تدشين صرف رواتب الجيش لشهر سبتمبر الماضي
دشن مساء اليوم صرف رواتب العسكريين لشهر سبتمبر الماضيوذكر مصدر مسؤول في مكتب مدير الدائرة المالية بو...
عندما نظم مئات من القوميين اليهود مسيرة عبر البلدة القديمة في الحي الإسلامي بالقدس هذا الشهر رافعين اللافتات ومرددين الأناشيد فيما أصبح تقليدا سنويا لم يكن المسلمون وحدهم هم الذين وقفوا يتفرجون في حذر. بل وقف المسيحيون وقفتهم أيضا.
وليس التوتر الديني بجديد على المدينة التي أصبحت موطنا للأديان الثلاثة على مر القرون. غير أنه ندر أن كانت دلائل المستقبل أصعب من الوضع الحالي بالنسبة للأقلية المسيحية المحشورة داخل الأسوار العتيقة للبلدة القديمة والعالقة وسط موجة عنف مستمرة منذ شهور يستهدف فيها مسلمون اليهود.
وفي حين يتزايد عدد المسلمين باطراد إذ أصبحوا يمثلون 75 في المئة من 38 ألفا يسكنون في أزقة البلدة ويعمل اليهود على نحو متزايد لجعل وجودهم محسوسا من خلال المسيرة السنوية ومستوطناتهم التي تتجاوز الحي اليهودي فإن عدد المسيحيين لم يزد شيئا خلال 50 عاما إذ يتأرجح حول 7000 فرد.
وقال جمال خضر رئيس المعهد الاكليريكي للبطريركية اللاتينية قرب بيت لحم "إذا رحل ألف مسلم عن القدس فهذا شيء أما إذا رحل ألف مسيحي فإنك تهدد هوية القدس كمدينة متعددة الأديان."
وهذا الهاجس واضح أمام باسل سعيد (28 عاما) صاحب صالة للتمرينات الرياضية في الحي المسيحي. فبعد محاولة مسلم أن يطعن إسرائيليا في البلدة القديمة قبل عدة أسابيع وجد سعيد نفسه وجها لوجه أمام جندي من الشرطة العسكرية الإسرائيلية كان يبحث عن مرتكب الاعتداء.
قال سعيد الحائز على جوائز في بطولات رفع الأثقال ويرتدي صليبا كبيرا من الذهب حول رقبته "كان يرتعش وكان في شدة الخوف. كان من الممكن أن يطلق النار علي ويقتلني في لحظة."
وبالنسبة لسعيد فإنه يشعر بالانزعاج سواء بسبب الأمن الإسرائيلي المشدد أو الاضطرابات التي يكون المسلمون طرفا فيها.
وقال سعيد "لو لم نكن أقوياء لكنا قد رحلنا جميعا الآن."
وفي الشوارع الضيقة المرصوفة بالحجارة في الحي المسيحي تدير العائلات المسيحية متاجر للتحف والتذكارات منذ أجيال وتحقق دخلا من استمرار تدفق السياحة الدينية وغيرها لزيارة أماكن مثل كنيسة القيامة.
ومع تزايد العنف في القدس والمناطق المحيطة بها منذ أكتوبر تشرين الأول الماضي أصبحت حركة السياحة أكثر تذبذبا. ويردد السكان المحليون والمرشدون السياحيون أن أعداد الزائرين تناقصت بشدة مما ألحق الضرر بصناعة السياحة.
والسكان من أمثال يوسف شبيطة (35 عاما) الذي يمثل الجيل الثالث من أصحاب متجر للأيقونات الدينية بالقرب من كنيسة القيامة عازمون على الاستمرار إذ لا يرون خيارا آخر. لكنهم يتفهمون أسباب رغبة المسيحيين الأصغر سنا في الرحيل.
وقال شبيطة مبديا إحساسا بالمسؤولية لمحاولة الحفاظ على وجود مسيحي في المدينة التي وعظ فيها المسيح الناس "عندما تكون من الأقلية فلا بد أن تسير مع التيار. نرجو الهدوء ودائما الهدوء."
وقال دانييل سيدمان المحامي والناشط الإسرائيلي الذي يتابع الطائفة المسيحية عن كثب إنه يخشى أن يكون الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سببا في دفعها للرحيل تدريجيا.
وقال مشيرا إلى غياب المؤسسات السياسية والاجتماعية التي يمكن للمسيحيين الاعتماد عليها "لأن جانبا كبيرا من مركز هذه الجولة من العنف يوجد في البلدة القديمة وحولها فقد زاد ذلك من مدى تعرضهم للخطر."
وأغلب المسيحيين في القدس من الفلسطينيين. ومن الناحية التاريخية لعبت الطائفة دورا بارزا في معارضة الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية والضفة الغربية مما جعلها على خلاف مع إسرائيل.
ومع ذلك ففي داخل أسوار البلدة القديمة يوجد قدر من الاعتماد المتبادل فالتجار المسلمون يديرون متاجر على أرض مملوكة للكنيسة المسيحية واليهود الإسرائيليون يتوقفون لشراء الفاكهة أو الفلافل من أكشاك المسلمين والمسيحيين.
ورغم ذلك فإن سعيد رافع الأثقال لا يشعر بالثقة إذ يقول "في الوقت الحالي المسلمون واليهود يتقاتلون. لكن عندما يتوقفون سينظرون إلينا."