منظمات المجتمع المدني لعبت دور البطولة في التحرير والإعمار

عدن لنج - صحف :

 


تحقيق: سحر الشعبي

تتفاوت النظرة إلى دور منظمات المجتمع المدني في عملية التنمية والبناء بين مؤيد يرى فيها شريكاً يساهم في توعية المجتمع بشأن أغلب القضايا المجتمعية وبين معارض يرى أنها خطر على الاستقرار الاجتماعي وعلى الثقافة المحلية لكونها نموذجاً غريباً.. وقد يكون هذا التفاوت ناتجاً عن الاختلاف في عدم فهم دور منظمات المجتمع المدني الحقوقي الإنساني والتنموي، والتي تهدف إلى مساعدة المواطنين والوقوف معهم كشريك فاعل في عمليات التنمية والبناء، خاصة في العاصمة المؤقتة لليمن عدن التي أنهكتها الحرب. رئيس اتحاد منظمات المجتمع المدني، ماجد الشاجري، قال: «إن منظمات المجتمع المدني قدمت دوراً كبيراً في توعية المجتمع، ورفع مستوى إدراكه بخطورة المرحلة التي كانت تعيشها عدن إبان الحرب الغاشمة التي شنتها المليشيات الانقلابية، حيث أسهمت بشكل فاعل وملموس في تطبيع الحياة، من خلال تبني المشاريع التنموية والحملات التوعوية من مخاطر حمل السلاح وإطلاق النار وإزالة مخلفات الحرب، والنزول إلى أرض الواقع في كثير من مديريات المحافظة عبر مبادرات شبابية طوعية تعيد فيها ملامح الحياة إلى الواقع من جديد رغم التحديات التي تعاني منها المحافظة فيما يتعلق بملفي التطرف والأمن آنذاك».

وأضاف الشاجري «إننا لا ننسى الدور الاستراتيجي والتاريخي لدول التحالف العربي، خاصة دولة الإمارات العربية المتحدة التي ساعدت أبناء عدن في التخلص والتحرر من المليشيات (الحوثي عفاشية)، وساهمت بعد الحرب في تقديم الدعم اللامحدود في مختلف المجالات والقطاعات من خلال إشراك المنظمات المحلية في إعادة تطبيع الحياة للمدينة».

شريك في الميدان
وأشار مدير جمعية نشطاء التنمية والبيئة، فاروق الجمال، إلى أن دور منظمات المجتمع المدني كبير ومهم في عملية البناء والتنمية، فهي شريك في الميدان من خلال ما تقدمه من برامج تنموية وتوعوية وثقافية وتشغيلية تنفذها كل منظمة وجمعية ومؤسسة تعمل بعدن، تسعى من خلاله لنشر الوعي بين أوساط المجتمع، وتساهم في الاستقرار الاجتماعي والثقافي المحلي، كما تقوم المنظمات بعملية رصد وتوثيق الانتهاكات الحقوقية التي مارستها قوى الانقلاب على شباب عدن.

وأكد ضرورة الشراكة المجتمعية بين منظمات المجتمع المدني والسلطة المحلية للوصول بعدن إلى بر الأمان، وتطبيع الحياة فيها بشكل مستقر للمحافظة على ما تحقق من منجزات أمنية وتنموية وخدمية، وإعادة عدن إلى الحياة مرة أخرى رغم الألم.

دور مهم

منظمات المجتمع المدني ضرورة حضارية ومؤشر تقدم الشعوب ونهضتها وتقدمها، هذا ما قالته الرئيس التنفيذي لمؤسسة أنصار تنمية وحماية المجتمع c.p.d.s المحامية أقدار مختار، وأضافت «إن مدينة عدن شهدت حضوراً وتأثيراً لمنظمات المجتمع المدني على المستويات كافة، خاصة خلال فترة حرب صيف 2015 وحتى اللحظة رغم إمكانياتها وخبرتها المحدودة، حيث استطاعت خلال فتره زمنية صعبة من لعب دور مهم وأساسي، شملت تقديم المساعدات الإنسانية لضحايا الحرب وأعمال العنف وتوفير الدعم الإنساني، وتنفيذ حملات توعوية بمختلف المجالات».

