي لا زالت بحوزته، ما يعطيه قوة مادية ربما تدعمه للعودة مرة أخرى".

 

وفي الوقت الذي يستبعد فيه الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، إمكانية عودة التنظيم للسيطرة على الرقة والموصل، يرى أنه "من الممكن أن يعود في شكل وجود قوي لا يقل عن الوجود القوي الذي كان موجوداً عليه في العام 2014 عندما أقام كيانه في 29 يونيو في 2014..التنظيم يتحرك في مساحة الممكن، وهو أن يكون موجوداً ومسيطراً وأن ينطلق من هذه السيطرة إلى سيطرة على أماكن أخرى، وهذه السيطرة قد لا تكون مكانية، ولكن قد تكون عسكرية استراتيجية تؤهله لإقامة هذه الدولة في إفريقيا على سبيل المثال أو السيطرة على أراض أخرى في الشرق الأوسط بخلاف الرقة والموصل

 

عمليات

 

وحقق التنظيم -على رغم إعلان هزيمته- عمليات لافتة في الفترة من 22 مارس 2019 وحتى الآن، وهي العمليات التي يقول عنها أديب إنه "تمكن من خلالها أن يقول إنه لا يزال موجوداً"، لافتاً إلى أن "طريقة تنفيذ تلك العمليات تدفعنا لكي نقول إنه ليس فقط متواجداً، وإنما متواجداً بقوة في شكل خلاياه المنفردة، والتي قد تكون أقوى من سيطرته على الرقة والموصل".

 

ودعت قوات سوريا الديمقراطية الولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي لزيادة دعمها في مواجهة التنظيم.

 

ورداً على سؤال ما إذا كان ذلك الدعم من شأنه إحباط فرص التنظيم للعودة من جديد، يقول أديب في معرض تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "السيطرة المكانية للتنظيم على الرقة والموصل كانت تجعل التحالف يستهدفه بسهولة من خلال عمليات جوية؛ لأنه يراه بعينه في نطاق جغرافي محدد، لكن وجود التنظيم الآن في شكل خلايا منفردة، قد لا تجعل القوة المناهضة له سواء في التحالف أو القوات المحلية والإقليمية تستطيع التعامل معه، فالخلايا النائمة أشبه بالورم السرطاني غير المرئي الذي ينتشر بكثرة".

 

مخيم الهول

 

وطبقاً للمعلومات التي كشفت عنها قوات سوريا الديمقراطية، فإن مخيم الهول، في محافظة الحسكة شمال سوريا بالقرب من الحدود السورية العراقية، شهد تصاعداً في عمليات القتل، بواقع أكثر من 23 عملية منذ بداية العام الجاري، ومعظمها "على صلة بتنظيم داعش."

 

الحملات الأمنيّة التي تم إطلاقها بالمخيم، أسفرت عن اعتقال عدد من الضالعين في تلك العمليات. وكشفت المعلومات عن أن عناصر داعش وأنصار التنظيم داخل المخيم يحصلون على تعليمات من خلايا تابعة له انتقلت إلى المنطقة المحيطة بالمخيم، وفق تقرير حديث نشره موقع "صوت أميركا" تضمن تحذيرات "قسد" من عودة نشاط التنظيم من جديد.

 

تكشف تلك الزاوية تحديداً جانباً آخر لواحدة من أخطر الثغرات، يتحدث عنها الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة ماهر فرغلي، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، وذلك بالإشارة إلى أن "مخيم الهول تحديداً يمثل مشكلة كبيرة جداً.. في تلك المخيمات أطفال ورجال ونساء وشيوخ، شهدوا الحرب وويلاتها وعديد من المذابح، بما لذلك من آثار نفسية واجتماعية هائلة على أعداد كبيرة جداً داخل المخيمات، بخلاف المشكلات الموجودة داخل المخيمات نفسها، لجهة قلة المساعدات، وكذا الأمراض وحتى المشكلات الاجتماعية".

 

ويشير إلى أن هذا الأمر "يخرج جيلاً ربما أكثر إرهابية وتطرفاً من الجيل السابق، يشكل فيما بعد تحديات أمنية كبيرة على بلدانهم"، مشيراً إلى أن ذلك يمثل ثغرة خطيرة، وتحدٍ أمني وقانوني وحتى سياسي فيما بعد.

 

ويلفت الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة إلى أن "تنظيم داعش لا يزال موجوداً حول المخيمات وامتداداتها، وقياداته وخلاياه تتحرك في الصحاري، ومن ثم فإن المسألة عميقة، ولم تُحل بشكل واضح، إنما حُلت بشكل ظاهري فقط.. تنظيم داعش كدولة انتهى، لكن الجماعة والتنظيم نفسه لا يزال موجوداً".