إلى معالي الوزير الأسبق بوكروح!

يبدو أن وزير الاقتصاد الأسبق في إحدى حكومات بلادنا يعيش عزلة اجتماعية عن بقية الجزائريين، ولا أدري إن كان ذلك بسبب إقامته في نادي الصنوبر، وإلا لما قال أمس ما قاله في المقال الذي نشره على صفحته على الفايسبوك.

بوكروح دعا الجزائريين لثورة سلمية لتغيير الحكم، الذي يسميه النظام، مع أنه كان ولا يزال جزءا من النظام. وشخصيا عندما أسمع أو أقرا عبارة ثورة سلمية، تتراءى لي صور مظاهرات درعا وحلب سنة 2011، عندما خرج السوريون مرددين ”سلمية.. سلمية” قبل أن يخترقها الرصاص، والرصاص يتحول إلى سيارات مفخخة وقصف وتتولى السلمية تنظيمات متعددة التسميات، جبهة النصرة، داعش، الجيش الحر وغيرها من التسميات، هدفها واحد، تعميم الخراب والدمار في بلاد كانت جوهرة في التعايش السلمي بين الطوائف، ينعم سكانها بالسلم والاكتفاء الذاتي، ثم انتهوا مشردين بين المخيمات تتقاذفهم أمواج البحر في قوارب الموت.

كلنا نتمنى أن نستفيق في الصباح على خطاب يزرع الأمل في النفوس، عكس الخطاب الذي أسمعنا إياه أول أمس الوزير الأول أحمد أويحيى، الذي يلجأ إليه في كل أزمة ليفك طلاسمها، كلنا نناضل من أجل مدرسة جمهورية، وجامعة راقية ومنصب عمل لكل بطال، واقتصاد متعافى ومتنوع لا تهزه الأزمات، لكن الثورة والانقلاب وغيرها من المصطلحات المتداولة هذه الأيام، مرعبة، فمن السهل المناداة بالثورة وراء أجهزة الكومبيوتر، في المنطقة الخضراء بنادي الصنوبر التي ينعم سكانها بالأمان.

لن يخرج اليوم أي جزائري للشارع حتى بدعوة رسمية مثلما فعل الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد في 19 سبتمبر منذ 29 سنة يوما بيوم، فلا أحد مستعد للعودة إلى نقطة الصفر، إلى ذلك اليوم الأسود من أكتوبر 1988. فرغم الإيجابيات التي أتت بها هذه الانتفاضة، ومنها أننا تعرفنا على السيد بوكروح المعارض الشرس، والمثقف، قبل أن يلوذ الوزير بالصمت، وتعرفنا على الكثير من القامات الجزائرية، وعرفنا وتلذذنا بخطابات غير لغة الخشب التي كان يلوكها قادة جبهة التحرير، لكن أكتوبر أيضا فتحت علبة البوندور وأخرجت كل شياطين الإنس من القمقم، وما زلنا كل يوم ندفع الثمن، ولولا الرجال الواقفون لكانت هناك دير زور وموصل في كل شبر من الجزائر، وليس فقط بن طلحة والرايس.

هل سيضمن بوكروح ثورة سلمية مع كل القمصان واللحى المنتشرة في كل شبر، ومع خطاب الحقد والتكفير الذي يتبناه الآلاف ليس فقط في المواقع، بل في أحزاب معتمدة وكانت شريكا في الحكم؟

من السهل التنظير من برج عاجي معالي الوزير، فهل سيكون معاليك وأبناؤك في الصفوف الأولى للثورة؟!

مقالات الكاتب