انتقالي العاصمة عدن يواصل الترتيب لإطلاق "مهرجان الأغنية العدنية الأول"
تواصل إدارة الإعلام والثقافة في القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بالعاصمة عدن، الترتيب...
تتربع قرية "حيد الجزيل" الأثرية، في قلب وادي دوعن أحد أكثر الأودية اليمنية شهرة، وتتخذ من سطح صخرة عملاقة أعلى قمة تلة جبلية مستقراً لها.
ويعود بناءالقرية، إلى ما يقرب من 700 عام، ولم يكن بناؤها على هذا النحو محض صدفة إذ شُيّدت وقتها كحصن منيع لحماية منطقة دوعن أو ما كانت تُعرف قديماً بـ "دولة العمودي"، من أي هجمات يشنّها الأعداء أو محاولات غزو يطمح لها الطامعون.
ولاحقا، اندثرت الدولة وذهب الأجداد، وبقِيَ الحصن شامخاً كوثيقة تاريخية على من كان هنا ذات يوم، وشاهداً على حضارة أمة وأعجوبة معمارية تعكس عبقرية الإنسان في ذلك الزمان.
وتحوّل الحصن إلى قرية، تعاقبت الأجيال على السكن فيها، ويتراوح عدد المنازل فيها بين 45 إلى 55 منزلاً، تتوزع على مبان شيّدت بالطريقة التقليدية القديمة، حيث استُخدمت فيها مواد الطين والقِرِف وجذوع الأشجار، وهي مواد أولية بسيطة كانت تتوفر في نواحي وادي دوعن، ويبلغ ارتفاع الصخرة المتواجدة أعلى التلة عن مستوى سطح الأرض حوالي 350 قدماً.
ومنحها تواجدها أعلى الصخرة الضخمة، بمبانيها الشاهقة، منظراً خلاباً جميلاً تميزّت به عن القرى اليمنية الأخرى، وكانت مقصداً للسياح في وقت ما، وأطلقت عليها صحيفة الـ"ديلي ميل" البريطانية قبل عدة سنوات، بـ"مملكة الخواتم"، في تشبيه منها للقرية، بالمملكة التي ظهرت في سلسلة أفلام الفانتازيا الأجنبية الشهيرة "سيد الخواتم".
وجاءت تسمية القرية، الواقعة غرب محافظة حضرموت جنوب شرق اليمن، بمسمى "حيد الجزيل"، وذلك نسبة لوقوعها أعلى قمة الجبل؛ إذ يسمي أهالي تلك المنطقة ومناطق يمنية أخرى وفقاً للهجة الدارجة لديهم الجبل الكبير بـ"الحيد".
والسبب في إطلاق مصطلح "الجزيل" في الشق الثاني للتسمية، التربة المتواجدة أسفل الجبل، وهي تربة تكون جذور الزرع فيها جزلة، ويطلق على تلك التربة في لغة الزراعة اسم "الجزيل".
ويعتمد سكان "حيد الجزيل"، على الزراعة وتربية المواشي وتربية النحل أو ما يطلق عليه (النوب)، وتكثر أشجار السدر في وادي دوعن، والتي تتمتع بخصائص بيئية وزراعية، ليحظى عسل السدر الدوعني، بشهرة عالمية قلّ نظيرها، ويعده الكثيرون من المختصين في هذا الجانب، من أجود وأرقى أنواع العسل على مستوى العالم.
ويؤمّن أهالي القرية الماء، من خلال ما توفره بطون الأودية وتحديداً وادي دوعن من مياه موسمية، والتي تنقل عبر الدواب والمواشي إلى خزانات كبيرة تتواجد في القرية، وحديثاً زودت بعض تلك الخزانات بمواسير يتم الضخ المياه إليها عبر أجهزة مخصصة لذلك، تعرف بـ"المضخّة".
الأزمنة وتعاقب السنوات، إلى جانب عوامل التعرية والتغيرات المناخية، فعلت فعلتها بمنازل وبنايات القرية، إذ بات ما لا يزيد على 5 منازل فقط صالحة للسكن فيها، وتحتاج غالبية المنازل والبنايات الأخرى إلى إعادة بناء وترميم بمواد حديثة عصرية تُضيف لها متانة وصلابة، مع الحرص جيداً على عدم الإخلال بهيئتها التراثية وتصميمها التاريخي الفريد.
ولم يعد يسكن في تلك القرية سوى أفراد قليلين، إذ تنقل السكان الأصليون للاغتراب في شتى أنحاء الدول والمدن، إلا أنهم لم ينقطعوا عن مسقط رأسهم بشكل نهائي، إذ يأتون بين الحين والآخر في زيارات سنوية وموسمية.
ويواجه أبناء قرية "حيد الجزيل"، الذين لا يزالون يقطنون فيها، إشكاليات عديدة، فرضتها عليهم السلطة المحلية في المديرية، كغياب الخدمات المتعمد، ومحاولات التهميش، فضلاً عن محاولات لمحو معالم القرية، بسبب غياب الأهالي، وفقاً لما أعرب عنه عدد من أهالي القرية، أثناء حديثهم لـ"إرم نيوز"، مؤكدين على أنهم تقدموا بعدة شكاوى لمحافظ محافظة حضرموت مبخوت بن ماضي، للنظر في أمرهم.