توضح المؤشرات أن ما يحدث من النظام القطري تجاه إيران يخالف أي تأكيدات من حكومة الدوحة بأنها لا تميل إلى طرف على حساب آخر في التوترات المتصاعدة بين طهران وواشنطن، فإيران وجدت في الدوحة ملاذها لكي يصمد اقتصادها ولو قليلًا.
فعلى الرغم من أن العلاقات القطرية-الأمريكية تسير وفق وتيرة مستقرة وإيجابية على الدوام، إذ تمتلك واشنطن قاعدة “العديد” العسكرية على الأراضي القطرية، والتي تعدها أمريكا الخط الأمامي في الهجوم إذا اندلعت حربًا بينها وبين إيران، فإن النظام القطري يعمل في جانب آخر تمامًا على مساعدة طهران في تخطي العقوبات الأمريكية التي فرضها الرئيس الأمريكي ترامب على أشخاص وشركات عاملة مع إيران.
-الاستيراد وتأشيرات التجار
هناك دلائل كثيرة على التعاون القطري الإيراني، فقد عقد في أبريل الماضي لقاء بين رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني ورئيس الوزراء القطري عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، في العاصمة القطرية، حيث طالبه الأول بإصدار تأشيرات وتراخيص إقامة للتجار الإيرانيين، وهو ما تم بالفعل وصدرت تأشيرات لمجموعة من التجار الإيرانيين للدخول إلى قطر لمدة شهر، مع إمكانية تجديدها مرة أخرى خمسة أشهر.
وقال لاريجاني بشكل علني إن “أمن وتنمية قطر، من أمن إيران وتنميتها، وإيران واقفة إلى جانب قطر وتساندها”، وهو اعتراف رسمي بمدى ما وصلت إليه العلاقة بين دولتين تهاجمان دائمًا دول الخليج.
وأصبحت قطر من أهم المشترين للخضروات والفاكهة الإيرانية، فقد وصلت فاتورة الشراء القطرية من إيران في هذا المجال فقط 10 مليارات ريال قطري (الدولار الأمريكي يساوي 3.64 ريال قطري)، وهو ما يجعل الدوحة مخرجا للتجارة الإيرانية المقوضة بالعقوبات الأمريكية.
-زيادة الصادرات
وصرَّح سعيد زرين مساعد شؤون التنسيق الاقتصادي في محافظة بوشهر الإيرانية، في 25 يونيو الجاري، بزيادة التعاون التجاري بين بوشهر وقطر إلى 5 مليارات دولار، مؤكدًا أن قطر هي البلد الأقرب للمحافظة، وأن الصادرات الإيرانية إلى قطر زادت 9 أضعاف خلال العامين السابقين.
وكان عدنان موسى رئيس غرفة التجارة المشتركة بين إيران وقطر، أكد في 28 مايو الماضي، إزالة جميع العقبات التي كانت تواجه التعاون التجاري، وأن عملية التصدير بين الدوحة وطهران تشمل كل المجالات باستثناء النحاس الخام ومشتقات البنزين والنفط والغاز.
-إستخدم المجال الجوي
تؤثر العقوبات الاقتصادية ضد إيران، على الخطوط الجوية القطرية، وهو ما يجعل قطر تراقب التوترات المتصاعدة بين أمريكا وإيران بشكل كبير، فبعدما منعت هيئة الطيران الأمريكية طائرات أمريكا المدنية من التحليق في المجال الجوي الإيراني في الخليج، أصبح الوضع ذا أهمية خاصة للدوحة التي تمتلك طرقًا جوية محدودة في المنطقة بسبب قطع دول الخليج للعلاقات معها منذ 2017، وتستخدم قطر الطرق الجوية الإيرانية بعد دعمها للإرهاب واعتراض الرباعي العربي على الأمر ومقاطعتها جويًا، وهو ما يزيد من توتر الدوحة إذا ما حدث شيء بين إيران وأمريكا الفترة المقبلة.
وزير الخارجية القطري، محمد عبدالرحمن آل ثاني، أعلن أيضا أنه “لا ينبغي تمديد العقوبات لأنها تؤثر سلبًا على الدول المستفيدة من النفط الإيراني”.
-المعاملات المصرفية
في الوقت الذي بات فيه كثير من الشركات الأجنبية ممنوعة من ممارسة الأعمال التجارية مع أي قطاع للنفط في إيران أو سفنها، أو أي إجراء تجاري يستخدم فيه الدولار الأمريكي، قالتصحف إيرانية إن التجارة مع قطر في السلع غير النفطية تضاعفت، حيث أعلن مدير موانئ طهران أن الدوحة ترغب في زيادة حجم الشحن بين ميناء حمد في قطر وميناء بوشهر الإيراني، وهو الميناء الذي انسحبت منه خطوط الشحن العالمية بفعل العقوبات.
ورغم أن الولايات المتحدة لديها قاعدة عسكرية في قطر، فإن قطر تعد تحديًا بالنسبة لواشنطن كونها قريبة من “حركة حماس، وقيادات في حزب الله، وتستضيف الكثير من الإخوان المسلمين، ومسؤولي حركة طالبان”، ويصف موقع the american conservative الحالة القطرية الإيرانية، بأن القطريين في “جيوب الملالي”.
وحسب عضو الكونجرس الأمريكي “تيد باد”، تتحايل المصارف القطرية على العقوبات الأمريكية بنقل عمليات خاصة من المصارف الإيرانية تتعامل فيها بالدولار الأمريكي إلى بنك قطر الوطني.
وقال النائب، إنه على وزارة الخزانة الأمريكية أن تراقب جيدًا تصرفات الحكومتين الإيرانية والقطرية بعد إعلان إيران دعمها للحكومة القطرية، ودعا النائب إلى فرض عقوبات تحد بشكل مباشر من وصول التمويلات إلى النظام الإيراني.
-التعاون العسكري
عملت الدوحة منذ العام 2005 على تطوير علاقاتها الاقتصادية مع إيران، بتوقيع اتفاقية مع طهران وأنقرة للنقل المشترك وإيران هي الدولة الوسيطة في هذه الاتفاقية، وتتشارك الدولتان في حقل الشمال الغني بالغاز، حيث يعد الأكبر في العالم.
وعرضت إيران من جانبها مساعدات بخصوص تنظيم كأس العالم المقرر إقامته في قطر، وبالتالي يساعد هذا الأمر على توفير العملة الصعبة لإيران التي تعاني عدم توافر مصدر دخل بالدولار بسبب العقوبات.
كما استضافت قطر وفدًا إيرانيًا عسكريًا على هامش معرض الدفاع البحري ديمكس العام الماضي، رأسه نائب القوة البحرية العميد علي رضا تنكسيري والذي أكد “دعم إيران لحكومة قطر ورغبتها في تعزيز علاقاتها معها خاصة في المجال العسكري”، وهو لقاء من الصعب أن تستضيفه أي دول في محيط إيران الإقليمي عدا قطر.