سقوط جديد للعملة المحلية... دون حلول من الدولة والبنك المركزي

تقرير/ كيان شجون

منذ عام 2016م تشهد العملة المحلية تدهورا كبيرا أمام العملة الأجنبية، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن تهوي العملة المحلية إلى المجهول، ما بين صعود وهبوط بين الحين والآخر على مدة الأعوام الماضية.

وبعد أن استقرت العملة المحلية نسيبا خلال العامين الماضيين عاودت سقوطها أمام العملات الأجنبية حيث وصل سعر صرف الريال السعودي إلى ما يقارب 350 ريالا فيما وصل 1314 ريالا.

هذا التدهور في العملة المحلية أثر بشكل كبير على حياة المواطنين كونه تسبب في ارتفاع الأسعار والذي بات يخنق المواطنين، في ظل انقطاع المرتبات.

وبحسب خبراء اقتصاديين قالوا إن هناك أسبابا عديدة للتدهور الاقتصادي منها تزايد الفجوة بين العرض والطلب من العملات الأجنبية في السوق بسبب زيادة الطلب على العملة الناتج عن زيادة الطلب على السلع المستوردة، وضعف الإنتاج المحلي، والمضاربة في العملة، إضافة إلى احتكار شركات الصرافة وغياب دور الرقابة عليهم.

 

* * عجز السيولة النقدية

الباحث الاقتصادي الدكتور محمود محمد جباري أوضح في حديثه "لعدن لنج " أن العملة الوطنية اليمنية شهدت تدهورا خلال فترة الحرب، وتدهور كل مؤشرات الاقتصاد الكلي، والحكومات المتعاقبة ومحافظي البنك المركزي عدن، التي لم ترتق أعمالهم إلى مستوى التدهور المخيف، ولم تتبع سياسة اقتصاد الحرب، سيما وتصاعده مستويات الإنفاق والإنفاق العبثي، حتى وصلت البلاد إلى عجز في توفير السيولة النقدية، لمواجهة فاتورة الأجور والمرتبات.

 

* * ضعف القدرة الشرائية

وتابع حديثه بالقول الحكومة لجاءت إلى طبع ما يقرب من ثلاثة ترليون ريال، وبأحجام وألوان تختلف عما كان متداولا قبل الحرب، وبعيدا عن أسس الطبع السليم للعملة، والتي منها زيادة الناتج المحلي الإجمالي أو زيادة الاحتياطات في البنك المركزي من ذهب والعملة الأجنبية، سيما وذلك الطبع صاعد مستويات التضخم وارتفاع مستويات الأسعار، ساهمت في ضعف القدرة الشرائية للنقود، وتآكل الرواتب والأجور للموظفين إلى ما يقرب من ٨٠٪ منها.

 

* * غياب البنك المركزي

وأشار الباحث الاقتصادي الدكتور الجباري أن أهم المشاكل هو الغياب التام لدور البنك المركزي عدن، كونه المسؤول الأول عن استقرار العملة، وعن السياسة النقدية، وترك دورة النقد يتحكم بها شركات الصرافة التي سيطرت على ٧٥٪ من الكتلة النقدية المتداولة سخرتها للمضاربة بالعملة ولغسيل الأموال.

وأضاف الدكتور محمود الجباري أن شركات الصرافة حلت محل البنوك التجارية والإسلامية في الاستيراد والادخار وساهمت في سحب العملة الأجنبية من السوق، لتمويل الاستيراد، وكثير من الاقتصاديين أشاروا إلى أن كثيرا من شركات الصرافة تتعامل مع الحوثيين.

 

* * سكوت الحكومة

وقال الدكتور الجباري إن البنك المركزي ظل عاجزا عن عمل إجراءات تحد من ذلك التدهور لعدم سيطرته ورقابته على الجهاز المصرفي، لا سيما وكل المراكز الأساسية للبنوك ومعظم شركات الصرافة في صنعاء، وأصبح عاجزا عن الرقابة وافتقاره إلى المعلومات وعدم قدرته عمل الحسابات الختامية له.

واستطرد حديثه أن سكوت الحكومة التي لم تتخذ أي إجراءات وسياسات وكأنها تتماهى مع هذا الوضع لترجيح البنك المركزي صنعاء في الحرب المستعرة ضد البنك المركزي عدن، وما رفع سعر الصرف الجمركي لميناء عدن إلى ٧٥٠ ريالا/ للدور مقابل ٢٥٠ ريالا/ للدولار في ميناء الحديدة.

 

* * عدم جدية الحكومة

وأوضح الدكتور محمود الجباري أن عدم الجدية في إعادة تشغيل مصافي عدن، وفتح المزادات لبيع الدولار عبر المنصة الدولية، والتي استفاد منها التجار في مناطق الحوثي، وكل تلك الإجراءات حرمت المحافظات الجنوبية من أهم الموارد من العملة الأجنبية، بالإضافة إلى توريد عائدات بيع النفط والغاز إلى بنوك خارج المحافظات الجنوبية، قبل تهديدات الحوثي واستهدافه المنشئآت النفطية الجنوبية، كل تلك الممارسات، أفضت إلى التدهور المخيف للعملة المحلية وتدهور معيشة الناس.

 

* * حلول ومعالجات

وأشار الباحث الاقتصادي الدكتور محمود محمد جباري إلى أن تحسين الوضع الاقتصادي والعملة على وجه الخصوص ينبغي إتباع عدد من الخطوات منها تراجع البنك المركزي عدن عن سياسة التعويم الحر، ونقل كل المراكز الرئيسة للبنوك وشركات الصرافة إلى العاصمة عدن، أو تأسيس مراكز رئيسة لها في عدن، إضافة إلى إتباع الحكومة سياسة اقتصاد الحرب، وتقليص الإنفاق.

وأضاف الدكتور جباري أنه أيضا من الخطوات التي يجب اتباعها لتحسين الاقتصاد عمل ضوابط للحد من نقل العملة الأجنبية إلى خارج المحافظات المحررة، وإعادة سعر الصرف الجمركي إلى ٢٥٠ريالا/ للدولار مع تحسين آلية العمل في ميناء عدن سواء في تفتيش السفن وسرعة التخليص وتقديم الخدمات، مع إلغاء رسوم التأمين على السفن الواصلة إلى ميناء عدن، وأن يكون الوصول مباشرة إليه دون المرور بموان أخرى.

وفي ختام حديث الباحث الاقتصادي الدكتور محمود جباري قال إن الأهم من كل هذه الخطوات هو الجدية بإعادة الشعلة لمصافي عدن، وبهذا تحل مشكلة المتعلقة بالعملة الأجنبية تصل إلى ٧٠٪، وكد تفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، مع هيكلة البنك المركزي عدن والمؤسسات الإيرادية، والضغط على شركات الصرافة التزامها بقانون الصرافة.