أردوغان يدعو إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات الروسية التركية

تركيا(عدن لنج)متابعات:

دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات الروسية التركية في جميع المجالات، مشيرا إلى دور روسيا الكبير في منطقة الشرق الأوسط.

 

وأشار أردوغان في مقابلة أجرتها معه وكالة "روسيا 24" الروسية قبيل توجهه إلى مدينة بطرسبورغ للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى أن أنقرة تعتبر روسيا وتركيا لاعبيْن رئيسيْن في المنطقة وعليهما تحقيق كثير من الأمور سوية.

 

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

 

س. السيد الرئيس، شكرا لكم على هذه الفرصة لإجراء اللقاء معكم. نلتقي قبل ساعات قليلة من زيارتكم إلى سانت بطرسبورغ، العاصمة الشمالية الروسية، من أجل اللقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكما قال دميتري بيسكوف، السكرتيرُ الصحفي لرئيسِنا، سيركز اللقاء على بحث الخطوات المشتركة لرأب الصدع في العلاقات بين بلدينا، بما فيها تلك المتعلقة بعدد كبير من القضايا كالاقتصاد وسوريا. إذاً سوف يكون مجالٌ للحديث بينكما. هذه هي رؤيةُ الجانب الروسي. وما هو جدولُكم للأعمال؟ وما هي رؤيتُكم للمفاوضاتِ المرتقبة؟

ج. شكرا جزيلا لكم، السيد غوسمان. وأنا ممتن فعلا لمنحِ إمكانيةِ إيصالِ رؤيتِنا التركية في لقائِنا اليوم الذي يجري عشيةَ الزيارةِ المزمعِ إجراؤُها يوم الثلاثاء.

مضت ثمانيةُ أشهر بعد وقوعِ كارثةِ اسقاطِ الطائرةِ الروسية. وخلال هذه الفترة استمر التعاونُ بيننا في عددٍ من الاتجاهات. وكما تعرفون، كنا نخطط – في إطارِ العلاقاتِ الروسية التركية - لرفعِ حجمِ التبادلِ التجاري حتى 100 مليارِ دولار. لكن ظهرت بعضُ الصعوبات عندَ تحقيقِ ذلك الهدف. تم إيقافُ تنفيذِ عدد من أكبرِ مشاريعِنا المشتركة، بما في ذلك بناءُ محطةِ توليدِ الطاقة النووية أككويو(Akkuyu). وأنا متأكد من أنه ستتاح لنا فرصةٌ لمناقشةِ هذا الموضوع بكلِ جوانبه، وسنفتح صفحةً جديدةً في العلاقاتِ الروسيةِ التركية. وستشمل هذه الصفحة التعاونَ في الاتجاهِ العسكري وفي الاقتصادِ والثقافة.

يعتبر بَلدانا لاعبيْن رئيسيْن في هذه المنطقة وعلينا تحقيقُ كثيرٍ من الأمور سوية. هذا سيكون موقفي أثناء زيارتي إلى روسيا الاتحادية. وليس لدي أيُ شك في أن السيدَّ بوتين تحضّر لهذهِ الزيارة في نفسِ السياق، وكان بودي أن استفيدَ من امكانياتِ قناتِكم التلفزيونية لكي أقولَ عن ذلك.

يبدو لي أن هذه الزيارةَ ستفتحُ مرحلةً جديدة في العلاقاتِ الثنائيةِ وبدايةً من الصفر، وأرحب بالسيد بوتين وجميعِ المواطنين الروس من صميمِ قلبي وباسمِ كلِ الأمةِ التركية.

 

س. السيد الرئيس، يسرني، طبعا، أن أسمعَ ذلك منكم. فأشرتم إلى الصفحةِ المأساويةِ في علاقاتِنا والتي تتعلق بمقتلِ طيارِنا. وكما أعرف، أثار هذا المشهد ألماً في قلوبِ جميعِ المواطنينَ الروس، وأنتم تدركون ذلك، السيد الرئيس. وبودي أن أسألَكم بهذا الصدد: حسب رأيكم، من يتحمل المسؤوليةَ وهل سيُعاقَبُ المذنبون؟

ج. لقد أتيح لي مجالٌ لتوضيحِ موقفِنا في الرسالة التي أرسلتها الى القيادةِ الروسية.

وأكدتُ فيها أن هذا الحادثَ أصبح مصيبةً بالنسبة لنا كذلك، حيث انتابَنا حزنٌ عميق. أما المتورطون في ما حصل في الأراضي السورية فتم توقيفُهم وتسليمُهم للعدالة.

والتحقيق لا يزال مستمرا، وكتبتُ عن ذلك في رسالتي. أما الطياريْن فطلبت التحقيقَ في الملابساتِ التي تتعدى قواعدَ ردودِ فعلِنا العادية.

وكما تعرفون، فإن الشخصَ المذنبَ في مقتلِ الطيار الروسي موجودٌ في السجن الآن، ومحاكمتُه مستمرة، واريد التركيزَ على ذلكَ بشكلٍ خاص.

