خُمس الشعب المصري مدخن.. لماذا لم ينجح رفع أسعار السجائر في مساعدة المدخنين على الإقلاع؟

عدن لنج - هافينغتون بوست عربي

 

أدى ارتفاع سعر السجائر في السوق المصرية إلى ظهور حالة من التململ بين جمهور المدخنين الذين يشكلون خمس الشعب، بعدما شحّت الأصناف التي تضخها “الشركة الشرقية للدخان”، ما خلق سوقاً سوداء لبيعها بأعلى من السعر الرسمي.

أسعار السجائر أجنبية تصنع في مصر قفزت خلال الأيام الماضية من 24 جنيهاً (قرابة 2.4 دولار) إلى 30 جنيهاً (3 دولار) في السوق السوداء.

وأرجع مصدر في الشركة الشرقية لـ “هافينغتون بوست عربي” سبب نقص الإنتاج لنقص الدولار اللازم لاستيراد التبغ الذي تستورده “الشركة المحتكرة لإنتاج السجائر في مصر، سواءً المحلية أو العالمية. ولكنه قال إن الأزمة طارئة، وهناك وفرة في التبغ حالياً”.19.6% من سكان مصر مدخنون


وتزامناً مع اليوم العالمي لمكافحة التبغ في 31 أيار/مايو، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن إجمالي عدد المدخنين في مصر نحو 19.6% من إجمالي السُكان (15سنة فما فوق)، وأن نسبة المدخنين الذكور 41%، والإناث أقل من 1%.

وأوضح الجهاز أن 22.5 % من الشباب في فئة العمر 25 - 44 سنة مدخنون، وأن أكثر من 60% من إجمالي المدخنين يدخنون من 15 - 24 سيجارة يومياً.

وكشف أن 33% من المدخنين حاولوا الإقلاع عنه، وأن 85.3% من المدخنين الحاليين تلقوا نصيحة طبية بالإقلاع خلال السنة السابقة للبحث.

رفع الأسعار لا يوقف التدخين

وفي فبراير/شباط الماضي، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قراراً بزيادة الضرائب على السجائر المحلية والمستوردة، تعتبر الزيادة الثانية خلال نفس العام المالي، في وقت تشهد فيه السجائر زيادات ضريبية متتالية منذ العام 2010.

وبحسب تجار، فإن استهلاك السجائر يشهد تراجعاً نسبياً عقب كل زيادة في أسعار السجائر، ولكنه سرعان ما يعود لوضعه السابق بعد أن يعتاد المواطنون على الأسعار الجديدة.

ويقول مجدي محمد - بائع سجائر - لـ “هافينغتون بوست عربي”، إن “الإقبال لا يتوقف غالباً، فبعد أن يغضب المدخنون من ارتفاع الاسعار ويعلنون التوقف عن التدخين، يعودون لشرائها بدعوى أنها تنفس عن همومهم، ما يرفع في النهاية أرباح شركات السجائر وخزينة الحكومة”.

وأدى رفع ضرائب السجائر 50% بقرار السيسي لارتفاع إيرادات الحكومة خلال الستة أشهر الأخيرة من العام 2015 إلى 12.4 مليار جنيه، وهو ما يساوي ضعف الضريبة على أرباح قناة السويس خلال الستة أشهر الماضية (حوالي 6 مليارات جنيه)، بحسب بيانات عام 2015 لوزارة المالية.

وقال وزير المالية الدكتور هاني قدري، “إن الحصيلة الأخيرة لرفع أسعار السجائر المحلية والأجنبية وفقاً لقرار السيسي، ستصل لـ 5.5 مليار جنيه، ستذهب لخزينة الدولة، وسيتم تخصيص 1.6 مليار جنيه من هذه الحصيلة لخدمات التأمين الصحي”.

وبحسب تقارير وزارة المالية المصرية، عوضت هذه الضريبة جزء من العجز المستمر للموازنة.

بدوره قال رئيس شعبة صناعة الدخان والمعسل باتحاد الصناعات إبراهيم إمبابي، إن “المستهلكين للأصناف الأرخص هم أكثر الفئات التي يتأثر استهلاكها بزيادة ضرائب المبيعات”، كما أن مستهلكي السجائر الأجنبية يتحولون إلى الأصناف الأرخص أو ينوعون بينها.

