فرحة العيد بالأصول الحضرمية

عدن لنج / احمد هدبول

حين أن نودع شهر الخير(رمضان ) وتطل علينا مراسيم عيد الفطر المبارك ، والتي يستعد لها الأهالي طيلة أيام من شهر رمضان بالتجهيز وشراء الملابس الراقية وكذلك الذبائح والحلويات والشوكولاته، ليعيشوا كل لحظات تلك المراسيم بالعيون الحضرمية الأصيلة التي تنظر لتلك اللوحات العيدية.
حين أن يقبل العيد تنقلب الأجواء بين أوساط المجتمع وأهله ، تصدع الناس والمساجد بالتكبير والتهليل والتحميد بقدوم العيد ، يشعر المسلمون بفرحة استقبالهم للعيد وما قدموه من عبادات قراءة قرآن وفرائض وسنن وصدق وزكوات داعيين من الله أن يتقبل منهم ويجعل أجره في موازين حسناتهم .

وننطلق بالحديث عن صبيحة العيد في المجتمعات الحضرمية :

ابتداءا من صبيحة العيد التي ينشغل فيها الأهالي أكثر من غيرها من الأيام للاستقبال العيد ، ابتداء من من تنظيف وتهيئة وتجهيز المنازل وظهورها على أجمل حلة لاستقبال الأهالي والزوار الضيوف صباح يوم العيد، فالأمهات تجهز الكعكه للضيوف القادمين إليهم،  والأبناء يساعدون أمهاتهم في تهيئة المنازل على أكمل وجه ، والآباء يشترون احتياجات العيد الأخيرة التي تطلبها الأسرة  من المحلات التجارية.
ليل يختلف لونه عن سائر الليل فجميع الأحياء تمتلئ بالمارة والشباب يبيتون ليلهم بالسمر مع الأصدقاء طوال ليلهم الر صباح يوم العيد ليواصلوا صحوتهم لليوم الثاني فرحا بقدوم العيد .

أما عن تأدية شعائر العيد وذبح الذبائح :

ففي الصباح الباكر يتهيأ الناس لأداء صلاة العيد وذلك بالاغتسال والاستحمام والتطيب ولبس الملابس الجديدة للظهور بأحسن حلة ، قادمون للمصلى والمساجد وكما أن المشهد هناك يتكرر بالمعايدة و التصافح بين المصلين .
وعقب الانتهاء من شعائر الصلاة ،يكونوا الناس على موعد لذبح ذبائحهم انطلاقا من قوله تعالى (فصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) ، والبعض يشتري لحوم عيده جاهزة من المسالخ .

وعن عواد الأقارب والأرحام وزيارة الأصدقاء :

لوحة اجتماعية تتكرر دوما ولكن بالعيد يكون لها طعم آخر وذوق فريد من نوعه ، وتبدأ هذه اللوحة من داخل البيوت وصولا بمصلى العيد والمساجد وانتهاءا في الشوارع والأماكن العامة والحدائق وشواطئ النزهه.
حيث يبدأ الأبناء بمعايدة آبائهم وأمهاتهم قبل ذهابهم للمصلى والمساجد لتأدية شعائر العيد ، نعم إنهم يقبلون آبائهم وأمهاتهم داعيين لهم من الله قبول الأعمال الصالحة وتحقيق الأماني ، وكذلك المشهد يتكرر بزيارة الأقارب والأرحام في بيوتهم ومعايدتهم وتقبيلهم ومصافحتهم ، وملامح الفرح تلوح على وجوههم بهذا المناسبة الدينية التي أكرمهم بها ربهم جل في علاه ، وفي الشوارع والمنتزهات يتلاقى  الأصدقاء والأحبة ويتبادلون التهاني بالعيد والدعاء لبعضهم بعضاً بأن يحقق لهم ربي مايصبون إليه.