 

س. لقد شهدت تركيا والشعبُ التركي وأنتم شخصيا منذ حين، حادثةً درامية، وهي محاولةُ الانقلاب العسكري الحكومي. تمكنتم، كما أفهم، من إفشالِ التمرد وذلك قبل كلِ شيء اعتمادا على ارادةِ الشعب، واليوم أصبح ذلك واضحا من خلال الاعتصاماتِ الداعمةِ لكم، وكنتم قادرين على إعادةِ الأمن والاستقرارِ إلى تركيا، ومع ذلك اعتُقل عددٌ كبير من الناس، عشراتُ الآلاف ممن اعتقلوا أو ما زالوا قيدَ التحقيق.

كيف تمكنتم في هذه الظروف من إفشالِ التمرد؟ علما أن العددَ الهائل من المعتقلين يدل على أن القوى المعاديةَ للدولة، إن صح التعبير، قد توغلت عميقا في المجتمعِ التركي؟

ج. إن أولئك الذين حاولوا القيامَ بالانقلاب ضد الحكومة والشعب لم يأخذوا بعينِ الاعتبار أمرا واحدا، فقبلِ كلِ شيء، وعلى الرغم من توغلِهم في المؤسساتِ الحكومية والجيش والشرطةِ والمؤسساتِ القضائية، يبقى لدينا عسكريون ورجالُ شرطة لم ينضموا إلى المتمردين.

وكذلك، يوجد لدينا قضاةٌ ومدعونَ عامون لم يقوموا بذلك، والأهمُ من ذلك كله أنه لدينا شعب. إنهم لم يتوقعوا أن لدينا مثلَ هذا الشعب، المستعد ليلقي بنفسِه أمامَ الدبابات إذا اقتضت الحاجة. أنهم لم يأخذوا ذلك بالحسبان. ولم يتوقوا أن ذلك الشعبَ سيبقى صامدا بحزم تحت وابلِ القنابل التي ترميها الطائراتُ والنيران التي تفتحها المروحياتُ ضدَّهم. وقد بلغت حصيلةُ المحاولةِ الانقلابية إلى الآن 240 قتيلا وألفين ومئتي جريح. وحتى الآن هناك جزءٌ من الجرحى في غرفِ الانعاش حيث يستمر علاجُهم. إلا أن حبَّ الوطن واحترامَ الديمقراطية ما زال يغلي في قلوبِهم.

لقد كان الناسُ مستعدين للتضحية ولذلك خرجوا إلى الشوارع، خرجوا نساءً وشيوخا، وإذا نظرتم إلى الشهداءِ فسترون بينهم فتيانٌ وفتيات لا تتجاوز أعمارُهم خمسةَ عشرَ عاما. وفي ظل هذه الأحداث، وفي اليومِ الثاني، اتصل السيدُ بوتين بي، وأشار في سياقِ المحادثة إلى أنه ضد الانقلاب وسيبقى إلى جانبنا. لذا أشكره شخصيا وبالنيابةِ عن الشعبِ التركي برمته على هذا الموقف المبدئي.

وعلى جميعِ زعماءِ العالم أن يكافحوا الخيانةَ والانقلاباتِ والهجماتِ على شعوبهم. والسيد بوتين قام بذلك بسرعةٍ وبدونِ إبطاء. لذلك أعبر مجددا عن تقديري له على ذلك.

 

س. أود أن أتحققَ من شيءٍ آخر في هذا الشأن. أنتم تعلمون أن عددًا من وسائلِ الإعلام في روسيا، وليس فقط في روسيا، نشرت معلوماتٍ مفادُها أن روسيا، وجهاتِها الأمنيةَ على وجه التحديد، حذرت بطريقةٍ أو بأخرى من ذلك، ووفرت معلوماتٍ إلى نظيراتِها في العالم حول الاستعداد لانقلابٍ متوقع. سؤالي هو: ما مدى تطابقِ هذه المعلومات مع الواقع ؟

ج. أنا أسمع ذلك للمرةِ الأولى منكم. لو حصل شيءٌ من هذا القبيل كان يجب إخباري بذلك بادئَ ذي بدء. لم أحصل على معلومةٍ كهذه لا عبر قناة المخابراتِ ولا غيرِها من القنوات. لا نعلم من ولمن وكيف زوّد بهذه المعلومة؟، لذلك أعتقد أن كل هذه الأخبار إشاعاتٌ عاريةٌ عن الصحة.

 

س. توجهت تركيا مرتين، وربما أكثرَ كما أعرف، إلى الولاياتِ المتحدة، بشأن تسليمِ السيد غولن إلى تركيا، الذي يعتبر، حسب علمي، أحدَ المتورطين في محاولةِ الانقلاب. ولكن لا إجابةَ من الولايات المتحدة حتى الآن. كيف ترون طبيعةَ تطورِ العلاقات مع هذا البلد في حال رفض الاستجابةَ لهذا الطلب؟

ج. إذا تعاملنا مع هذا المِلفِ من وجهة النظر هذه فذلك لن يكونَ صائبا. عمليةُ المفاوضات لا تزال مستمرةً في الظرفِ الراهن.

