نحن جميعاً في سفينة واحدة أسمها الجنوب

لا أريد أن أكون أكثر تشاؤماً في ظل متغيرات كثيرة طرأت على الواقع الجنوبي حدت باليمنيين أن يكثفوا من نشاطهم المعادي للجنوب وشعبه وهذا ليس بغريب في ظل مفهوم للأسف تغلغل في الفكر والعقلية اليمنية بمختلف شرائحها وألوان الطيف السياسي اليمني على أن الجنوب جزء لا يتجزأ من دولتهم وأنه فرعٌ تابعٌ لأصل ترسخ هذا المفهوم وتبلور بوضوح في ظل وجود مساحة شاسعة للغنيمة والفيد على طول وعرض الأرض الجنوبية ، الشئ الذي مكن اليمنيين من أن يعظوا على بقاء هكذا وضع بالنواجد ، وأن يحاربوا بشراسة أي تقارب جنوبي ، والحقيقة أنا لا أستغ  رب هذا من اليمنيين ولكن الغريب أن يتحجر العقل والفكر الجنوبي ويأبى الاتعاظ من كل مراحل الماضي الجنوبي منذ قيام الدولة الجنوبية في أواخر ستينيات القرن الماضي وكيف تمكن القوميون العرب من بسط فكرهم على حساب الهوية الجنوبية ، فكر للأسف هيأ للعقل اليمني فرص السطو على الأرض الجنوبية فكان الجنوب القطر العربي الوحيد الذي اكتوى بنار القومية العربية ،على كلٍ لسنا ممن ينبشون الماضي ولكن أردنا فقط التذكير للعبرة والاتعاظ ليس إلّا ،  فالذكرى تنفع المؤمنين والكيّس من يتعظ ، فهل نحن متعظون ؟ ؟ ؟
نحن الآن جميعاً نقف على ظهر السفينة الجنوبية ، نحن ملاحوها وربابنتها في وسط بحر متلاطم تتقاذفنا أمواجه العاتية يمنة ويسرة ، فمنذ النكبة في عام 94م وأن كان البعض يرى إنها بدأت في العام 67م والجنوبيون يعانون الذل والهوان بينما مظاهر الزهو والفرح والتعالي تكسو الوجه اليمني وأن تباينت وجهات النظر  فيما بينهم ولكنهم أجمعوا على أن الجنوب وأرضه غنيمة لهم ، هذه المشاعر والأحاسيس انتابتهم وجسدوها على أرض الواقع من خلال تعاملاتهم وتصرفاتهم مع الجنوب أرض وإنسان ، الشئ الذي عكس نفسه على الجنوبيين وأثر في نفسياتهم طيلة تلك الفترة الحالكة حتى ثار الشعب وفجّر ثورة شعبية عارمة أجمع السواد الأعظم من شعب الجنوب على وحدة هدفها فبلغت ذروة نضالها السلمي فكانت الرسالة الأبلغ للمجتمع الدولي والإقليمي ولكنها افتقدت للغطاء السياسي حين عجزت مكونات الثورة في لملمة شتاتها وإيجاد حامل سياسي يرفد تلك الثورة الشعبية وينصف تضحيات هذا الشعب المناضل والصبور ، نعم عجزت أن لم نقل فشلت تلك المكونات التي ملأت الساحة الجنوبية ضجيجاً فمعظم تلك المكونات للأسف مفرخة ولا وجود لها إلّا في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال بيانات الشجب والاستنكار وتبادل عبارات التخوين والاتهامات وبث الشائعات والقدح في رجال الثورة وتتبع الزلات وتوزيع صكوك الوطنية ورسم خارطة إعلامية لتوسيع رقعة الخلاف بين جميع ألوان الطيف السياسي الجنوبي وإفشال أي تقارب يقرّب الجنوبيين من إرساء قواعد العمل السياسي والدبلوماسي ويمضي بقضيتهم الوطنية السيادية إلى حيث ينبغي أن تكون لا أن نظل دائماً في صراع مع أنفسنا تسخرنا أطماعنا وشمولية أفكارنا أو القوى المعادية لنكون أداة طيعة لضرب الثورة ووأد القضية ، فكل ما تقاربنا طل علينا مكونٌ أو شلة تغرّد خارج السرب تدعي إخلاصها للوطن والقضية والثورة ومقاومتها حكراً عليهم وحقاً حصرياً لهم والآخرون ينقصهم الإخلاص وبائعون ارتهنوا للخارج أو أنهم في الطريق إلى باب اليمن ، إلى متى سيظل هذا الشعب تحت وطأة فكر وحساب شلة من المراهقين السياسيين ؟
أن نسف أو محاولة نسف التقارب الموجود حالياً بين الجنوبيين أو إظهاره على الأقل إعلامياً أنه ليس الممثل والحامل السياسي لقضية شعب الجنوب أو أنه مكونٌ جديدٌ كما يسوّقونه في بياناتهم يعد بمثابة تراجع خطوات وخطوات إلى الخلف بل رصاصة الرحمة على القضية الجنوبية برمتها وعمل يفضي بنا لا سمح الله إلى الهاوية ، فعلينا جميعاً تقع مسئولية الحفاظ على ذلك التقارب وتصحيح ما رافقه من أخطاء وهى بالتأكيد واردة دون استغلالها للقضاء على ذلك العمل أو أن نختلق مبررات تضعنا في مواجهة مباشرة معه على أننا نحن الأحق بقيادة العمل أو أن هناك من لا يستحق أن يكون في القيادة أو أن ثمة انحرافاً في مجرى السفينة أو ... ، منطق لربما يؤكد أن أولئك لا يريدون مبارحة أفكارهم ومغادرة الماضي والاتعاظ واستيعاب الدرس .

مقالات الكاتب