بعد سنوات من التحرير.. الجنوب يمتلك كل مقومات الدولة المستقلة

عدن لنج / تقرير/ محمد الزبيري

بعد ما يقارب على عقد من تحرير الجنوب وطرد الإحتلال اليمني بات الجنوب اليوم يمتلك كل مقومات الدولة القابلة للحياة،والقادرة على التفاعل مع الأقليم والعالم،والمساهمة الإيجابية في حفظ الأمن والاستقرار وتأمين المصالح الإقليمية والدولية في منطقة استراتيجية بالغة الأهمية لكل العالم.
وبعيداً عن الحديث عن مقومات الأرض والشعب والحكومة باعتبارها أساس بناء الدول،فالجنوب كان دولة مستقلة يعترف بها العالم كله،ولديها مقومات الأرض والشعب والحكومة والسيادة على الأرض.
ما نناقشة في هذا التقرير هي المقومات الأخرى التي عمل الإحتلال على تدميرها طوال عقود ومنذ أن دخل الجنوب في وحدة طوعية مع الجمهورية العربية اليمنية انتهت بعد أربع سنوات وتحولت إلى احتلال همجي دمر كل مقومات الدولة الجنوبية في محاولة لمنع الشعب الجنوبي من استعادة دولته،والمقومات المقصودة هي القوات المسلحة،والحامل السياسي،والكادر المؤهل لإدارة الدولة،والسلك الدبلوماسي القادر على التواصل مع العالم وتمثيل الدولة القادمة،وكذلك النقابات والهيئات الجنوبية.
أدت الحرب التي شنها الإحتلال اليمني على الجنوب سنة 2015 والمستمرة حتى الآن إلى تغيير المعادلة السياسية والعسكرية على الارض،وبات الجنوبيون يسيطرون بشكل شبه كامل على أرضهم،وفي هذا الإطار يمكن التعرف على المقومات التي بات الجنوب يمتلكها اليوم والتي تجعل من عودة الدولة الجنوبية مسألة وقت ليس إلا.
*القوات المسلحة الجنوبية*
استطاع الرئيس عيدروس الزبيدي إعادة بناء مؤسسات الجيش الجنوبي،وبعد ما يقارب من عقد على اندلاع الحرب أصبح الجنوب اليوم يمتلك قوات مسلحة ضاربة أثبتت قدرتها على حماية الجنوب وتحرير أراضيه،ومواجهة الإحتلال على طول حدود الجنوب،وتطهير الجنوب من التنظيمات الإرهابية.
تتوزع القوات المسلحة الجنوبية على عدد من الوحدات العسكرية والأمنية أهمها قوات الدعم والإسناد،وقوات الحماية،وألوية العاصفة،وقوات النخبة الحضرمية التي استطاعت تحرير مدن ساحل حضرموت من التنظيمات الإرهابية،وقوات النخبة الشبوانية(دفاع شبوة)والتي كان لها دوراً بارزاً في تأمين محافظة شبوة،وقوات الحزام الأمني التي تضطلع بمهام تأمين العاصمة عدن ومحافظات لحج وأبين والضالع،وألوية الصاعقة الجنوبية، وألوية المقاومة الجنوبية والتي تشكل أساس القوات البرية الجنوبية إلى جانب ألوية الدعم والإسناد،بالإضافة إلى الوية العمالقة الجنوبية التي تمكنت من تحرير الساحل الغربي والوصول إلى قلب محافظة الحديدة اليمنية،وتمكنت من تحرير مديريات بيحان بمحافظة شبوة بعد أن سلمتها مليشيات حزب الإصلاح الإرهابي لمليشيات الحوثي.
يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم على أغلب الأراضي الجنوبية،باستثناء محافظة المهرة،ووادي حضرموت ومديرية مكيراس بمحافظة أبين،لكن المجلس الانتقالي يمتلك في هذه المناطق شعبية جارفة،وتأييد شعبي،ويطالب ابناء هذه المناطق المجلس الانتقالي بتحريك القوات الجنوبية لتحرير باقي المناطق المحتلة وطرد الإحتلال اليمني.
استطاعت القوات المسلحة الجنوبية أن تفرض الأمن والاستقرار على طول الأراضي الجنوبية،واستطاعت تحرير اغلب أراضي الجنوب وتمكنت من دحر قوى الإرهاب وتطهير المناطق التي كانت تنشط فيها،خصوصاً في صحاري أبين وشبوة ومدن ساحل حضرموت التي سلمها الإحتلال اليمني للتنظيمات الإرهابية،وبات الجنوب اليوم محصناً في وجه كل المؤامرات والأطماع التي تستهدف إعادة احتلاله مجدداً.
*الحامل السياسي للقضية الجنوبية*
يمتلك الجنوب اليوم رافعة سياسية قوية،ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي،والذي يستند على قاعدة شعبية واسعة،ويحظى بتأييد المجتمع الجنوبي،حيث يمثل مطالب شعب الجنوب ويعبر عن تطلعات الشعب في مختلف محافظات الجنوب،كما إنه يمثل مظلة جامعة لمختلف شرائح الشعب الجنوبي ومكوناته السياسية والاجتماعية.
