هكذا تحيي يافع أول أيام عيد الاضحى المبارك

عدن لنج / عبداللاه سُميح

"هشلة العيد" تحوّل سماء يافع اليمنية إلى فسيفساء
رغم الظروف المعيشية الصعبة التي يشهدها اليمن، لا تزال بلدات "يافع" التي تتوسط محافظتي لحج وأبين، جنوبي البلاد، تحافظ على عادتها التراثية السنوية، لإحياء ليالي أولى أيام الأعياد الدينية، تعبيرًا عن الفرح والابتهاج، عبر إطلاق الألعاب النارية.
واحتفت يافع مساء أمس السبت، بقدوم عيد الأضحى، بما يُسمى "هَشلَة العيد" من خلال إطلاق الألعاب النارية في سماء بلداتها، وإشعال النيران في أسطح المنازل، في تقليد شعبي قديم ومتوارث، تطورت أساليبه مع مرور الزمن.
وقديمًا، كانت تحتفي يافع بـ"هشل" العيد عبر إضرام النيران على قمم الجبال والمرتفعات التي تزدحم بها مناطقها الوعرة، في تقليد مشابه للعادات التراثية التي تشهدها مناطق اليمن الأخرى، احتفاءً بقدوم المناسبات الدينية، فيما يسمى بـ"التشاعيل" التي بدأت قديمًا كوسيلة إعلامية بدائية بحلول المناسبات وإعلان انتصار الجيوش في المعارك، قبل أن تتحوّل مع التقدم الحضاري، إلى تقليد شعبي.
وتعني مفردة "هشلة" في اللهجة اليافعية، شعلة النار، كما ذكر الكاتب اليمني، علي صالح الخلاقي، في كتابه "الشائع من أمثال يافع"، أثناء تفسيره لما يعنيه المثل الذي يقول: "أول الهَشْلَهْ شَرَارَهْ".
وتشير المصادر التاريخية، إلى أن عيد الأضحى يحظى بخصوصية مميزة لدى أهالي مناطق يافع؛ إذ تبدأ احتفالاته منذ يوم وقفة الحجاج في جبل عرفة، من خلال ذبح المواشي والأغنام والتصدّق بها على الفقراء، بهدف إدخال الفرح والسرور إلى نفوسهم.
ويقول، سالم سعيد بن بريك، في كتابه "المختصر المفيد من تاريخ يافع المجيد"، إن اليوم الذي يسبق قدوم العيد، يسمى "المدخل"، أي مدخل العيد، ويشهد مساؤه "إشعال النار على أسطح المنازل وفوق قمم الجبال، وتطلق الأعيرة النارية في الهواء، فرحًا واحتفاءً"، وسط أهازيج الأطفال الذين يرددون بسعادة: "والهشلة والعيد غدوة".
وشكّل إطلاق النار في مختلف المناسبات كالأعراس، تحديًا أمام تقليد "هشلة العيد" الشعبي الذي بات مصدرًا لتهديد أرواح المدنيين، قبل أن تنجح قوات "الحزام الأمني" المحلية العام 2020، في الحصول على إجماع قبلي ومجتمعي يمنع إطلاق النار سواء في المناسبات أو غيرها، ويفرض غرامة مالية على المخالفين ويعرّضهم للسجن.
وخلال السنوات الأخيرة، استبدلت يافع وأهاليها، وسائلهم القديمة للاحتفاء بليلة قدوم العيد، بالألعاب النارية التي باتت تنطلق من معظم المنازل، على نحو يحوّل سماءها الداكنة إلى فسيفساء زاهية بالألوان، في مشهد بديع يتكرر كل عام.