المسلسلات.. أحدث وسائل التوغل الإيراني في اليمن.

عدن لنج - الخليج اونلاين

خلافاً لما يراه يمنيون موالون لإيران بأن طهران تعمل لمصلحة اليمن، يرد لسان حال غالبية اليمنيين: "شكراً إيران على ما قدمته لنا من الألغام والسلاح وفرق الموت، وزرعت الكراهية والفتن بيننا

ومع أن إيران تقدم نفسها كحليف للحوثيين، بيد أن المتابعين للشأن اليمني يؤكدون أن علاقتها تلك لا تعدو كونها محاولة كسب ورقة لأوقات وملفات محددة، ولا تعني بالضرورة تحمل تبعات "سياسة الفوضى" التي تنتهجها المليشيا منذ انقلابها المسلح في سبتمبر/ أيلول 2014، ومنذ ذلك الحين تمد إيران اليمن بالسلاح والخطابات الداعية لمزيد من الفتن.

ولم يترك الإيرانيون مجالاً في اليمن إلا استغلوه لنشر أفكارهم، حتى من خلال الفنون، وإيصال تلك الأفكار بواسطة محطات تلفزيونية.

ففي الوقت الحالي يبث تلفزيون الفضائية اليمنية من صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون، مسلسلاً إيرانياً بعنوان "يوسف الصديق"، في خطوة اعتبرها إعلاميون "بداية تعاون" ستتبعها برامج ومسلسلات ليس عبر القنوات فقط، بل عبر كل وسائل الإعلام؛ من القناة حتى المنبر، وذلك جزء من مسلسل نشر "الفكر الطائفي" الذي بدأ عسكرياً عبر إرسال العديد من شحنات تم القبض على بعضها في سفينة جيهان وزوارق مختلفة.

المسلسل الذي نفذت قناة الكوثر الإيرانية عملية "الدوبلاج" الخاصة به للعربية، اُعتبر عملاً منافياً للقيم الإسلامية، التي تتحفظ على تجسيد شخصيات الأنبياء في المسلسلات، فضلاً عما وصفه نقاد بدس السم في العسل؛ من خلال تفاصيل قصة حياة نبي الله يوسف عليه السلام.

المحللون رأوا في محاولة تقرب الحوثيين من إيران سعياً وراء السراب؛ باعتبار أن إيران لا تنجر وراء من تدعمه بقدر ما تعطيه وفق خططها المتمثلة في معادلة ما أسموه "مزيد من الفوضى".
المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإيرانية، عدنان هاشم، قال: إن "من الواضح أن إيران لا تريد أن تنخرط في الاعتراف بالحوثيين كسلطة في ظل التقارب مع المجتمع الدولي، إذ ستظهر منفردة في مواجهة قرارات دولية، وهي في غنى عن ذلك".
 
وأضاف عدنان لـ"الخليج أونلاين" أن إيران "لا تدعم مالياً إلا في حالات نادرة؛ عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي لها، أو فقط وكيلها الأكبر في الشرق الأوسط "حزب الله"؛ فهي تدعم الحوزات، والمراقد الشيعية، والترابط العقائدي المذهبي، وهو هدف وفد الحوثيين المستمر بالتنقل بينها منذ ديسمبر/كانون الأول العام الماضي".
 
وأشار إلى أن "التودد قد يكون لحزب الله والمرجعيات الشيعية أكثر من كونه للنظام السياسي الإيراني، وعلاقة الحوثيين بإيران تتم بواسطة قناة اتصال مشتركة يمثلها حزب الله، وهو ما يربط التواصل السياسي والعملياتي من ضمنه حتى السلاح والتدريب".
وعلى مدى سنوات قام العديد من أعضاء الحركة الحوثية بزيارات متتالية إلى طهران، وصفت بكونها طلباً للمعرفة، ومحاولة تقمص اللباس الفكري الإيراني، وغالباً ماعادت تلك العناصر تنشر ذلك الفكر في اليمن، عبر منظمات مجتمع مدني، ومؤسسات ومؤتمرات وأعمال يقولون عنها "خيرية".
 
الصحافي عبد الباسط شاجع رأى أن الحوثيين كانوا يعتقدون أن الدول الكبرى ستعترف بانقلابهم المسلح على الدولة، وبالهيئات التي يمكن أن تشكلها، في حين كانت إيران قد تعهدت للحوثيين بدعمهم اقتصادياً ودبلوماسياً، لكنها سرعان ما تخلت عن وعدها، فلم يعترف بشرعيتهم أحد، كما أنهم لم يوقعوا على أي صفقات تجارية رسمية.
 
وفي مطلع مارس/آذار 2015، أعلن المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، التوقيع على ما أسماه اتفاق شراكة اقتصادية مع إيران، يشمل عدة مجالات، وفي مقدمتها النفط والتجارة والكهرباء، لكن ما تم التأكد من وجوده على الأرض هو خبراء عسكريون إيرانيون، ومن عناصر حزب الله، إضافة إلى إرسال بعض المساعدات التي أكدت جهات رقابية تابعة للمليشيا في حينها أنها منتهية، وغير صالحة للاستخدام الآدمي، ولم تكن الاتفاقية الموقعة مع الطيران الإيراني سوى محاولة لنقل الخبرات الإيرانية كما يراها المتابعون.
 
أضاف شاجع أن إيران "لم تقدم للحوثيين سوى تصريحات إعلامية، وتهديدات للمملكة العربية السعودية، يطلقها مسؤولون إيرانيون بين حين وآخر بعد شنها عملية عاصفة الحزم، وحين وجدت نفسها في الموقف الضعيف جاءت من بوابة الإغاثة، فأرسلت مساعدات إنسانية، لكنها وصلت إلى ميناء جيبوتي، ولم تصل إلى الشواطئ اليمنية، الأمر الذي صدم الحوثيين، واتهم القيادي في الجماعة، محمد العماد، إيران باستغلال ملف اليمن لتحقيق إنجاز في ملفها النووي".
 
وفي يناير/كانون الثاني 2013، تابع العالم دخول السفينة الإيرانية "جيهان" التي ضبطتها السُّلطات اليمنية محملة بمختلف أنواع الأسلحة، عندما كانت في طريقها إلى اليمن، كما تمكن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية من اعتراض زوارق حربية محملة بالأسلحة عدة مرات، كانت إيران تحاول الدفع بها إلى المليشيا
 
وحسب شاجع فإن إيران "لا تنظر للحوثيين إلا من زاوية واحدة، وهي اعتبارهم ملفاً تستخدمه في مقايضاتها مع بقية الدول الكبرى، وليس كنظام بشار الأسد الذي تعتبره "خطاً أحمر" حسب ما قاله علي ولايتي"، مضيفاً أن "الحوثي الآن يحاول قدر الإمكان لفت انتباه إيران، وفرض واقع جديد يتماشى تماماً مع منهج الملالي".