كيف أفشل “البشر” أفضل 3 أفلام في العام 2016؟

عدن لنج - هافينغتون بوست

 

3 أفلام لأبطال خارقين كانوا منتظرين هذا العام 2016، كل منهم يحكي عن مواجهة كبرى بين هؤلاء الأبطال.

ورغم الترويج الهائل الذي نالته الأفلام الثلاثة، والتقنيات الهائلة التي استخدمت لتصويرها، فإنها لم تحقق التوقعات، لا لأسباب إنتاجيّة وتقنيّة، بل بسبب بنية الحكايات التي تحويها، والتحويرات التي طرأت على هؤلاء الأبطال، ليكون العنصر البشري فيها متفوقاً على ذاك الخارق، لتبدو أحياناً ساذجة، بل وتشبهنا كبشر، لا كخارقين.

Batman VS Superman

 

الفيلم الأول هو Batman VS Superman، والذي يحوي التوليفة الأكثر شهرةً، فبعد سلسلة الأفلام التي حظي بها كل من البطلين، نراهما وجهاً لوجه.

لقاء الخارقين أثار تساؤلات قبل العرض، اعتبر البعض إجابتها محسومة، سوبرمان لا بد أن ينتصر، ببساطة لأنه كائن فضائي!

محاولات باتمان للقضاء عليه تنبع من الخوف على مصير العالم، الحجج مبررة، لكن الصراع الذي دار بينهما واشتداده كان نتيجة مكيدة، صنعها البشري ليكس لوثر، الذي تلاعب بالاثنين وبعواطفهما.

فباتمان ظهر بصورة العاطفي والرومانسي، لكن فجأة ينقلب إلى جانب سوبرمان؛ لأنه ذكّره بوالدته ناسياً الخطر الذي يشكله “الكائن الفضائي” على كوكب الأرض.

ويقف باتمان وسوبرمان لاحقاً جنباً إلى جنب ليقضيا معاً على الوحش العملاق.

نقطة الضعف في القصة هو أن العاطفة البشرية كانت العامل في حسم الصراع وتغيير اتجاهه، لا القوة الخارقة أو التطور التكنولوجي، فمنشأ الصراع بين الاثنين هو الخوف من فقدان المستقبل، والخطر الذي يشكله وجود كل منهما على الآخر وعلى الآخرين، هذا الأمر يتلاشى نتيجة موقف إنساني، لا إثر استعراض للقوى بين البطلين.

Avengers :Civil War

في Avengers :Civil War، نرى فريق الآفينجرز ينقسم ليصبح ضدين، الصداقة وبقايا العاطفة البشريّة لدى “كابتن أميركا” هي التي تسببت بتقسيم الفريق، البشري ومؤسساته المتمثلة بالأمم المتحدة هي التي تفرق “الخارق” بصورة رومانسيّة.

سؤال “حرية” التدخل بـ “القضايا الدوليّة” المطروح من قبل الأمم المتحدة، ما يجعل كابتن أميركا ينصاع لذكرياته في سبيل رفض هذا القرار، فالصداقة التي تجمعه مع “باكي” بالرغم من صراعهما السابق تجعل الفريقين - وبسبب “الصداقة” - أيضاً يقفان في وجه استغلال “الأبطال الخارقين” لقواهم الخارقة للحد الأقصى، فالعاطفة البشريّة “الصداقة” هي التي تحسم القتال.

ما توقعناه من مشاهد عنف وقتال لم تكن موجودة، والإفراط في التمسك بمفهوم “العدالة” و”الحريّة” هي التي وّلدت الصراع، خصوصاً أنها مفاهيم بشريّة من المفترض أن يتجاوزها الخارق، وهذا ما يتمثل في موقف كابتن أميركا الذي رفض الانصياع لمؤسسات البشر.

فالفردانيّة هي التي حكمته، نزعته لنصرة صديقه ورفضه القيود المؤسساتيّة، ما جعل “الأبطال” الآخرين يبدون ساذجين وبل وبعضهم يبدو بيرقرواطياً.