لقد توجهت بهذه المطالبِ للسيدِ أوباما: "عندما طالبتمونا بتسليمِ الإرهابيين نفذنا هذهِ المطالب". زعيمُ منظمةِ "فتح الله الارهابية" (فتح الله غولن) يتواجد على أراضيكم (في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكية) منذ عامِ ألف وتسعِمئةٍ وتسعةٍ وتسعين. للأسف نحن أيضاً قدمنا الدعمَ الكامل له ولجماعته في حينه. كانوا يقولون إنهم ينشطون في حقلِ التعليم، وإنهم يعملون في سبيل مستقبل بلدنا. لكنهم وللأسف امتنعوا عن مواصلة مساعيهم في هذا المجال. كان هذا غطاءهم. ثم رأينا أنهم يسلكون مساراً مغايراً. لقد استشعرت منذ البداية أن ثمةَ شيءٍ غيرُ طبيعي يدور هنا. لقد افتتحوا المدارسَ الخاصة. نشاطاتُهم في هذه المؤسسات التعليمية لم تكن إيجابية، إذ كانوا يعملون بطريقةٍ سلبية. كانت أنشطتُهم تعتمد على أساس أولاً وأخيراً على أرضيةِ الربح المادي. ونحن لم نعرْ ذلك أهميةً تُذكر حينما شغلت موقعَ رئيسِ الوزراء.

بتنا نتعاطى مع هذه المشكلة بجدية أكثرَ ابتداءً من عام ألفين وعشرة، وأقدمنا على محاولاتٍ لإغلاقِ تلكَ المؤسسات التعليمية، ولكن عددَها كان آخذاً في التزايد، لأنهم صاروا يفقدون مصادرَ مهمةٍ للتمويل. في واقع الحال، عندما بدأت هذه المدارس تغلق أبوابها شرعنا بدورنا في التعويض عبر تنظيم دورات أيام العطل. بدأ مواطنونا حضور هذه الدورات بدون انفاق مبالغَ ما، فالكثيرُ منهم فقراء. لقد أنقذنا هؤلاءِ الناس. مهّد ذلك إلى توفيرِ مصدرِ دخلٍ إضافي للمعلمين أيضاً. بصراحة.. الحقيقة تكمن، في أنه وعلى الرغم من مطالبتِنا الولاياتِ المتحدة بتسليم هذا الشخص، إلا أن هذا المطلبَ لا يزال قائماً. هم يقولون، إذا كنتم تعتبرون هذا الشخصَ ارهابياً أرسلوا لنا الوثائق، ونحن سنطلع عليها، ومن ثم سنتخذ الاجراءاتِ الضروريةَ بناءً على الدستورِ الأمريكي. بطبيعة الحال هناك وثائقُ كنا قد بعثناها إليهم. حتى اللحظة أرسلنا حواليّ 85 صندوقاً من الوثائقِ المتعلقة بهذه القضية. وفي المستقبل القريب سيتوجه وزيرُ العدل التركي، وكذلك وزيرُ الخارجية ومبعوثٌ خاص وعددٌ من مدعي الحقِ العام وقضاة ممن يعملون على هذا المِلف، سيتوجهون إلى الولاياتِ المتحدة، وسيطلعون السلطاتِ الأمريكيةَ على المعلوماتِ المتوفرةِ لديهم مباشرة.

 

س. أعلم يا فخامة الرئيس أنكم تولون الكثيرَ من وقتكم لتأسيسِ نظامٍ أساسي جديد في تركيا، الدستور. أنتم تعتبرون المبادرَ للقانون الجديد. ما هو المُتغيرُ الرئيس الذي سيحمله مشروعُ قانونِ الدستورِ الجديد في حال قبل به الشعبُ التركي بناء على مبادرتِكم؟ وكيف سوف يتم في الدستور الجديد التوفيقُ بين تقاليدِ الدولةِ التركية العلمانية من جهة والدينِ الإسلامي من جهة أخرى ؟ كيف ستتم بلورةُ الإسلامِ والعلمانيةِ في هذا الدستور ؟

ج. تعتبر تركيا دولةَ قانون علمانية ديمقراطية واجتماعية. لا أعلم كيف تدركون مفهومَ "العلمانية"، ولكن حسب مفهومِنا فإن العلمانيةَ هي المنظومة التي تضمن لممثل أي طائفة دينية ممارسةَ شعائرِه بحرية. نحن أعلنا ذلك منذ شروعنا بتأسيسِ حزبنا. بمعنى أنه بإمكان المسيحي والمسلم واليهودي مزاولة طقوس دينه دون قيود. 99 بالمئة من سكان تركيا مسلمون. ومن المعروف أن غالبيةَ السكان في روسيا الاتحادية يعتنقون المسيحية. حريةُ المعتقد الديني حقٌ مكفول لكافة مواطني دولتنا، تماماً كما هو الحال في الاتحاد الروسي. هذه الضماناتُ موثقةٌ في دستورنا. في الوقت ذاته لا تعد تركيا دولةً دينية ولا بد من إدراك ذلك جيداً. فبالإضافة إلى الطابعِ العلماني لدولتنا فهي تتمتع كذلك بأسس اجتماعية-ديمقراطية.