وأضاف إمبابي أن رفع أسعار السجائر يزيد الإقبال على الأصناف المهربة المقلدة للماركات العالمية، وأغلبها من الصين، كونها تباع بأسعار أقل، علماً أن وزارة الصحة تحذر منها.

الصحة العالمية: رفع الأسعار يقلل الوفيات

وتؤيد منظمة الصحة العالمية قرارات مصر برفع أسعار السجائر، وفق ما أوضح المدير الإقليمي للمنظمة الدكتور علاء الدين العلوان في تصريح مكتوب لـ “هافينغتون بوست عربي”.

ووصف العلوان القرار بأنه “يتماشى مع توصيات المنظمة بشأن مكافحة التبغ، ويتسق تماماً مع الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ”، مؤكداً أن “الدولة المصرية استندت إلى بنود هذه الاتفاقية التي هي عضو فيها منذ 2005”.

ولكن العلوان حذر من محاولة شركات التبغ الالتفاف على قرار زيادة الضريبة عبر “التشكيك في جدواه وتكثيف حملاتها الترويجية غير المباشرة، كما هو دأبها في الدول الأخرى إذا ما تعلق الأمر بسياسات مكافحة التبغ”.

وأعرب عن أمله في أن تلتفت الحكومة “لأهمية زيادة الضريبة على سائر منتجات التبغ ومنها الشيشة وليس السجائر فحسب”.

وتعتبر منظمة الصحة العالمية، أن “زيادة الضرائب على منتجات التبغ هي إحدى أهم سياسات مكافحة التبغ التي ثبت نجاحها في خفض الاستهلاك مع زيادة دخل الدولة في الوقت نفسه”.

وتؤكد المنظمة أن “زيادة أسعارها 10% مثلاً، يؤدي إلى خفض استهلاكها بنسبة 4% في البلدان ذات الدخل المرتفع، وإلى 5% في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وتسهم في كبح الوباء، الذي يقتل 6 ملايين سنوياً”.

وتؤكد دراسة للمنظمة أنه إذا رفعت بلدان الشرق الأوسط الضرائب غير المباشرة بنسبة 50%، فإن عدد المدخنين سيقل بمقدار 3.5 مليون مدخن، وأنه يمكن تفادي 785 ألف وفاة.

1.35 مليار جنيه أرباح

وحققت الشركة الشرقية للدخان صافي أرباح 1.27 مليار جنيه العام المالي الماضي 2014-2015، وذكرت في موازنتها الأخيرة أنها تستهدف تحقيق صافي ربح في العام المالي المقبل 1.35 مليار جنيه، وذلك مقابل مليار جنيه متوقعة في العام المالي الجاري، أي بزيادة 35%.

وبحسب بيانات الشركة فقد أنتجت الشرقية للدخان 81.7 مليار سيجارة في العام 2014-2015، باعت منها 79 مليار سيجارة محلياً، كما صدّرت 331 مليون سيجارة.

وأوضحت الشركة في خطتها الاستثمارية أنها تستهدف إنتاج وبيع 84 مليار سيجارة خلال العام المالي 2016-2017، منها 20 مليار سيجارة أجنبية.

وتهدف بالمقابل لتخفيض إنتاجها من المعسل إلى 17.6 ألف طن، مقابل 18.1 ألف طن في 2014 - 2015، دون ذكر الأسباب.

وانتقد الجهاز المركزي للمحاسبات ثبات معدلات إنتاج السجائر، مؤكداً أن الشركة تستطيع الإنتاج بمعدلات أكبر لكن يعوقها “عدم تشغيل الوحدات الإنتاجية بكامل طاقتها”.

لكن الشركة أكدت - في بيان - أن خفض الطاقة الإنتاجية إلى 64% من الطاقة القصوى في مرحلة تحضير الدخان، و75% في مرحلتي الصناعة والتعبئة، “يرجع بدرجة كبيرة إلى ساعات التوقف لأغراض الصيانة”.