الرئيس الزُبيدي: لا سلام في المنطقة في ظل استمرار الإرهاب الحوثي برًّا وبحرًا
التقى الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في مقر إقامته بالعاصم...
قال وزير الخارجية اليمني ورئيس الوفد الحكومي عبد الملك المخلافي، قبل أيام من العودة المفترضة لممثلي أطراف الصراع اليمني إلى مشاورات السلام المقرر استئنافها في الكويت منتصف الشهر الجاري، إن عودة وفد الحكومة لن تتقرر قبل عودة الرئيس عبد ربه منصور هادي من القمة العربية في نواكشوط في 25 من هذا الشهر.
واشترط المخلافي الحصول على ضمانات بالتزام الطرف الآخر، الحوثيون والمؤتمر الشعبي، بالتفاوض على أساس المرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية، ومقررات الحوار الوطني، والقرار الأممي 2216، ووفق جدول زمني محدد.
وهذا التطور الجديد مثال آخر على استمرار تعذر الحل السياسي للنزاع بعد ثلاث جولات من التفاوض، وصعوبة الحل العسكري بعد عام على الحرب، ويبرهن هذا حتى الآن على أن التوصل إلى حلِ سلمي وفقاً للمرجعيات والمطالب التي يتمسك بها كل طرف، يبدو - من وجهة نظر كثيرين - ضرباً من المستحيل وأنه ما من سبيل إلى إنهاء هذا النزاع إلاَّ من خلال حل وسط يعتمد على تبادل التنازلات، ولا يستند بالضرورة على التنفيذ الحرفي لتلك المرجعيات والمطالب.
هذه هي تقريباً القناعة التي توصل إليها عدد من الدول والهيئات الدولية الراعية لمشاورات الكويت، وذلك لأسباب عدة أهمها أن أياً من أطراف هذا النزاع غير قادر لا على حسم الحرب لصالحه وفرض شروطه على طاولة التفاوض، ولا على قبول الهزيمة والاستسلام، أو على تحمل تبعات وتكاليف الاستمرار في هذه الحرب.
ورغم سوء هذا الوضع فإن كل طرف على ما يبدو لا يرغب في أن يرى أي تغيير عليه، ما لم يكن هذا التغيير في مصلحته. بل إن ثمة من يرى أنه لا مصلحة أصلاً لبعض أطراف هذه الحرب أو جميعها في التوصل إلى اتفاق سلام في الوقت الحاضر على الأقل.
ولتوضيح الصورة أكثر - ودون خوض في العوامل الخارجية المؤثرة في الصراع - نقول إن كلاً من أطراف هذا النزاع في الداخل يعاني مأزقه الخاص، الذي يجعله غير قادر على تقديم أي تنازل من أجل الحل السياسي، بل إنه يعتبر ذلك نوعاً من المخاطرة والانتحار.
ويستند هذا التحليل على أن الحوثيين يعتقدون أن لديهم اليوم اليد العليا على الأرض في أغلب محافظات الشمال، وبالتالي فلا شيء يجبرهم على القبول بحلول تنتقص من مصالحهم. وقد رفض محمد عبد السلام رئيس وفد الحوثيين إلى مشاورات السلام في حديث أجريته معه في الكويت "القبول بأي تطبيق انتقائي"، كما قال، للقرار الدولي 2216 الذي يطالب حركته بتسليم السلاح وسحب مقاتليها من المدن والمؤسسات والعودة إلى العملية السياسية التي كانت جارية قبل اجتياح مقاتلي الحركة لصنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014.
وإضافة إلى هذا فإن هناك وضعاً جديداً نشأ الآن في ظل الأمر الواقع مكّن قيادات كثيرة في الحركة، كما قال سياسي يمني قدِم مؤخراً من صنعاء، من "تكوين ثروات طائلة من وراء الاتجار بالسلاح والسوق السوداء للوقود والمؤن الغذائية، وحتى الاستيلاء على بعض الممتلكات العامة والخاصة".