لسبب ما يعمل الغربُ على استبدالِ المفاهيم ويلمح إلى محاولات تركيا لتغيير نهجِها العلماني. ولكن هذا غيرُ صحيح البتة. ولقد برهنا عن ذلك عملياً في غضونِ السنواتِ الأربع عشر التي تبوأنا فيها سدةَ الحكم. يجب علينا التصدي لهذه الأحكامِ المسبقة. ومن الخطأ التعاملُ مع تركيا من خلالِ هذا التحامل. المجتمعُ التركي يشهد ذاتِ الاحداث التي تشهدها المجتمعاتُ الأوروبية، ولكن هناك منظومةٌ خاصة للقيم التي يجب أخذُها بعينِ الاعتبار، ولكننا لا نفرضها على كلِ شرائح المجتمع. كلٌ يعيش ويؤمن كما يشاء، ويتصرف على النحو الذي يراه ضرورياً. الدولةُ تضمن هذا الحقَ على أساسٍ دائم. أما في ما يتعلق بمسألةِ الاحترامِ وضمانِ الحقوق الديمقراطية والحريات، فلا توجد دولةٌ واحدة من دولِ الاتحاد الأوروبي يمكن مقارنتُها من قريب أو من بعيد بتركيا.

 

س. السيد الرئيس ، ثمة سؤالٌ آخرَ ، وعلى ما يبدو، حساسٌ بالنسبةِ لتركيا وحادٌ بالنسبة لكم. إنها مسألةُ التسويةِ الكردية. وهذا الموضوع حاضرٌ منذ زمن بعيد ويناقَش من فترة طويلة في المجتمع التركي ، ويناقش في العالم أيضا. قضية التسوية الكردية.

ج. لا أعرف ما تقصده في مفهومِ القضيةِ الكردية. إن مواطنينا الأكراد وأخواني الأكراد ليسوا منضمين الى حزبٍ واحد معين. ويعطي مواطنو بلدي الأكرادَ الغالبية العظمى لأصواتهم الى الحزب الذي أسسته أنا. وتضم الحكومةُ وزراءَ أكرادا. والحركةُ السياسية التي تنسب لنفسِها الزعامةَ في توحيد الأكراد ، جارت للأسف على الشعبِ الكردي وأخرجته الى الشوارع ، وكانت للأسف سبب مصرع ثلاثة وخمسين كرديا من مواطني بلدنا. والقتلى أكراد والذين قتلوهم أكرادٌ أيضا. فمثلا ألقوا بالمواطنِ الكردي ياسين بيريوك الذي كان في الخامسة عشرة من عمره من نافذةٍ في الطابقِ الثالث لشيء واحد فقط وهو أنه وزَّع اللحمَ على الفقراء.

أزور هذه المنطقة أكثرَ من أيِ سياسي آخر. وأقوم بهذا الشيء طوالَ عشراتِ السنين. وعلاقاتي مع مواطني بلدي الأكراد خاصة جدا. ولن يتغير موقفي في المستقبل أيضا. ومن المؤسف أن المستثمرين ورجالَ الأعمال لا يأتون الى المنطقة بسببِ موجة الإرهاب التي يثيرها حزبٌ معروف. ولا يستطيعون التوجهَ الى هناك. لماذا؟، بسبب الإرهابيين. ولكننا ندافع عن المنطقة بفضل العمليات التي نقوم بها. وبعد عملياتِ التطهير بدأنا مرحلةً جديدةً وهي عمليةُ التوسعِ العمراني. وآمل في أن المستثمرين ورجالَ الأعمال سيأتون الى هناك بفضلِ توسيع أراضي المدن وكذلك إجراءاتِ ضمانِ الأمن، وسيستثمرون أموالَهم في المنطقة. وبدأنا في المرحلة الأولى ببناءِ السكن الاجتماعي وتحديثِ البنية التحتية. ويوجد في تلك المنطقة عدد كبير من البلديات التي تدعي بتمثيلِ مصالحِ المواطنين الأكراد. ولكنها جميعا تزود المنظماتِ الإرهابيةَ بالأسلحةِ والأموال. وأسأل: هل أن مثلَ هذا الشيء ممكنٌ في روسيا؟ وهل من شأن القيادةِ الروسية أن تسمحَ بذلك؟ وأن تسمحَ للإرهابيين بممارسةِ نشاطِهم؟ للأسف أنهم يمارسون النشاطَ الإرهابي في بلدنا. وسنواصل محاربتَهم من كلِ بد وسنحاول الحدَّ من نشاطِهم ومن نشاطِ منظمةِ كولن الإرهابية أيضا والتي نحاول استئصالَها. ويعمل الإرهابيونَ معها.

وأنا بحاجة في النضال المشترك ضد الإرهاب في هذه المنطقة الى دعم صديقي العزيز فلاديمير المحترم أيضا. ونحن على استعداد لاتخاذ كلِ الخطواتِ اللازمة في مسألةِ التعاون مع روسيا في هذا الاتجاه.

