بين الزيارتين !

قبل أيام كنت أتابع تغطية إخبارية في أحد قنوات اليمن لزيارة نائب الرئيس اليمني "علي محسن صالح" لمحافظة مأرب، وأخرى لزيارة رئيس الوزراء "أحمد عبيد بن دغر" لمحافظة حضرموت.. كانت الصورة والكلمة هي تتحدث بين الزيارتين.. فالأولى عن أشياء حيوية ، نافعة للناس، ومشاريع إستراتيجية ضخمة لمأرب المحافظة كتدشين العمل في مشروع "صيانة وإعادة تأهيل الطريق الدولي الذي يربط مأرب - صافر بمنطقة العبر في حضرموت البالغ طوله 225 كيلو متر وغيرها من المشاريع الأخرى ، إضافة إلى توجيهاته للحكومة بشراء محولات كهربائية لتوسعة محطة التحويل الرئيسية في مأرب من أجل رفع نسبة إمدادها بالتيار الكهربائي من 40 ميجاوات إلى 150 ميجاوات ، وهو المشروع الذي جاء "بناء على طلب تقدم به محافظ مأرب "سلطان العرادة" لتوسعة محطات التحويل الرئيسية وإنشاء محطات التوزيع لتغطية المحافظة بالكامل من محطة مأرب الغازية" - حسب ما هو معلن -.. أما الثانية كانت حافلة بحزم إجتماعات ولقاءات حبية وزيارات وترف وبهرجة كلامية ..
في الأولي أظهرت الصورة "علي محسن" مبتهجًا وهو يضع حجر الأساس لمشروع إستراتيجي في مأرب، فيما أظهرت في الثانية "أحمد بن دغر" متعبًا ومتكلفًا وهو يحاول توصيل الفكرة , وإقناع المحتشدين في قاعة الاجتماع..
هاتان الزيارتان تزامنتا في وقت واحد ، كأن الشواهد أرادت أن تقول شيئًا أو أن تحاكي حقيقة الواقع من غير رتوش أو أسفار وهم..
بالطبع الناس لا تطلب من هذا المسؤول أو ذاك وضع أحجار أساس مشاريع لمجرد البروباغندا الإعلامية والدعائية بقدر ما يريدوا إنجازًا مرتبط بالتنفيذ، كما هو واقعًا في مأرب - اليوم - التي تمضي بقوة لتعانق -من غير ضجيج - مشاريع استثمارية كبيرة في مجالات مختلفة ، ومنها إلى جانب إيجاد تحسين للبني التحتية للخدمات إنشاء مطار دولي وجامعة ومنطقة صناعية حقيقية ومشاريع إعلامية عملاقة ،إضافة إلى مرونة واستقلالية في إدارة الإيرادات وآليات توزيعها – و اللهم لا حسد - .
ومأرب المحافظة مثل حضرموت من المحافظات "المحررة" التي تنعم بالأمن والأمان ، والسيطرة الكاملة للشرعية , كما أنهما يمتلكان المقومات العديدة وما تختزنه الأرض من ثروات .. لكن "مأرب" شقت طريقها , وأصبحت مدرسة في "فن الممكن" والسير بخطى واثقة في البناء والتشييد، بعكس شقيقتها التي كابدت المعاناة والجحود وتحملت سلطاتها "الصابرة" المشاق ، فمنذو التحرير في أبريل 2015 واجهت العثرات والمعيقات - ما ظهر منها وما
بطن - ، وأثقلت بالالتزامات لتسيير قدر من الخدمات الأساسية لمواطنيها وتأمين الاحتياجات ، لتنكفئ على نفسها باحثة عن حلول وبدائل لمواجهة تلك التحديات وتوظيف لها كل الإمكانيات والموارد الذاتية البسيطة التي تورد من أوعية محددة، ولم تطال "السيمان" الذي جاهر به علنا وأسمع من به صمما محافظها السابق.
وبين الزيارتين .. مفارقة .. لكن الأخيرة صحت المواجع في الحضارم وبينت الإخلال وعدم الوفاء بالعهود والالتزامات، وهي لاشك سوف تأسس لما بعد..

مقالات الكاتب