X-Men: Apocalypse

في X-Men الجديد، نرى أن المتحولين هذه المرة يقفون أمام الخطر الأعظم، “نهاية العالم”، مسخ يختزن كل قدرات المتحولين الخاصة.

لكن حقيقة ما يتحكم بمسار الأحداث هو ماغنيتو، العاطفة البشرية التي تلاشت لديه ثم عادت للظهور هي ما قلب مصير الأحداث.

خسر ماغنيتو أسرته ثم أوشك أن يخسر مَنْ تبقى، هذا ما تسبب في الانقلاب في موقفه ما يحدث، ليعود إلى جانب أصدقائه/أسرته، في سبيل تدمير آبوكولبيس.

وبعيداً عن الاختلافات التي يحويها الفيلم في الحكايات الفردية للأبطال عما شاهدناه سابقاً، فإن هذا الجزء يعتمد في جوهره أيضاً على العاطفة البشرية في تحديد النهاية.

فرغم محاولات تفوق “المتحولين” على الجنس البشري إلا أن الإفراط في النزعة ضد “الوحدَة” هي التي جعلت النهاية محسومة، لا القدرات الخارقة، بل على العكس، الانصياع لمفاهيم البشر هو الذي حسم الحرب.

البطل اليتيم

تجمع الأفلام الثلاثة عوامل مشتركة وهي التي تتحكم بمصائرهم، عوامل بشريّة بحتة، لا ترتبط بالمؤسسات التي ينتمون لها أو يخالفونها، ولا حتى بقدراتهم الخارقة، ألا وهي الخوف من فقدان عزيز لديهم.

وبصورة أدق، الخوف من تكرار الفقدان واليتم، فقدان الأب أو فقدان الأسرة، البطل الخارق اليتيم، قرر الدفاع عن منظومة أخلاقية جعلته يخسر الرمز السلطوي الأول في حياته “الأب”، ليكون تفرغه لحماية البشري من خسارة مشابهة، البطل الخارق هو القربان الذي نجا من “الموت” في سبيل الوقوف في وجه العنف الذي أطاح بأسرته.

هذا الموقف نراه في الأفلام السابقة، باتمان يعود لرشده بعد أن يذكره سوبرمان بمقتل أسرته، الرجل الحديدي يذكر والده ورحيله، وماغنيتو يتذكر مقتل والدته ثم مقتل أسرته.

هذه الخسارة هي التي تجعل المفرط في إنسانيته يرضخ البشري فيه على حساب الخارق، فالفقدان جعل البطل الخارق ينتصر لما هو يومي وبشري، رغم أن هذا البشري السبب في الخسارة، والخوف من تكرار هذه الخسارة.

هذا الخوف يحرّك مواقف كل الأبطال السابقين، يجب ألا تتكرر الخسارة كي لا يتكرر اليُتم، مفهوم الضحية في سبيل اختزال العنف في جسدها حاضر لدى الأفراد السابقين، حتى لو كان مصدر هذا العنف ضحية أخرى “بطل خارق”.

الخوف من تكرار الخسارة هو حساسية بشريّة، لارتباطها بمفهوم الزمن، الزمن بوصفه آلة تلتهم البشر وتضحي بهم للحفاظ على ثبات المنظومة البشريّة، والبطل الخارق هو الاستثناء الذي نجا من الموت، كي يحافظ على تماسك هذه الآلة بوصفه فوق الزمن.

أما الصراع بين هؤلاء الأبطال فهو صراع بشري بحت، صراع للحفاظ على نجاة هذه المنظومة البشريّة، فالتجربة الشخصية للبطل وهي خسارته، تتسع لتشمل المؤسسة البشرية بوصفها أب، والسعي لعدم خسارتها.

الموقف السابق يهمش القوى الخارقة، بوصفها عاملاً ثانوياً في الصراع، وهذا ما جعل الأفلام السابقة تبدو باهتة، بل وجعل الأبطال أنفسهم ينقادون إلى صراعات بشريّة أساسها الموقف الإنساني.