 

س. السيد الرئيس, لقد أشرتم (ويقال عن ذلك في روسيا أيضا) إلى أن التسويةَ السورية ستكون إحدى أهمِ المواضيع للنقاش خلال زيارتكم لسانت بطرسبرغ. كيف تنظرون إلى حلِ هذه القضية علما بطابعها المعقّد بالنسبةِ لكم ولروسيا ولبقيةِ دولِ العالم؟

ج. أودّ التأكيدَ بصراحة على أن روسيا تُعتبر لاعبا أساسيا وأكثر أهمية في مسألة احلال السلام في سوريا. وأعتقد أنه يتعيّن حل هذه القضية من خلال الخطوات الروسية التركية المشتركة.

وحين يدور الحديث عن زيادة عدد المشاركين في التسوية السورية فلقد سبق لي أن أقول لصديقي العزيز فلاديمير: إذا اقتضى الأمر فسنُشرك إيران. ويمكننا أيضا أن ندعو كلّا من قطر والسعودية والولايات المتحدة. هنا نستطيع أن نشكّل دائرةً واسعةً من المشاركين. وإذا لم يتم ذلك فإننا يمكن أن نتّخذَ بعضَ الخطوات بالتعاون مع روسيا الاتحادية وذلك من دون انتهاكِ وحدةِ الأراضي السورية التي تربطنا بها تسعُ مئةٍ وخمسون كيلومترا من الحدود المشتركة. كما أننا لا نريد تفكّكَ سوريا لكن للحيلولةِ دون وقوع ذلك يجب على بشار الأسد الرحيل، لأنه يتحمّل المسؤوليةَ عن مقتلِ 600 ألفِ شخص. من المستحيل الحفاظُ على سوريا الموحّدة بوجودِ الأسد في السلطة. كما لا يمكننا أن ندعمَ القاتلَ الذي ارتكب جرائمَ إرهابِ الدولة. فليختر الشعبَ السوري بنفسِه من يريد أن يراه في السلطة.

أنا واثقٌ من أننا سوف نُجري مفاوضاتٍ بشأن هذه المسألةِ الحساسة. غير أن هناك إجماعا من قبل مؤتمر جنيف والمعارضة السورية الموجودة هنا على ضرورةِ التسوية من دون بشّار الأسد. وهذه العملية يمكن أن يشاركَ فيها الطرفُ الإيراني أيضا. وعن طريقِ الجهود المشتركة نسعى إلى وقف القتل وانهاءِ إراقةِ الدماء.

 

س. مكافحةُ "داعش" موضوعٌ ساخن بالنسبة لروسيا، وليس سرا أن النضالَ ضد "داعش" يزداد صعوبةً جراء ما يتمتع به التنظيم من إمكاناتٍ اقتصادية كبيرة . فلديهم مثلُ هذه الإمكانات، والضخ المالي، والنفط.. ما الذي يمكن القيامُ به بغيةَ تقويض أساسِ هذه المنظمةِ الإرهابية، هذه الحركةِ الإرهابية، إذا أردتم أن يقضى على تلكَ المداخيل التي يمتلكونها من بيعِ النفط؟ ما السبيل إلى مكافحة "داعش" من هذا الجانب؟

ج. فعلا، هذا أمر هام جدا، أي قطعُ مصادرِ تمويل هذه المنظمة. غير أننا نرى خطواتِنا اللاحقةَ على النحوِ التالي. إذا نظرنا إلى مصدرِ الأرباحِ التي يحصل عليها "داعش" من بيعِ حواملِ الطاقة، نرى أن الحكومةَ السورية هي أحدُ تلكَ المصادر، إحدى الجهات التي تبيع "داعش" لها النفط. سبق أن قيل لي إن هذهِ المعلومات تنطبق على تركيا أيضا. آنذاك، طلبت إبرازَ البراهين على ذلك. ولكن لم يستطعْ أحدٌ إبرازَها. وهذا مستحيل فيما يتعلق بتركيا. كما أن البعضَ أرادوا توريط أسرتي في هذا الموضوع. أثبتوا ذلك.. وعندئذ سأتخلى عن منصبي إذا قدمتم الأدلةَ المناسبة. لقد توجهت إلى أصحابِ هذه التخرصات بالسؤالِ إن كانوا سيتخلون عن مناصبِهم إذا لم يأتوا بالأدلة. ولكن لم يجيبوا.

