الحقيقة المؤلمة

ان مشكلتنا الكبرى هي مع الحقيقة لأنها مؤلمة وبشعة ومزرية ومتناقضة تماماً مع ما تربينا عليه.

 

على سبيل المثال تربينا على مفهوم الأمة ذات الأمجاد، الأمة القائدة، الأمة المثال، والحقيقة أن المشكلة ليست في كون هذه الصورة مجرد وهم تاريخي، فالأوهام ليست سيئة دائماً.

 

المشكلة هي أن العالم تجاوز هذه الصورة للأمة ولم يبق لها أثر إلا في خيالات شواذ الشوفينيين والفاشيين، إن كل الأفكار الإيجابية حول تقدم الشعوب تدور حول التحرر والتنمية ضمن أطر تتواءم قدر الإمكان مع النظام العالمي القائم وهو نظام رأسمالي نيوليبرالي، حتى بقايا اليسار العالمي وأطروحاته حول العدالة الاجتماعية يقف معزولاً عن في بيئته إلا إن قبل العمل ضمن قواعد اللعبة القائمة.

 

بالنسبة لنا هي حقيقة موجعة حتى الموت أن نقول وداعاً لمفهوم الأمة العربية والإسلامية كما ألفناها وأن نبحث عن صيغ أكثر واقعية لمواجهة عالمنا المعاصر، فحتى لو رفضنا المنطق الرأسمالي المهيمن فإن الدعوة إلى العودة إلى الصيغ القديمة يبدو أشبه بمسرحية هزلية أبعد ما تكون عن الجدية.

 

إن تعويل الكثيرين على الشعبوية التي ما تزال متعلقة بالصيغ الموروثة أثبت قدرة هؤلاء على التدمير أكثر من أي شيء آخر بدءاً بجمال عبد الناصر وحتى آيات الله والإخوان المسلمين.

 

كل تأسيس قائم على غش لا يثمر طيباً.

 

انظر إلى من تعجلوا بناء المشاريع الحركية دون أن يقدموا للبناء بالاتفاق الضروري على المبادئ الأساسية للعمل، ما إن ينطلق المسير ويتجمع الناس حول الفكرة حتى يبدأ المؤسسون بالإطاحة ببعضهم لظهور الاختلاف وقلة الثقة التي تجمعهم، فيتحول المشروع الحركي إلى مشروع فردي يدور حول أحد مؤسسيه والذي أصبح المؤسس بينما توارى الآخرون منبوذين مطرودين إلا من أتقن فن التزلف والتقرب، أو أتقن السمع والطاعة دون تفكير، وكل مشروع فردي مصيره التحول إلى دكتاتورية وتلاشي الفكرة التي وقفت وراءه.

المشاريع الفردية متحولة بطبيعتها يصبغها القادة بصبغتهم ويمنحونها مضموناً مرتبطاً بشخصيتهم وبعد أن يغادروا يتركون وراءهم جماعة حائرة لا تدري ما تريد ولا كيف تدير ذاتها.

يتركون من وراءهم للعواصف وفقدان البوصلة...!!

مقالات الكاتب