وأوضحت المحامية أقدار «إن دور المنظمات المحلية لم يتوقف عند هذا الحد، بل استمر في نشر وترسيخ مبادئ السلام والتعايش السلمي وثقافة حقوق الإنسان في النوع الاجتماعي، وتمكين المرأة ومكافحة الفساد والمساهمة الفعالة في تطوير المجتمع وتنميته، ونشر مفاهيم الحياة المدنية، حيث إن مؤسسات العمل المدني قد نجحت في عدد من المهام التي توجب عليها القيام بها رغم أن أغلب تلك المهام كانت بصورة فرديه في ظل غياب التفاعل الإيجابي أو السلبي ما بين المؤسسات المجتمعية الأخرى وبينها والسلطات القائمة، وغياب الدور المؤثر نتيجة لفقدان لعملية الاتصال والتواصل وتبادل المعلومات».
غياب الوعي

وتحدثت المحامية أقدار مختار عن «أن هناك صعوبات تعاني منها المنظمات المحلية، تتمثل في عدم مراعاة الاحتياجات الحقيقية للمجتمع المحلي، والقفز على واقعه بالنسبة للمشاريع الآنية والخدمات التي يحتاج إليها، فضلاً عن عدم الوعي بدورها الكبير، بالإضافة إلى الاعتماد الكامل على انتظار الدعم الخارجي أو المشاريع التي تمولها أو تفرضها المنظمات الدولية بعيداً عن احتياجات المجتمع المحلي، وعدم التنسيق في العمل بينها وبعضها بعضاً، فكل منظمة تعمل في اتجاه بعيداً عن بقية أقرانها في التخصص ذاته».

إعادة الوجه المشرق

رئيسة مبادرة «شفاؤكم يهمنا» سالي رمضان تقول «إن المنظمات والجمعيات الحقوقية والإنسانية لعبت دوراً كبيراً في الحرب الأخيرة التي شنتها ميليشيات الحوثي وصالح في 2015 على مدينة عدن من خلال توزيع المساعدات الإغاثية والإنسانية للمواطنين، وتوثيقها للانتهاكات الإنسانية كافة التي تعرض لها المواطنون، كما ساهمت بعد انتهاء الحرب في ضم شباب وشابات في مقتبل العمر ومن جميع التخصصات والمؤهلات بشكل فاعل في تطبيع الحياة وإعادة الوجه المشرق لمدينتهم عدن التي يرون فيها البيت الكبير لهم». وقالت «إن منظمات المجتمع المدني في عدن يجب أن تكون شريكاً أساسياً للسلطات المحلية في مجالات التنمية ورسم سياسات المحافظة، متمنية من السلطات في عدن بأن تعي بهذا الدور وتسمح لمنظمات المجتمع المدني العمل إلى جانبها لأهمية الشراكة والتعاون، خاصة أن الأوضاع الراهنة في عدن ما زالت تعاني الكثير من المشاكل، وتشكل حاجزاً يعيق سهولة الحياة، وهذا الأمر يتوجب أن تتخذ بشأنه إجراءات حقيقية على الأرض، والتي لا يمكن أن تنهض وأن تتحسن بشكل كامل إلا بالتعاون مع المنظمات المحلية، جنباً إلى جنب بصفتها شريكاً أساسياً لعمل السلطات».

رصد وتوثيق

وتقول «إن منظمات المجتمع المدني في عدن نشطت في المجال الحقوقي والإنساني، حيث قامت برصد وتوثيق الانتهاكات كافة التي حدثت أثناء الحرب الأخيرة وبعدها، لكن هذه المنظمات باتت تحارب من غيرها وتعامل بعدم الاهتمام واللامبالاة من السلطات والحكومة، وشكل هذا فرصة جيدة وبيئة خصبة للمتربصين الذين يريدون للأوضاع الإنسانية الصعبة أن تظل مثلما هي في المدينة لأغراض دنيئة».

نقص الوعي

يرى ناشطون ورؤساء منظمات مجتمع مدني ومبادرات شبابية إن الغالبية العظمى للمنظمات المحلية المدنية في عدن اقتصر دورها على العمل الإغاثي، وتحولت المبادرات الشبابية إلى مؤسسات مجتمع مدني ينقصها الوعي بدور المؤسسات المدنية الحقيقي في المجتمع، وأنها رديف للسلطة في لعب دور كبير لعملية التنمية والبناء، فالمسؤولية الملقاة على عاتقها هي أكبر بكثير من مجرد توزيع السلال الغذائية أو العمل الإنساني البسيط. موضحين أن هناك فهماً مغلوطاً وخلطاً في الأدوار والمجالات التخصصية بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني، فقلة قليلة منها تعي دورها وتخصصها، فالعمل المدني فضاء واسع للعمل، والمنظمات باتت تعاني خلطاً في الأدوار وتقلل من أهمية الوضع الإنساني الذي تعيشه عدن، في ظل وجود العديد من انتهاكات حقوق الإنسان أثناء الحرب وبعدها.