هناك مَهمةُ قطعِ مصادرِ تمويل "داعش". ولكن هناك مسألةٌ أخرى. من أين يتلقى "داعش" السلاح؟ هذا أمرٌ يستحق الاهتمام. نحن نرى منظماتٍ إرهابيةً مناهضةً لـ "داعش". وطالما كانت هذه المنظماتُ تتلقى مساعدةً بالسلاح، فإن جزءا من هذا السلاح يستلمه "داعش" بذاته. لا وجودَ لإرهابيين سيئين وإرهابيين جيدين. فعلى سبيل المثال "جبهةُ النصرة" انفصلت عن "القاعدة"، ومع ذلك تعمل ضد "داعش"، وتبدي مقاومةً مسلحة في وجهِ هذه المجموعة. أولئك الذي يصفون "جبهةَ النصرة" بالمنظمة الإرهابية لا يعتبرون "الاتحادَ الديمقراطي" حزبا إرهابيا. فعلى أي أساس؟، على أساس أنه يناضل ضد "داعش". وباعتبار أن "جبهةَ النصرة" أيضا تناضل ضد "داعش"، فهي الأخرى يجب ألا تُعتبر منظمةً إرهابية. هذه مقاربةٌ غيرُ صحيحة.. أنتم تزودون بالسلاح "الاتحادَ الديمقراطي" و "وقوات الحماية الذاتية". والكميةُ ذاتها تماما من السلاح تصل في النتيجةِ إلى "داعش". هذه حلقةٌ مفرغة. نحن، البلدانُ الذين يملكان وزنٌ في المنطقة، يجب أن "نوحدَ المعايير"، وأن نضمن السلامَ للناس الذين يعيشون على هذه الأراضي، عبر القضاءِ على جميعِ المجموعات الإرهابية.

 

س. وددت العودةَ إلى العلاقاتِ الروسيةِ التركية. فهي قبل كلِ شيء تتطور في قطاعاتٍ مختلفة، ففي قطاعِ الاقتصاد مثلا يعود الكثيرُ إلى مجمعِ الطاقةِ والمحروقات، وهو يشمل بدورِه الطاقةَ الذرية و "السيلَ التركي" وآفاقَه المحتملة. كيف تقيمون هذه الناحية من علاقاتِنا أي تطويرُ "السيل التركي"؟

ج. بالإجابة على السؤال حول التعاون في مجال الطاقة وددت البَدءَ من مشروع "أكويو" (المحطةِ الكهروذرية). لقد أضعنا الكثيرَ من الوقت. إن الاتفاقَ حولَ "أكويو" يعتبر اتفاقا هاما أُبرم مع روسيا الاتحادية لأن الحديثَ يدور عن الطاقةِ الذرية. وستنتج المحطة أربعةً ونصفَ غيغاواط من الطاقةِ الكهربائية. وهدفُنا هو إتمامُ المشروع وتشغيلُ المحطة. لقد خططنا لإتمامِ المشروع خلال حوالي سبعةِ أعوام. والوقتُ يمضي ونحن حتى الآن لم نبدأْ بالعملِ كما يجب. وخلال هذا الوقت جُهزت مجموعةٌ من المهندسينَ الشباب، لكنهم عادوا إلى وطنهم. فمنذ بدءِ الأحداثِ المعروفة نحن نضيع الوقتَ بشكل دائم. إن رغبتَنا الكبرى تكمن في تجديدِ النقاشات حول هذه المسألة والإنجازِ السريع للمشروع.

أما فيما يخص "السيلَ التركي" فلدينا وجهةُ النظر ذاتها والتي ذكرناها خلال مجلسِ التعاون على المستوى الرفيع بمشاركة فلاديمير المحترم. ولا وجودَ لأيةِ أفكارٍ ضمنية لدينا. فنحن مستعدون بدون تأخير لاتخاذِ الخطواتِ باتجاهِ تحقيقِ هذا المشروع ومناقشتِه واتخاذِ القرارات. ولا توجد أيُ معوقاتٍ لذلك. وكان المعيقُ الوحيد هو الحادثُ الحزين المعروف. وفي الوقت الحالي نحن نستورد الكميةَ الأكبرَ من الغاز من روسيا. وفي هذه المسألة يمكن أن تكونَ لدينا خطواتٌ مشتركة على اعتبار أن تركيا تستخدم بنشاطِ الغازَ الطبيعيَ في الصناعات. والطلبُ يتزايد، وكما هو معلوم لكم فنحن نعمل على مشروعِ أنبوب الغاز العابر للأناضول "تاناب". ولكن باعتبار أن الحديثَ يدور حول توريدِ الغاز إلى أوروبا لذا لدى الأوروبيين توقعاتٌ كبيرة أيضا. ومن خلال إنجازِ "تاناب" و "السيلِ التركي" ستتشكل لدينا صورةٌ مختلفةٌ تماما. فحسب معطياتِ نهاية يوليو/تموز عامَ 2016 يبلغ حجمُ الغازِ الطبيعيِ المستوردِ من روسيا 12.5 مليار مكعب. وهذا يُظهر كم تعتبر تركيا شريكا اقتصاديا هاما. وفيما يخص البضائع المصدرة من تركيا إلى روسيا الاتحادية فيجب علينا أيضا تغييرُ الأوضاع. وكما هو معروف فإن هذه البضائعَ هي غذائية، منتجاتٌ زراعيةُ ولحومُ دواجن.. ولا بد لنا من اتخاذِ خطواتٍ جديدةٍ في هذا الاتجاه.

