استهداف كابلات بالبحر الأحمر.. أوراق ضغط تنذر بحرب

عدن لنج/سكاي نيوز

 


دخلت منطقة البحر الأحمر، أزمة جديدة، بإعلان شركة اتصالات دولية، عن استهداف الكابلات البحرية بالمنطقة، لتضاف إلى توترات حركة الملاحة التي تصاعدت منذ 19 نوفمبر الماضي باستهدافات حوثية.
خبراء في الشأن اليمني والاتصالات وحركة الشحن البحري، تحدثت إليهم "سكاي نيوز عربية" بشكل منفصل، يرون أنه يمكن اعتبار استهداف الكابلات البحرية في تلك المنطقة المتوترة منذ شهور، "معركة جديدة وأوراق ضغط تفرضها الأطراف وتنذر باشتعال حرب طالما لم يتوقف الحوثيون".

تطور لافت

والثلاثاء، أعلنت شركة "أتش جي سي غلوبال كوميونيكيشن"، ومقرها هونغ كونغ، في بيان انقطاع ثلاث كابلات عالمية للاتصالات والانترنت تمر عبر مياه البحر الأحمر، وفق ما نقلته وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية.

وأوضحت الشركة ذاتها أن انقطاع الكابلات أثر على 25 % من تدفق البيانات التي تدفق من آسيا إلى أوروبا عبر تلك الكابلات، مشيرة إلى بدء إعادة توجيه حركة تدفق البيانات، دون أن تتهم أحدا بمسؤوليته عن الانقطاع، وسط نفي حوثي واتهامات إسرائيلية له.

ومنذ 19 نوفمبر الماضي، تعرضت سفن في البحر الأحمر لهجمات حوثية متكررة بصواريخ ومسيرات، بدعوى المطالبة بوقف حرب غزة، قبل أن يظهر في 18 فبراير الماضي، تهديد حوثي آخر، عقب إعلان القيادة المركزية الأميركية، تدمير غواصة مسيرة حوثية، بعد أيام من إعلان القيادة اعتراض شحنة أسلحة قادمة للجماعة اليمينية، من إيران تحمل غواصات.

ويأتي الحادث بعد أسابيع من تحذير الحكومة اليمنية الشرعية من احتمال قيام الحوثيين باستهداف الكابلات بذلك الممر الملاحي الدولي، وبعد أيام من غرق سفينة روبيمار التجارية التي ترفع علم بيليز السبت، بعد فترة من قصف حوثي لها منتصف فبراير الماضي.

ونقلت "بلومبيرغ" عن رايان ووبشال، المدير العام للجنة الدولية لحماية الكابلات البحرية المتضررة من هجمات الحوثيين، قوله إن "القصف الحوثي تسبب على الأغلب في سقوط مرساة السفينة، مما أسفر عن تلف كابلات قريبة من موقع سقوطها تحت الماء".

أوراق ضغط

الخبير اليمني، أشرف المنش، يرصد في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، تفاصيل بشأن الدور الحوثي، المرتبط بكابلات البحر الأحمر قائلا:

يمر عبر البحر الأحمر 16 كابلا رئيسيا للاتصالات منها 4 كابلات تمر من المياه اليمنية الإقليمية في الأجزاء الخاضعة لمليشيات الحوثي.
لاتزال المليشيات تجني منها بالفعل إيرادات كبيرة من الشركات الدولية التي تُدير هذه الكابلات البحرية مستغلة سيطرتها على وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في صنعاء.
أبرز هذه الكابلات هي كابل آسيا - إفريقيا - أوروبا 1 (AAE-1)، وكابل جنوب شرق آسيا - الشرق الأوسط -أوروبا الغربية 5 (SEA-ME-WE 5)، وكابل إفريقيا 1 (Africa-1)، وكابل فلاج شبكة ألكاتيل - لوسنت الضوئية (FALCON).
الكابل الأول أي كابل آسيا-إفريقيا-أوروبا 1 (AAE-1)، كان واحد من 3 كابلات تعرضت للقطع بالفعل الأيام الماضية حسبما ذكرت تقارير دولية وإعلامية.
وبشأن حقيقة نفي "الحوثي"، كشف الخبير اليمني، تفاصيل مرتبطة بسلاح حوثي جديد دخل الخدمة، قائلا:

يعرف الجميع أن مليشيات الحوثي عصابة مسلحة وليست دولة وليس لديها ما تخسره ورغم نفيها باستهداف الكابلات البحرية إلا أنها لن تتورع حقيقة من تخريب تلك الكابلات لاسيما الذي تتواجد في عمق من 150 إلى 170 مترا تحت سطح البحر ضمن استراتيجية ابتزازها وتهديداتها لمصالح العالم.
كان الحوثيون قد وجهوا تهديدات مبطنة قبل أسابيع بنشر خرائط توضح التقاء كابلات الاتصالات تحت البحر، بالتزامن مع إعلانهم عن دخول سلاح الغواصات البدائية خط المواجهة في البحر الأحمر.
ذلك التطور تقنية قادرة على قطع الكابلات البحرية وطورها الحوثيون منذ عام 2018 بمساعدة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني انطلاقا من سواحل محافظة الحديدة الخاضعة لسيطرتهم.
ومتطرقا لتأثير ذلك على أزمة البحر الأحمر، توقع الخبير اليمني أشرف المنش، المستقبل قائلا:

استهداف كابلات الإنترنت العالمية تحت البحر سيكون آخر أوراق مليشيات الحوثي ومحور الممانعة بقيادة إيران في المواجهة البحرية وسيكون بمثابة تصعيد كبير قد يجر المنطقة إلى حرب واسعة النطاق.
بنظرة أخرى لذلك الاستهداف، ربط أحمد الشامي، مستشار النقل البحري وخبير اقتصاديات النقل، إلى "سكاي نيوز عربية"، بين توقيت ذلك الاستهداف وغرق سفينة روبيمار، قائلا:

حادث الاستهداف المعلن للكابلات البحرية خرج من شركة معتبرة، والأعماق في البحر الأحمر كبيرة، وضرب كابل بحري يحتاج إلى أسلحة متطورة، لكن ليس هناك دليل على انقطاع مؤثر، خاصة وحال حدوث سيكون له تأثير بالغ، على مستوى الإنترنت، ولن يمس الملاحة لأن السفن تعتمد على الستالايت.
الاستهداف يجب أن يضع في الاعتبار أنه جاء بعد غرق سفينة بعد 13 يوما من استهداف الحوثيين بطريقة غريبة مثيرة لتساؤلات كثيرة، بعد أن هجرها أصحابها وتركوها لتغرق دون أي تدخل.
حادث استهداف الكابلات يضاف لأزمة عدم مرور سفن الشحن بسبب التهديدات الحوثية، وهذا يجعل أزمة البحر الأحمر مستمرة بالسلب، والتي تجنبت 1540 سفنية من اندلاع الأزمة وحتى 4 مارس المرور منه واستخدمت رأس الرجاء الصالح.

 

ويجيب أحمد مختار، خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، عن سؤال بشأن من لديه القدرة على استهداف تلك الكابلات وتأثير ذلك، قائلا:

الاستهداف يجب أن يكون تم بغواصة وليس بقنابل ومتفجرات نظرا للأعماق الكبيرة التي تتواجد فيها الكابلات البحرية بالبحر الأحمر، وهذا احتمال أن يفعله الحوثيون حال دعم إيراني، وبالتأكيد تملك أميركا وحلفاؤها إمكانيات مماثلة.
معركة الكابلات البحرية، تعد دائما أوراق ضغط وأوراق الضغط دائما مستمرة طالما الأزمة مستمرة، وستكون أوراق قوى ناعمة لدى الجميع وليس الحوثيين فقط، نظرا لأهميتها الكبرى، وربطها للشرق بالغرب واعتماد الهند وأوروبا على نقل البيانات خلالها.
تأثير أي ضرر يحدث للكابلات البحرية كبير، وسيمس العالم، وإصلاحه حال حدوثه سيأخذ وقتا، وهناك شركات متخصصة ذلك ولكن في ظل الحرب ستكون هناك تحديات أمامها كبيرة.

 

قالت شبكة (إن.أو.إس) التلفزيونية الهولندية إن أمستردام تعتزم إرسال سفينة حربية إلى البحر الأحمر للمساعدة في الدفاع عن حركة الشحن التجاري أمام الهجمات الجوية، وإن من المتوقع وصول السفينة إلى المنطقة في أواخر مارس .
وذكرت الشبكة على موقعها الإلكتروني نقلا عن مصادر لم تسمها أن الحكومة الهولندية من المتوقع أن تصدر قرارا رسميا بشأن المسألة يوم الجمعة.

ويشهد البحر الأحمر منذ نوفمبر الماضي، هجمات تشنها ميليشيات الحوثي تستهدف السفن التجارية التي تعبر عبر مضيق باب المندب و خليج عدن، تقول الميليشيا إنها حملة تضامن مع الفلسطينيين بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة

 

وتشن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا هجمات انتقامية على الحوثيين، تستهدف مواقع داخل اليمن أو قدراتهم العسكرية في البحر، لشل الخطر الحوثي على حركة الشحن في البحر الأحمر.

وأدت هجمات الحوثيين إلى إرباك حركة الشحن عالميا، إذ أجبرت الشركات على تغيير مسارها إلى رحلات أطول وأكثر تكلفة حول جنوب قارة إفريقيا، وارتفعت تكلفة التأمين على الرحلات التي تستمر أسبوعا في البحر الأحمر مئات آلاف الدولارات.