وأما عن العادات الثراثية الحضرمية نسلط الضوء عن (زيارة شيخنا جيناك )والتي تقام ثاني أيام العيد في منطقة النقعة بغيل باوزير  :

وفي صباح ثاني أيام العيد ومنذ زمنا طويل يقصد الأهالي منطقة النقعة التي تتبع إداريا مناطق غيل باوزير للزيارة والتي تسمى بزيارة  (شيخنا جيناك ) حيث تكون هناك أجواء فرائحية بهيجة من خلال اللقاء بالأصحاب وكذلك يتم إحياء الموروث الشعبي والعادات والتقاليد الثراثية ، وإلى جانب تواجد بائعي الحلويات وألعاب الأطفال وثمار أشجار الكزاب الذي يشتهر في هذه اليوم يبيعه .
ومن منطقة النقعة الإعلامي / محمد سعيد باوزير، يتحدث قائلا :  بعد رحيل نفحات شهر الطاعات، تزف نفحات وفرحة العيد، وترتسم الابتسامة على الوجوه، العيد فرحة في القلوب، يفرح المسلم بإتمام الصيام، شكرا لله على التوفيق في أداء أحد أركان الإسلام.
تبقى لغة الفرح هي العامل المشترك بين الناس صغيرهم وكبيرهم، وتتعمق الفرحة في الصغار أكثر، تتصافح الأيادي، وتلهج الألسنة بالتهاني.

ويضيف قائلا : لماذا عيد النقعة غير؟  سؤال قد يتبادر به القارئ لهذه السطور والتي سأسلط الضوء ولو قليلا لما تتميز به منطقة النقعة بمديرية غيل باوزير عن مناطق محافظة حضرموت.
النقعة من المناطق التي حافظت على عاداتها الشعبية في الأعياد منذ الأجداد، فبعد صلاة العيد يتبادل أبناء النقعة التهاني، ثم يخرج الناس لرسم الفرحة للناس بالألعاب الشعبية والتاريخية.
ومن الألعاب التاريخية الشعبية التي يعملها أهالي النقعة "زف المشايخ آل باوزير"، ويشارك فيه أهالي المنطقة حيث يقوموا بضرب الدفوف والطيران، وأيضا لعبة الرقص الشعبي من الألعاب الشعبية التي يقوم بها الشباب في العيد.
وفي اليوم الثاني زيارة (شيخنا جيناك)  حيث تنصب الخيام وتوضع البسطات، ويأتي الناس من كل مديريات غيل باوزير لشراء الألعاب والحلويات وغيرها.
ويتخلل هذه الأيام زيارات للأهل والأقارب والأرحام والأصدقاء في صورة تجسد روح المحبة، وألوان الألفة بين المجتمع.
إضافة إلى ماتعمله الملتقيات والمجموعات والفرق الشبابية في المنطقة من احتفالات شعبية ومهرجانات كرنفالية وأنشطة رياضية ومسابقات في العيد.
ولو سألت الأجداد منذ متى تقام هذه العادات في أول وثاني أيام العيد في النقعة لقال منذ الأجداد وحافظ عليه الأجيال.
عيد النقعة لا أقدر أعبر عنه بهذه السطور القليلة وإنما هو شعور في الوجدان يحس به من يسمع أصوات الألعاب الشعبية ويشاهدها ويلمح فرحة الناس.

وفي إطار النزهه والتجول في الحدائق والشواطئ والأماكن العامة :

أيام العيد هي أيام يقضيها الأهالي للنزهه وتغيير الأجواء، فهي أيام تختلف عن سابقها من الأيام ، إذ الأسر وأطفالها تقصد شواطئ البحار والحدائق لتغير من الأيام التي اعتادتها في عموم السنة ، فيقضون أوقاتهم للتسلية والترفيه ، حيث أن هناك تقام بعد المسابقات على شواطئ البحار وغيرها من الأنشطة والفعاليات العيدية،  وفي الحدائق تقام المسارح الكوميدية المسلية والألعاب التي يتسلى بها الأطفال ، وإلى جانب ذلك الكثير من أساليب التي يعبر بها الأهالي عن فرحتهم بهذه العيد.

إذن هذه هي العيد بالأصول والعيون الحضرمية التي يتذوق فيها الأهالي ويعيشون كل لحظاتهم بإحياء العادات والتقاليد الحضرمية منذ عهد الأجداد لسنوات طويلة ، فهنا في حضرموت العيد حضرمي والجوء حضرمي والشعب حضرمي والموروث الثراثي حضرمي ، فيقضي الأهالي ايام عيدهم بالذوق الحضرمي.