إضافةً إلى ذلك فإن السياحةَ تُقرِّب بين شعبينا. والآن حدثَ انقطاعٌ جاد في النشاطِ السياحي. وروسيا قد اقتربت عمليا من شغلِ المرتبةِ الأولى من حيثُ عددِ السياح. وكان من الممكن في هذا العام أن تتقدمَ على منافستِها ألمانيا. وأنا واثق أنه لاحقا وبفضل تدفقِ الروس سيتطور تعاونُنا في مجالِ السياحة. إن الدافعَ للتطور تعطيه كذلك الروابطُ الأسريةُ بين الذين يأتون من روسيا إلى تركيا ومن تركيا إلى روسيا، الذين يرتبطون بعقودِ القران.

 

س. ها قد تحدثتم عن السياحة، فخامةَ الرئيس. بالفعل إن تركيا هي المكانُ المحبب للروس، ولا يمكن إخفاءُ أن العددَ الأكبرَ من السياح يتجه إلى تركيا، ولكن لا يُخفى عليكم أن هناك مجموعةً كبيرةً من المشاكل التي ظهرت في مجالِ الأمن، وما زال التخوفُ موجوداً لدى الروس. وبهذا الشأن أعلم بأن تركيا قد اتخذت خطواتٍ ضامنةً لأمنِ السياح الروس المتجهين إلى تركيا، ولكن لدي طلب من حضرتكم كرئيس للبلاد، هل يمكنكم القولُ بثقة بأن السياحَ الروس سيشعرون بالأمنِ والأمانِ في تركيا؟

ج. لقد تحدثت عن ذلك لصديقي العزيز فلاديمير. في الوقتِ الحالي لا توجد أيةُ مشاكلَ خاصة أمام السياحِ الروس في تركيا. فنحن نتخذ كلَ الإجراءاتِ الضرورية في مجال الأمن. وأنا أكدت لصديقي العزيز بأننا سنستمر باتخاذِ هذهِ الإجراءات. فلا سببَ للقلق. فنحن نتخذ بحزم كلَّ الإجراءاتِ اللازمة في هذه المناطق وسنستمر بفعلِ ذلك. وإلى الآن وخلال كلِ الأحداث التي جرت مؤخرا لم يُقتلٍ أيُ سائح. ولم يحدثٍ أيُ شيءٍ من هذا القبيل لأنه تُتخذ من قبلنا إجراءاتٌ جادةٌ في هذا المجال.

فإذا نظرنا إلى ضحايا هذه الأحداث فهم هؤلاء الذين تصدَّوا للدباباتِ والطائراتِ والمروحيات. وحتى اللحظة يعم الأمنُ على المناطقِ الساحلية. والسواحلُ بشكل خاص تنتظر السياح، ولكن الحديثَ يدور ليس فقط عن السياحةِ الساحلية، فكما تعلمون لدينا قطاعٌ واسعٌ من الخدمات في القطاع السياحي: السياحةُ الدينيةُ، والثقافية، وهناك اقتراحاتٌ لمحبي الغولف، والسياحةِ العلاجية. ثمة العديدُ من الأماكنِ السياحية التي تعمل في مختلفِ الفصول. وهناك السياحةُ الجبلية. تركيا تروج لذلك بنشاط. ونحن بصورة خاصة مستعدون لاستقبالِ أصدقائنا من روسيا وننتظرهم بسرور في بلادنا.

 

س. السيد الرئيس، عندي سؤال آخر. يعرف الجميع أنكم مؤيدٌ قويٌ وثابتٌ للتوجه الأوروبي، التكاملُ الأوروبي مع تركيا، ولكن في الوقت ذاته تظهر لدى الاتحادِ الأوروبي، كما أفهم، أسئلةٌ جديدةٌ لتركيا. ولكن في الوضع الحالي لأيِ حدٍ ستبقون مؤيدا ثابتا لانضمامِ تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وما هي الخطواتُ، حسب اعتقادكم، التي يجب اتخاذُها ليُحل هذا السؤال أخيرا؟

ج. لقد بدأنا بعمليةِ المحادثاتِ حول الانضمام إلى الاتحادِ الأوروبي عامَ 1963.. ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن، للأسف لقد مر 53 عاما وما زالوا يحاولون زجَنا في متاهات. وحتى الوقت الحالي قد وصل إلى تركيا من سوريا والعراق أكثرُ من 3 ملايينَ لاجئ. ونحن نقوم بالتعويضِ التام لكلِ النفقاتِ المرتبطة بإيوائهم. وزادت الآن نفقاتُنا برفقةِ المنظماتِ الاجتماعية عن 20 مليارَ دولار. وأوروبا لا تساعدنا، قالوا بأن الدعمَ سيأتي، ولكن حتى الآن لم نَرَهْ. أما المساعدةُ التي وصلتنا من قبلِ الأممِ المتحدة فقد بلغت 500 مليونَ دولار فقط.

