قراءة هادئة في وضع ملتهب.. هذه عدن مدينة وجِدت لتقاوم

عدن لنج / كتب / خالد سلمان

هذه قراءة هادئة في وضع ملتهب، لمدينة تتجدد كل دورة زمن بالثورة ضد العسف والظلم ، التهميش وإقصاء الحقوق والخدمات بعيداً عنها، مدينة ترفض نزال الساسة الممسكون بدواليب الحكم على ضفتي الموالاة والمعارضة ، على ساحة حرب اسمها الخدمات ، يتم فيها جلد المواطن واستنزافه في أبسط مقومات حياته ،وفي هذه المعركة في حسابات اللحظة، ربما هناك من يعتقد إنه وجه لكمة لخصمه السياسي الانتقالي، في ما ارتدادات هذه اللكمة تذهب بعيداً ، نحو تدمير مابقي من ثقة بالشرعية ، وتحويلها لدى البعض من طرف مؤمل عليه بهذا القدر او ذاك، إلى خصم أول ومباشر.
تحويل عدن إلى نعش جهنمي يزف المرضى وكبار السن والأطفال الخدج إلى الآخرة ، وحده مبرر كاف للضغط على صاعق الغضب، وانتقال
معاناة المدينة إلى بارود أسود شديد الاشتعال، يحرق كل شيء ، يقطع جسور الثقة بالمنظومة السياسية الحزبية والرسمية ،ويتخطى الشعارات الكبيرة التي التف حولها الناس في الميادين، وذهبوا في سبيلها إلى ساحات القتال والتضحية، وهي شعارات استعادة الدولة الجنوبية وإنجاز الاستقلال ، ولسان حال المواطن المفجوع بالعجز الموزع بين جميع الأطراف يقول : من لم يستطع أن يستعيد ضوء المدينة ،لن يستعيد للجنوب دولة ، ومن عجز عن أضاءه عدن وهنا المعني الشرعية لن يزيح عن الوطن كابوس ظلام مشروع السلالة.
من دون شك بصمة الإقليم بارزة في ملف الكهرباء والخدمات ، هذا الإقليم الذي ينام على بحيرة من النفط والغاز، ويشعل مصابيح وطوربيدات العالم ، ويحرك ماكينات اقتصاد كل الدول الكبرى ، من الاستحالة الاعتقاد بعجزه عن المساهمة في تخطي عدن صيفها الجهنمي ، وإن لم يكن ليس من مسؤوليته ربما كما يظن ، بل هو كذلك كطرف حرب وفق منطوق القرارات الدولية .
الخارج المتداخل بملف الصراع اليمني ، من مصلحته كما يتصور، أن يجعل المناطق المحررة غير مستقرة، وتابعة له من أعقد قضايا السياسة وقرارات السيادة، إلى أصغر تفاصيل الهم اليومي الضوء والخبز وحبة الدواء.
الثلاثي الممسك بإدارة دفة الأمور بعدن والجنوب : الشرعية والانتقالي والتحالف ، ستتجه إليهم حمم الغضب دون سواهم ، عدن تعرف إلى أين توجه سهامها ، وحين تتحرك عدن الجميع سيخسر.
ويبقى السؤال هل من مصلحة الشرعية بمفاقمة معاناة عدن قطع كل خيوط احتواء الانتقالي بالشراكة ، وخروجه إلى صف الجماهير وإنهاء صلته بالحكم؟
قطعاً لا لأن ذلك يجعل يده طليقة ومساحات تحركاتها غير مقيدة بالالتزامات والتفاهمات ، ويدفع نحو احتمالية استبدال السياسة بحمل السلاح ، وإجبار الشرعية على مغادرة عدن كما حدث في جولات سابقة، والعودة إلى مربع الحروب البينية ، وبالتالي حشر الانتقالي أمام جماهيره بزاوية العجز لا يسجل نقطة ضده وحسب، بل يدفع نحو الانفجار ويوزع شظاياه على الجميع .
هذا هو الاستثمار المشين على رقعة خلافات السياسة ، حيث الاعتقاد خطأً بأن مراكمة معاناة الناس ، ستدمر الانتقالي وحده ، دون أن تمتد الحرائق إلى جسم الطرف الآخر الشرعية ، ومنهما ستتدحرج كرة النار لتحرق التحالف.
كل شيء في الحراك المدني يبداً مطلبياً وينتهي بالسياسة، يبدأ بشعار الخدمات ويحط رحاله برفض بؤس الراهن، والدعوة لإسقاط كل البُنى السياسية الشائخة ، يبدأ بالاحتياجات الأولية ويذهب عميقاً نحو رفض الخارج واستعادة القرار.
هذه عدن مدينة وجِدت لتقاوم.
نقطة نظام :
ممنوع استيلاد طرائق أجهزة المخابرات التقليدية، بدس المخبرين للتحطيم وحرف المسار ، لمنح فرق القمع مبرراً لتدمير سلمية الاحتجاجات ، ممنوع سفك قطرة دم واحدة ،كي لانردد بحسرة ونحن نرصد رد فعل الغضب:
مر الجحيم من هنا.