إعلان عدن التاريخي ..ما الذي تحقق للجنوب في ذكراه السابعة

عدن لنج / محمد الزبيري

يوماً فارقاً في تاريخ الجنوب، وصفحة مشرقة في كتاب سطر شعب الجنوب أحداثه بالأرواح والدماء.
إعلان عدن التاريخي اليوم الذي قرر فيه شعب الجنوب أن يضع الخلاف على الجزئيات وراء ظهره ويضع نصب عينيه الهدف المقدس، الذي سقط من أجل تحقيقه آلاف الشهداء والجرحى ودفع المئات من الأسرى والمعتقلين سنوات من شبابهم وأعمارهم في أقبية وزنازين المحتل ثمناً لاستعادته فخرج عن بكرة أبيه يفوض قائده الزبيدي ويضع فيه ثقته لقيادة الشعب الجنوبي واستعادة دولته المستقلة.
ما قبل إعلان عدن التاريخي
قبل ما يزيد عن ثلاثة عقود سقط الجنوب بيد الاحتلال اليمني لتبدأ فصول من المآسي والنكبات والكوارث التي عاشها الشعب الجنوبي في ظل احتلال همجي متخلف تعامل مع الجنوب كغنيمة حرب.
كانت الانقسامات الداخلية والخلافات الجنوبية هي السبب الأول في سقوط الجنوب فريسة للاحتلال، وكانت الجرائم المرتكبة بحق الشعب الجنوبي هي الثمن الذي دفعه الجنوبيون ثمناً لخلافاتهم.
ورغم معاناة شعبنا والتضحيات الجسيمة التي قدمها في سبيل الخلاص من الاحتلال واستعادة الدولة الجنوبية المستقلة إلا أن الخلافات المزمنة والتباينات في المواقف والآراء والتي كانت السبب في ضياع الجنوب ظلت أيضاً السبب في فشل نضال وتضحيات الشعب الجنوبي رغم الفاتورة الكبرى التي دفعها شعبنا من دماء وأرواح ابناؤه سواء في حركات المقاومة أو الثورة الجنوبية السلمية.
تعلم شعبنا الدرس أخيراً من حرب 2015 الوحشية على الجنوب، فكانت المقاومة الجنوبية الشرسة التي أبداها الجنوبيون بمختلف انتماءاتهم وفي كل المحافظات الجنوبية، والتي توجت بطرد الاحتلال هي العلامة الأولى على اتحاد شعبنا وتجاوز خلافات الماضي.
جاء إعلان عدن التاريخي في 4 مايو 2017 ليكون ثمرة عقود طويلة من الكفاح والتضحيات الجسيمة، والمحاولات المستمرة لتوحيد شعبنا وتوجيه كل الجهود لمحاربة الاحتلال، وكان تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي ككيان يمثل كل الجنوبيين أكبر مكسب للشعب الجنوبي وخطوة جبارة في طريق استعادة الدولة الجنوبية.
شعب الجنوب يفوض قائده
كان 4مايو يوماً تاريخياً وحدثاً ظل الجنوبيون ينتظرونه طويلاً، فكان تدفق الشعب بالملايين إلى العاصمة عدن والمشاركة في تفويض الرئيس عيدروس الزبيدي لتشكيل كيان يمثل شعب الجنوب هو التعبير الأمثل عن هذه اللهفة والترقب لميلاد هذا الكيان الذي طال انتظاره.
لم تطل فترة الانتظار، فكان يوم 11 مايو هو يوم الميلاد حيث أعلن الرئيس الزبيدي تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي ككيان يمثل كل الجنوبيين ويجمعهم بمختلف توجهاتهم وأطيافهم، ومتعهداً بالعمل على استعادة الدولة الجنوبية الفيدرالية وعاصمتها الأبدية عدن.
ثقة الشعب، ووفاء القائد
كان التأييد الشعبي للرئيس الزبيدي كاسحاً، خرج الملايين يعلنون ثقتهم بقائدهم، ويفوضونه ليقودهم إلى طريق الحرية والاستقلال.
يحظى الرئيس الزبيدي بثقة الشعب الجنوبي، ويتمتع بشعبية جارفة في كل محافظات الجنوب.
تاريخ الرجل الحافل بالنضال والكفاح، وسمعته كقائد نزيه نظيف اليد عاش سنوات عصيبة يعاني الفقر والتشرد رغم كل المغريات، وفي الوقت الذي تساقط فيه بعض رفاق الدرب أمام الإغراءات بقي الرجل ثابتاً على مبدأه، وفياً لشعبه ووطنه، لذا لم يكن غريباً حجم التأييد الشعبي الواسع والإجماع الجنوبي على تفويض الرئيس لقيادة الجنوب وتحقيق أهداف الثورة الجنوبية.
الإعلان التاريخي صفعة لمن راهنوا على استحالة الإجماع الجنوبي
ظل نظام الاحتلال ورئيسه الراحل عفاش وقادة ومشايخ الشمال يعزفون على وتر الخلافات الجنوبية، ويؤكدون بمناسبة أو بدونها أن شعب الجنوب لن يتفق على هدف واحد.
لأجل تحقيق هذا الهدف عمل الاحتلال بكل الوسائل وأقذر الطرق على إثارة الأحقاد، ونبش الماضي وإثارة النزاعات معتقداً أن هذه الأساليب الحقيرة هي الطرق المناسبة لإشغال الشعب الجنوبي بالصراعات الداخلية ونسيان العدو الحقيقي المتمثل بالمحتل الذي يعيث في الجنوب خراباً.
نزل الإعلان التاريخي الجنوبي كصاعقة على قادة الاحتلال ولم يستوعبوا الحدث الذي كانوا يؤكدون استحالته، ولم يفيقوا من صدمتهم العنيفة إلا على الكابوس الأكبر يوم 11 مايو بإعلان تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي تحقيقاً لتطلعات الشعب الجنوبي واستجابة للتفويض الشعبي للرئيس الزبيدي.
ما بعد الإعلان التاريخي
تغير وضع الجنوب بعد إعلان عدن التاريخي بشكل جذري فأصبح لدى الجنوبيين كياناً جامعاً تبنى القضية الجنوبية ودافع عنها وعمل على ابرازها في المحافل الإقليمية والدولية واستطاع الوقوف في وجه كل المؤامرات والأطماع التي تستهدف الجنوب.
إنجازات كبرى تحققت للجنوب بعد إعلان عدن التاريخي وتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي وهي انجازات غيرت مجرى الأحداث وأعادت القضية الجنوبية للواجهة بعد أن عمل الاحتلال على محاولة طمسها بمختلف الوسائل.