وعلى خلفية ذلك تتحمل تركيا ذلك العبء. والدولُ الأوروبية بدورها تخاف: فماذا لو انتقل اللاجئون إليهم؟ وقد قالوا: إنه مع توقيع الاتفاق حول اللاجئين سوف يلغون نظامَ التأشيرات. ولكنهم لم يفعلوا ذلك أيضا. ومنذ بداية يونيو/حزيران (وفي الواقع منذ الأول من يوليو/تموز) كان يجب أن يلغوه ولكنهم لم يفعلوا .. وإلى متى سيستمر ذلك؟ نريد علاقاتٍ صادقة. ففي الوقت الذي نتصرف فيه دائما بضمير لا يُظهر الاتحادُ الأوروبي الشيءَ ذاتَه، ولا يتمسك بكلامه، ونحن نقول لهم: "نفذوا وعودَكم، ودعونا نقوم بخطواتٍ في الوقتِ ذاتِه".

 

س. السيد الرئيس، لم نلتق وإياكم منذ ما يقرب من أربعِ سنوات، وقد أدرجت حوارَنا السابق في هذا الكتاب. أنا أتذكر تلكَ المقابلةَ وقمت بقراءتِها مرةً أخرى قبل لقائي الحالي مع فخامتكم. كان ذلك الحوار يتسم بالهدوءِ الشديد، تحدثتم خلاله عن أمورٍ مسالمة وسلمية وبسيطة بشكل عام، أما اليوم فقد شهد العالمُ تغيراً جذريا، حتى أن هذا الأمرَ يمكن ملاحظتُهُ في ثنايا حوارِنا الحالي. فنحن نتحدث عن مشاكلَ كثيرةٍ جدا، وعن تحدياتٍ جسامٍ تواجهها بلادُكم، بل وكذلك روسيا والعالمُ أجمع. وإذ آمل في أن نلتقيَ مع فخامتِكم مرةً أخرى في القريب. فإن سؤالي هو: ما الذي يجب على تركيا وروسيا والعالم أجمع، من وجهةِ نظركِم، فعلُه كي يعودَ حديثنا المقبل مع فخامتكم لمناقشةِ الأمورِ البسيطةِ الطيبة، ولكي يقل التوترُ في العالم؟ وكيف يتسنى للجميع معا التصدي لهذا الأمر؟

ج. كما ذكرت سابقا، فإن تركيا وروسيا هما بلدان صديقان في المنطقة. بالطبع لدينا بعضُ الخلافات حول قضيةِ تتار القرم. بشأن هذه المسألة قال لي في وقتٍ سابق العزيز فلاديمير (بوتين) أنه ستتم معالجتُها ولا داعي للقلق بخصوصِها. أعتقد أنه من أجلِ التغلبِ على الصعوباتِ القائمةِ في هذا العالم، ينبغي أن نركزَ على التعايشِ السلمي.

فهذا الكوكبُ يتسعُ للجميع. كفى أصواتَ انفجاراتٍ، كفى سباقَ تسلحٍ نووي، كفى تفكيراً في السلاح. دعونا نتوقف عن إنفاقِ الأموال على المجالِ العسكري، بدلا من توجيهِها لتطوير الديمقراطية ولتحقيقِ رفاهيةِ الناس. بالطبع عندما يقوم أحدُ الأطراف بضخِ الأموال في المجمعِ الصناعي العسكري، فإن ذلك يدفع الآخرين الذين لا يملكون مثلَ هذه القدرات إلى التغاضي عن احتياجاتِ شعوبِهم بحثا عن الأموالِ اللازمةِ لمواكبةِ ذلك. نحن بحاجةٍ إلى تصحيحِ هذا الوضع.

لابد أن يصبحَ الإنسانُ هو الهدفُ الرئيس. يجب أن يعيشَ الناسُ في سلام. فالدينُ واللغةُ والعرقُ والثقافة.. إلخ، كلُها أمورٌ يجب أن نقبلَها كما هي، وأن نعيشَ جميعا على الأرض في جوٍ من الودِ والصداقة. لأن كلَ هذه الضجة، وقطعَ العلاقاتِ الثنائية، وتقديمَ كشوفِ الحساب لبعضِنا البعضِ هي أشياءٌ لا تعود علينا بأيِ فائدة وليس فقط، بل وكذا على العالمِ أجمع.  

أنا أرى العلاقاتِ التركيةَ الروسية من منظور مختلف تماما، لأننا نقع على مسافةِ نداءِ الصوت من بعضنا البعض. فإذا صِحت من مكاني هذا، فسوف يُسمع صوتي في سوتشي، وإذا ما نادوني من سوتشي، فإنني سأسمع نداءَهم. فكم نحن قريبينَ من بعضنا البعض! أعتقد أن علينا أن نعملَ سويا على عمليةِ السلام هذه وأن نكونَ مُتحدين ومتضامنين.

في الختام، أود إهداءَ أطيبِ تحياتي القلبية إلى شعبي وإلى الشعبِ الروسي أجمع. نحن في انتظارِ أصدقائِنا الروس، في انتظارِ السياح، كما سنرسل مواطنينا إليكم.

 

الصحفي: أشكركم، السيد الرئيس!

أردوغان (بالروسية) شكراً!

المصدر: "روسيا 24"