ولهذا فإن الحركة - كما يرى هذا السياسي الذي عاد إلى منفاه الاختياري - "قد لا تكون قادرة على ضبط تصرفات هذه القيادات حتى ولو كانت راغبة بالفعل في التوصل إلى اتفاق سلام بسبب تشبث تلك القيادات بمكاسبها".
ويدلل البعض على ذلك بالانتقادات والتلميحات الساخرة الصادرة عن بعض تلك القيادات تجاه رئيس وفد الحركة إلى مشاورات الكويت محمد عبد السلام بسبب "التفاهمات" الحدودية التي توصل إليها مع السعوديين وإصراره على الاستمرار في مشاورات الكويت رغم عدم جدواها كما يرون.
غير أن هناك من يعتقد أن مأزق الحوثيين الحقيقي إنما يكمن أكثر في أنهم ليسوا في وضع يؤهلهم للانفراد بالسلطة واحتكارها لوحدهم في ظل الظروف القائمة، وليسوا على استعداد للدخول في مشاركة حقيقية مع أي طرفٍ، بما في ذلك حليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي أخذوا يقصون الكثير من أنصاره من وظائفهم ومواقعهم، كما أنهم لا ينوون التخلي عن السلطة على الإطلاق، رغم وعيهم بما تعنيه تكلفة الاحتفاظ بها.
وفي الوقت نفسه فإن عديدين يَرَوْن أن الرئيس السابق علي صالح "لن يجد وضعاً أفضل من هذا القائم للاحتماء في ظله من شبح أي مساس بشخصه أو ثروته أو قواته ومناصريه"، وأن التدخل العسكري للسعودية وحلفائها عمل على تأجيل المواجهة بينه وبين الحوثيين، بل زاد من شعبيته عندما تحول في نظر مناصريه إلى "زعيم" وطني يقف في مواجهة "العدوان الخارجي".
وعلى الرغم من أن صالح لا يزال يمسك ببعض خيوط اللعبة السياسية والتحالفات القبلية ووحدات من قوات الحرس الجمهوري التي تقاتل إلى جانب الحوثيين، لكن مأزقه كما تراه أوساط مقربة منه يتمثل في إدراكه أن وضعاً كهذا لن يظل ممكناً بلا نهاية، وأن التحالف مع الحوثيين تحتمه ضرورات مرحلية قد تنتفي في أي لحظة ليجد نفسه في مواجهة مع الحوثيين أو غيرهم من خصومه الكثيرين في الداخل والخارج وليس تحالفاً استراتيجياً يضمن أمنه ويوفر له الإستقرار على المدى البعيد، وأن إصراره على البقاء على رأس حزب المؤتمر الشعبي العام يضع حزبه في مأزق أيضاً، ويكبح رغبة قيادات كثيرة فيه لأن تلعب "دوراً سياسيا وسطاً" بعيداً عن تورط رئيسه في الصراع العسكري المباشر.
أما الطرف الثالث في هذه المعادلة المعقدة فهو "الشرعية" المعترف بها دولياً التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي، فحكومة هادي لا تزال تحظى بالكثير من الدعم الإقليمي والدولي القوي سياسياً وعسكرياً، لكن هادي يبدو في نظر عديدين الطرف الأضعف في معادلة الصراع نتيجة لضخامة التحديات التي يواجهها.
فحتى الآن لم يعد هادي إلى عدن منذ زمن طويل، ولا تزال مدينة تعز تعاني حصاراً محكماً من قبل الحوثيين لما يزيد على عامٍ تقريباً، وكذلك فإن الوضع في "فرضة نهم" على مقربة 60 كيلومترا من صنعاء لا يزال يرواح مكانه دون تقدم القوات الموالية له.
ويقول سياسي معارض "إن هادي ليس فقط عاجزاً عن فرض الحل العسكري، وعن صنع السلام، لكنه أيضاً قد لا يريد ذلك "لعلمه أنه لن يكون قادراً على العودة إلى صنعاء أو حتى عدن سواءٌ سلماً أو حرباً. والأسوأ من ذلك أن هادي ربما لا يدرك أنه لا يمكنه البقاء رئيساً لسلطة في المنفى إلى ما لا نهاية، سواء في السعودية أم غيرها".