يتكون المجلس الانتقالي الجنوبي من هيئة رئاسية بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي والعديد من الأعضاء،وبرلمان وطني ممثل بمجلس العموم،وقام المجلس الانتقالي الجنوبي بتأسيس فروع للمجلس في كل محافظات الجنوب،ويمتلك المجلس دوائر مختصة بمختلف المهام وتمثل نواة لوزارات الدولة الجنوبية كدائرة العلاقات الخارجية ،والهيئة الوطنية للإعلام،كما قام المجلس بتأسيس العديد من مراكز دعم القرار.
اطلق المجلس الانتقالي الجنوبي مبادرة للحوار الجنوبي الجنوبي في الداخل والخارج،يهدف من خلاله إلى تحقيق أكبر قدر من التوافق والتنسيق بين الأطراف الجنوبية ونجح المجلس في مبادرته الأولى من تعزيز التقارب مع الكثير من القوى والشخصيات السياسية الجنوبية.
يهدف المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال حواره مع كل القوى الجنوبية إلى ترتيب البيت الجنوبي داخلياً تمهيداً لمواجهة استحقاقات المرحلة،واستباقاً لمفاوضات حل الصراع في اليمن.
من المهم الإشارة إلى أن وجود رافعة سياسية جنوبية،تمثل أهمية كبرى بالنسبة للجنوب،حيث أن وجود ممثل شرعي للقضية الجنوبية سيمنع أي محاولات لتمييعها أو الالتفاف عليها.
*الكادر الوظيفي الجنوبي*
أثبت الجنوبيون قدرتهم على إدارة بلدهم بكفاءة واقتدار،ظهر ذلك خلال المدة التي تلت الحرب من خلال إدارة الكوادر الجنوبية لمختلف المؤسسات الجنوبية بنجاح رغم المعوقات والصعوبات وانعدام أبسط مقومات النجاح،بسبب تراجع مصادر تمويل هذه المؤسسات وانهيار الاقتصاد بفعل الحرب المستمرة على الجنوب حتى اللحظة.
تدار أغلب المؤسسات والإدارات ودواويين الوزارات،والسلطات المحلية والمكاتب التنفيذية في الوزارات و المحافظات والمديريات،وكل ما يندرج تحت السلم الوظيفي لهذه المؤسسات بكادر اغلبه جنوبي يمتلك أعلى درجات التأهيل والكفاءة.
وجود كادر جنوبي مؤهل وجاهز في معظم مؤسسات الدولة يعني أن الجنوب بات يمتلك الكفاءات القادرة على إدارة الدولة الجنوبية القادمة،وتسيير شؤونها والإمساك بزمام الأمور لحظة إعلانها.
يظهر حرص المجلس الانتقالي الجنوبي على تأهيل الكادر الوظيفي الجنوبي من خلال إعادة هيكلة مؤسساته العليا،وفروعه في المديريات والمحافظات.
يهدف المجلس من خلال الهيكلة بحسب حديث الرئيس الزبيدي إلى تعزيز وتطوير العمل وتقديمه بالصورة المناسبة،من أجل النهوض بالقضية الجنوبية إلى أعلى المستويات،بجهد مضاعف ومهارة عالية تمكن الكفاءات من تقديم النتائج المرجوة.
*السلك الدبلوماسي*
يدخل السلك الدبلوماسي ضمن الكادر الوظيفي الجنوبي غير أن ما يميزه هو العمل في الخارج.
تأثر الكادر الوظيفي الجنوبي كثيراً بعد الوحدة،حيث تعرض لعملية تجريف ممنهجة هدفها التقليل من الكوادر الدبلوماسية المؤهلة وتحويلهم إلى مجرد موظفين،الأمر الذي تسبب في انخفاض الكادر الدبلوماسي الجنوبي وسيطرة الإحتلال على السلك الدبلوماسي بشكل شبه كامل.
بعد 2015 بدأ الوضع بالتغير التدريجي،في ظل تغير المعطيات السياسية والعسكرية على الأرض،وبات العديد من الجنوبيين يشغلون مناصب دبلوماسية في الخارج.
يعمل المجلس الانتقالي الجنوبي على تأهيل الكوادر الجنوبية الدبلوماسية،واكسابهم مهارات العمل الدبلوماسي،كاللغات وإدارة العلاقات والأزمات،والدفع بالكادر الجنوبي للمشاركة في اللقاءات السياسية،والندوات التي تنظمها المنظمات الدولية،ومراكز الدراسات العالمية،والمعاهد المختصة بنقاشات القضايا الدولية.
من خلال ما ذكرناه يتضح أن الجنوب أصبح اليوم يمتلك كل مقومات الدولة،وأن الشعب الجنوبي قادر على إدارة دولته المستقلة والتفاعل الإيجابي مع العالم.